نقشت مع ترامب
أسفرت مزحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باللباس الرسمي لبابا الفاتيكان عن نبوءة تحقق نصفها، ليصبح روبرت بريفوست أول أميركي يُنتخب رئيساً للكنيسة الكاثوليكية، تحت اسم لاوون الرابع عشر.
وهكذا نقشت مع ترامب الذي كان يتمنى أن يصبح بابا روما. ذلك كان خياره الأول، على ما صرح ممازحاً سائله.
لكن هذا "الانتصار" الجزئي لترامب، لا يلغي تضارب أمنياته والتباساتها بشأن باقي الملفات الساخنة المتعلقة إن بالاقتصاد الأميركي أو بحلمه ضم كندا إلى ولاياته، أو بسياساته القاسية تجاه المهاجرين إلى بلاده، أو بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلى العلاقات مع الصين والقضية الفلسطينية التي يتولى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مهمة القضاء عليها، بمعزل عن ضغط ترامب على قاعدة "مصالح الولايات المتحدة أولاً"، أو المفاوضات مع إيران بما يتعلق بملفها النووي وصواريخها البالستية وأذرعها المصابة بغرغرينا الهزيمة.
لم تنقش مع ترامب في مسألة الحوثيين، فكل الضربات التي وجهتها الآلة العسكرية الأميركية لا توازي ضربة إسرائيل لمطار صنعاء.
لم تنقش معه في قضية شركة "أبل" مع احتمال فرض رسوم جمركية باهظة على منتجاتها، بعد تراجع ترامب عن سياسة الإعفاءات واستبدالها بسلسلة مفاوضات منفصلة مع الدول والشركات.
ولكن للأمانة الأخلاقية والتاريخية، فالنهج الترامبي الذي يُغَلِّب مفهوم الصفقة انطلاقاً من أولوية المبادئ التجارية، ليس بعيداً عن السياسات الأميركية المعهودة، لكنه يتميز بالصراحة والشفافية، وليس بالباطنية التي كانت تدعم ضمنا الديكتاتوريات في العالم بأسره وليس فقط في منطقتنا، في حين تعلن دفاعها عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ما أضعفَ القوى الإصلاحية، ومنح الأنظمة الاستبدادية شرعية لعقود طويلة.
فالسوابق على هذا الصعيد أكثر من أن تحصى، لتؤكد منحى "الصفقة" والتحالفات الآنيّة، على حساب الشعوب المقهورة. وعن الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل، حدث ولا حرج، سواء قبل عملية "طوفان الأقصى" أو بعدها، والتي تسببت بجرائم ضد الإنسانية لطالما أدانها البابا الراحل فرانسيس.
ولعل الاتفاق النووي مع إيران خير دليل على التهاون بالشعوب التي نكلت بها أذرع الممانعة، ناهيك عن الخطر الإيراني على دول الخليج ليسهل ابتزازها أميركياً من خلال صفقات الأسلحة. هذا عدا التسبب بتنشيط التطرف السني مقابل التهديد الشيعي. وقبل ذلك لا ننسى الانسجام والتنسيق بين الطرفين الإيراني والأميركي بشأن العراق.
واليوم، على الرغم من إقدام ترامب في ولايته الأولى على إلغاء الاتفاق النووي، إلا أن ما تظهره دبلوماسية المفاوضات بين الطرفين، تدل على توجه للانفتاح على الحلّ السلمي مع طهران حول برنامجها النووي، يلحق به انفتاح تجاري يعيد إيران إلى الخريطة الاقتصادية العالمية، وإن بالشروط الأميركية.
باختصار، المهم أن تبقى الولايات المتحدة القوة الوحيدة والأعظم القادرة على الإمساك بخيوط اللعبة، على الأرض كما في الفضاء... سواء نقشت مع ترامب بمزحة أو من دونها.
سناء الجاك -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|