"كوتش نواف" واللعب الفردي… والتوفيق بين بول والمكتبة!

حين كُلّف نواف سلام بتشكيل الحكومة، سمعتُ من شخصيّةٍ سياسيّة نظريّةً تقول إنّه من الصعب التوفيق بين بول، وهو العسكري الضخم البنية المرافق لرئيس الجمهوريّة منذ كان قائداً للجيش، والمكتبة الضخمة التي يجلس أمامها سلام في منزله.
يوحي بول بالقوّة. ضخامة الجسد مع هيبة البزّة العسكريّة. توحي المكتبة بسعة ثقافة مالكها. ولكنّ التجربة أظهرت، والفكرة هنا مصدرها أكثر من وزير، أنّ الرئيس جوزاف عون كان أكثر استعداداً للنقاش ولتبادل الأفكار، وتراجَع مراراً عن قراراتٍ حين اقتنع بعدم صوابيّتها. بينما كان سلام أكثر عناداً، وذهب بعيداً في الإصرار على أفكاره، فمُني بأكثر من "خسارة"، لعلّ أبرزها ما حصل عند تعيين حاكمٍ لمصرف لبنان.
ليس صحيّاً أبداً أن يكون "القويّ بدنيّاً" أكثر ليناً من "المثقّف". لعلّها الخبرة تلعب دورها، بين من هو قادم من سنواتٍ وتمرّسٍ في قيادة الجيش، وبين من يتولّى منصباً رفيعاً في لبنان وتركيبته المعقّدة للمرّة الأولى.
هي الخبرة نفسها التي نفتقدها في إدارة شؤون الحكومة التي تبدو اليوم كفريق كرة قدم مدجّج باللاعبين الجيّدين الذين يبذل معظمهم جهداً واضحاً، ويسعون وراء كلّ كرةٍ، ولكنّهم يفتقدون للعب الجماعي ولغياب الخطّة التي يجب أن يضعها المدرب.
فالحقيقة هي أنّ ثلثَي أعضاء الحكومة، على الأقلّ، يبذلون قصارى جهدهم للنهوض بوزاراتهم وتحقيق إنجازاتٍ، على الرغم من الصعوبات الكثيرة، بينما يفتقدون، بشهادة كثيرين منهم، الى خطّةٍ حكوميّةٍ شاملة لتحقيق إنجازاتٍ جماعيّة تخدم مصلحة الوطن والناس.
هنا يكمن المأخذ الأكبر على نواف سلام الذي لم يُحط نفسه بفريقٍ متمرّس في العمل الحكومي والإداري، ليساعده على إعداد خطّةٍ متكاملة، ولا استعان بخبراتٍ قد يجدها في الهيئات الاقتصاديّة أو في مواقع أخرى، بل تأثّر بأجندات محيطين به، مع خلفيّاتٍ حاقدة أحياناً وحساباتٍ سياسيّة.
وإذا كان يُسجّل لسلام أنّه لم يتدخّل في صلاحيّات وزراء، بشهادتهم جميعاً، إلا أنّه مقصّر في متابعة شؤون هذه الوزارات وحثّها على الإنتاجيّة ومساعدتها على إزالة العراقيل من أمامها، وذلك كلّه من ضمن خططٍ تلتزم بمواعيد، لأنّ العمل الوزاري الفردي، كما اللعب الفردي في كرة القدم، نادراً ما يؤمّن فوزاً، خصوصاً أنّ ما ميسي أو رونالدو في الفريق.
على "الكوتش نواف" أن يبدّل الأسلوب، وهذا مطلبٌ وزاريّ وحاجةٌ وطنيّة، قبل أن يتلقّى مرماه أهدافاً، وننتهي بتغيير المدرب، بعد خيبة الخسارة.
داني حداد
خاص موقع Mtv
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|