الصحافة

من الفساد إلى الخطر الصحي: كيف تهدد الأدوية المنتهية الصلاحيّة اللبنانيين؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة ونقص الرقابة الصحية، أصبح شراء أدوية منتهية الصلاحية أو قاربت على الانتهاء في لبنان قضية تهدد حياة المرضى بشكل مباشر. فبينما يثق المواطنون بالصيدليات كمصدر آمن، تتزايد الشكاوى حول وصول أدوية فاسدة إلى أيدي المرضى، ما يفتح الباب أمام أضرار صحية خطرة، من فقدان الفعالية إلى التسمم وأمراض مزمنة.

في هذا الصدد، أعلن الصيادلة في لبنان أن هذه الأدوية تشكّل خطرًا أكبر بكثير من الدواء المزوّر، مطالبين وزارتي الصحة والبيئة بالتدخل العاجل لسحبها وتلفها خارج البلاد.

وتشير التقارير الأخيرة إلى أن معظم الأدوية المعنية كانت مدعومة سابقًا خلال الأزمة الاقتصادية، وعمد بعض الصيادلة إلى تخزينها لبيعها بأسعار أعلى عند رفع الدعم عنها، ما زاد من تعقيد الوضع الصحي وزاد من احتمالية وصول الأدوية منتهية الصلاحية إلى المستهلكين.

أضرار الأدوية منتهية الصلاحية

على الصعيد الصحي

تشكل الأدوية منتهية الصلاحية تهديدًا مباشرًا للصحة العامة، إذ تتراوح أضرارها بين فقدان الفعالية العلاجية إلى التسبب بردود فعل صحية خطرة. فالأدوية التي تجاوزت فترة صلاحيتها قد تفقد قدرتها على معالجة المرض بشكل كامل، ما يزيد من احتمالية تفاقم الحالة الصحية للمرضى، خصوصًا عند تناول مضادات حيوية وأدوية القلب والأدوية المخصصة للأطفال. هذا الانخفاض في الفعالية يجعل الجسم غير قادر على مقاومة العدوى أو السيطرة على الأعراض المرضية، ما يفاقم الحالة ويزيد من فرص التعرض لمضاعفات خطرة.

إضافة إلى ذلك، فإن تحلل المركبات الكيميائية في الأدوية المنتهية الصلاحية قد يؤدي إلى تسمم أو ردود فعل سلبية على المدى القصير والطويل. وقد تظهر هذه التأثيرات على شكل اضطرابات في الجهاز الهضمي، صداع شديد، أو حتى مضاعفات على الكبد والكلى عند التعرض المستمر لهذه الأدوية. في الحالات الأكثر خطورة، يمكن أن تسبب بعض الأدوية المنتهية الصلاحية تأثيرات قلبية أو عصبية غير متوقعة، ما يضاعف المخاطر الصحية على المرضى.

كما تمثل الأدوية المنتهية الصلاحية تهديدًا إضافيًا في ما يتعلق بمقاومة الجراثيم والبكتيريا، خصوصًا عند استخدام المضادات الحيوية. فاستعمال مضاد حيوي فقد فعاليته لا يقتل الجراثيم بالكامل، بل يسمح لبعضها بالبقاء والتطور، ما يؤدي إلى ظهور أمراض مستعصية ومقاومة للأدوية، ويزيد من صعوبة علاج الالتهابات في المستقبل. وهذا بدوره يشكل تهديدًا ليس فقط على الأفراد، بل على الصحة العامة بشكل أوسع، ويستدعي رقابة صارمة وسحب الأدوية الفاسدة فورًا.

الأضرار البيئية

هذا ولا يقتصر خطر الأدوية منتهية الصلاحية على صحة المرضى فحسب، بل يمتد أيضًا إلى البيئة بشكل ملموس. فعند التخلص العشوائي من هذه الأدوية، سواء برميها في القمامة أو تصريفها في المجاري المائية، يمكن أن تتسرب المواد الكيميائية إلى التربة والمياه الجوفية، ما يؤدي إلى تلوث مصادر المياه المستخدمة للشرب والزراعة. كما تؤثر هذه المركبات في النظم البيئية، حيث يمكن أن تتسبب باضطرابات نمو الأسماك والكائنات البحرية، أو تؤدي إلى موت بعض الأنواع. ومن الأخطار البيئية أيضًا أن تصل بعض المضادات الحيوية إلى البيئة، مما يسهم في تطور سلالات بكتيرية مقاومة للأدوية، وهو تهديد مباشر للصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتراكم المواد الكيميائية في التربة، ما يؤثر في جودة المحاصيل الزراعية ويشكل خطرًا على الأمن الغذائي. لذلك، يؤكد الخبراء على ضرورة التخلص الآمن للأدوية المنتهية الصلاحية من خلال برامج مخصصة للتجميع والحرق أو المعالجة في منشآت خاصة، لضمان حماية البيئة والصحة العامة على حد سواء.

جوانب الأزمة في لبنان

تتعدد أبعاد هذه الأزمة في لبنان، حيث تتقاطع المشاكل الاقتصادية مع نقص الرقابة الصحية الصارمة على توزيع الأدوية وسحب المنتهية الصلاحية. فغياب آلية واضحة للتخلص من هذه الأدوية يزيد من احتمال وصولها إلى الصيدليات والمستهلكين، ما يضع المرضى في دائرة الخطر. من جهة أخرى، يواجه الصيادلة صعوبة كبيرة في استرجاع الأدوية المنتهية من الوكلاء أو شركات التوزيع، ما يضعهم بين مسؤولياتهم تجاه المرضى ومتطلبات السوق، وسط غياب إجراءات حكومية واضحة وفعالة لضمان سحب الأدوية منتهية الصلاحية والتخلص منها بطريقة آمنة.

دعوات للحل

في هذا السياق، يطالب الصيادلة وناشطون في مجال الصحة العامة بـتشديد الرقابة على الصيدليات والمستودعات، وسحب الأدوية المنتهية الصلاحية فورًا، والتخلص منها بطرق آمنة خارج لبنان. كما يؤكدون على ضرورة تحديد مسؤوليات واضحة للوكلاء والشركات المصنعة، وتفعيل دور وزارة البيئة لمراقبة آليات التخلص من الأدوية بشكل يضمن عدم تلوث البيئة أو وصول هذه المواد إلى المرضى مرة أخرى.

وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتزايد شكاوى المواطنين، يبقى الوضع الصحي في لبنان على المحك، مع تحذيرات متكررة من خطر الأدوية المنتهية الصلاحية على حياة المرضى. وتبرز الحاجة إلى حلول عاجلة وفعالة لضمان حماية المواطنين وتفادي كارثة صحية محتملة، قبل أن يتحول الوضع إلى أزمة غير قابلة للسيطرة.

شانتال عاصي -"الديار"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا