بينها 5 منتخبات عربية.. قائمة المتأهلين إلى كأس إفريقيا 2025
السياحة تعزز انعدام الثقة في مصارف لبنان
فضل معظم الناشطين في قطاع السياحة اللبناني خلال الأشهر الماضية الاحتفاظ بالإيرادات والأرباح في خزائنهم الخاصة بدل ضخها في النظام المالي للبلد بعدما جثمت عليه أزمة خانقة عجز خلالها المودعون عن سحب أموالهم من البنوك.
ودخلت صناعة السياحة في أزمة مركبة بعدما اجتمع عليها، تفجر الأزمة المالية في أكتوبر 2019 ثم المشكلة الصحية العالمية، وأخيرا تداعيات الحرب في أوكرانيا وخاصة فيما يتعلق بالأسعار، مما أفقدها زخمها وأدى إلى خروج الآلاف من سوق العمل بشكل قسري.
ويجمع الخبراء على أن أوضاع القطاع هي المقياس الأول لحالة اقتصاد البلاد، وأن حجم النشاط في قطاعات كثيرة يعتمد على مدى ازدهار الحركة السياحية.
وشهد القطاع، الذي كان يوما ما إحدى ركائز الاقتصاد اللبناني، ركودا منذ العام 2011 حين اندلع الصراع في سوريا المجاورة.
وزادت المتاعب بعد ذلك جراء النزاعات السياسية الداخلية وتحذيرات من دول خليجية إلى مواطنيها من السفر إلى لبنان.
وكشف الخبير الاقتصادي وليد بوسلمان في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الشرق الأحد أن مليارات الدولارات التي دخلت السوق المحلية من السياحة خلال صيف هذا العام لم تمر عبر القطاع المصرفي بسبب انعدام الثقة.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن حملة “أهلا بهالطلة” السياحية التي أطلقتها الحكومة جذبت إلى البلاد قرابة 6.6 مليار دولار خلال الفترة الفاصلة بين يونيو وأغسطس الماضيين، مع قدوم أكثر من 1.6 مليون زائر.
وبحسب وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار فقد غادر من هذه الأموال خلال إطلاقه الحملة الترويجية للسياحة الشتوية نحو 2.5 مليار دولار وبقي حوالي 4.1 مليار دولار “في فلك الاقتصاد اللبناني”.
وقبل الأزمة الراهنة حاول لبنان توجيه أنظاره إلى آخر ملاذات الاقتصاد المتعثر بالرهان على السياحة خاصة بعد أن تقلص أعداد السياح الخليجيين المحرك الأول للقطاع، في خضم أزمات كبّلت انتعاش النمو المحاصر بالتجاذبات السياسية.
وقدر نصار أن تستقطب بلاده نحو 700 ألف زائر للفترة من بداية ديسمبر 2022 إلى منتصف يناير 2023، ما سيولّد للبلد إيرادات تناهز 1.5 مليار دولار.
وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة عانى لبنان من انهيار مالي، عندما تحوّلت عقود من سوء الإدارة والفساد إلى أزمة متزامنة برزت في شكل عجز المصارف عن أداء دورها، وتخلُّف الدولة عن سداد ديونها الخارجية، وانهيار في سعر صرف العملة المحلي وتدهور في معيشة الناس.
ووفق الإحصائيات الرسمية انكمش الاقتصاد اللبناني بواقع 60 في المئة منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، بموازاة امتناع المصارف عن إعطاء المودعين أموالهم بالدولار.
كما فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المئة من قيمتها أمام العملة الأميركية، ليتم تداولها خلال الآونة الأخيرة عند حدود 38 إلى 40 ألف ليرة للدولار في السوق السوداء.
لكن في أكتوبر الماضي توصّل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق تاريخي بشأن ترسيم حدودهما البحرية بمنطقة غنية بالغاز في البحر المتوسط بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية بوساطة أميركية.
وهذه الخطوة ولّدت بارقة أمل للبنانيين بشأن تحسن الوضع الاقتصادي، وإن لم يكن على المدى القريب كون عملية بدء الإنتاج تحتاج إلى ما بين ستة وسبعة أعوام في المتوسط عقب تحديد مكامن الاكتشافات.
ويقول خبراء إن الإيرادات السياحية التي حققها لبنان خلال موسم الصيف تجاوزت ضعف المتوقّع، حيث كانت تُشير إلى بلوغها 3 مليارات دولار كحدّ أقصى، معظمها ناتج عن زيارة المغتربين اللبنانيين المنتشرين حول العالم لبلدهم الأم خلال عطلة الصيف.
ورغم ذلك، فالوضع الاقتصادي لم يشهد تحسنا ملحوظا بالنسبة إلى المواطنين على الأقل. ويقول بوسليمان إن “كل هذه الأموال لم تدخل الجهاز المصرفي، لكن زاد الادخار”.
وأوضح أن الأموال التي جنتها المجالات السياحية، كالفنادق والمطاعم وشركات المواصلات، والمواطنين تم ادخارها ولم تدخل إلى البنوك لأنه “لا ثقة لهم بالجهاز المصرفي”.
وأضاف “لا شك أن إيرادات السياحة حرّكت العجلة الاقتصادية، لكن ليس اقتصاد الدولة، لأن الدولارات لم تدخل في كامل الدورة الاقتصادية”.
ووجّه لبنان أنظاره إلى آخر ملاذات الاقتصاد المتعثر بالرهان على السياحة في خضم أزمات كبّلت انتعاش النمو المحاصر بالتجاذبات السياسية.
كما يبحث عن حلول للخروج من نفق أزماته المالية والاقتصادية والنقدية، منها طرق باب صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي، وإمكانية تعويم العملة المحلية.
وطيلة الأشهر الماضية، تلقت المؤسسات السياحية ضربة بسبب انقطاع الكهرباء عنها بسبب عدم توفر الوقود الذي يشغل المولدات، ما دفع قسما كبيرا منها إلى إقفال أبوابه والتوقف عن العمل.
ومع ذلك قال بلال أرناؤوط مدير مجموعة فنادق لانكستر في بيروت لتلفزيون بلومبرغ الشرق إن “معدل الإشغال في فنادق العاصمة بلغ ما بين 70 و80 في المئة خلال موسم الصيف، وحاليا يتراوح ما بين 50 إلى 55 في المئة”.
واعتبر أن هذه النسبة جيدة بالنسبة إلى موسم الشتاء، وبالمقارنة مع السنوات الأخيرة، مؤكدا أن المؤشرات إيجابية استنادا إلى حجوزات شركات الطيران.
غير أنه في ظل الأزمة السياسية التي تتجلّى في عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد، والاقتصادية بفعل تأخُر إقرار خطة التعافي، والمالية نتيجة جمود المفاوضات مع صندوق النقد، فمن المستبعد تحقيق اختراق، ولو بسيط، في جدار الأزمة.
وتوحي المؤشرات بأن مليارات الدولارات السياحية التي تتدفق إلى السوق المحلية سيكون لها انعكاس محدود على الدورة الاقتصادية، والمواطنين، ومرشّحة لتكون فرصة جديدة ضائعة على اقتصاد البلاد المنهك.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|