إقتصاد

"طن الحطب بـ150 دولارا"... العصر الحجري "يجدد شبابه" في لبنان!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

اعتمد الإنسان القديم أي منذ مليوني سنة، على الصّيد لتأمين لقمة عيشه. كان يتنقّل من منطقةٍ إلى أخرى، حسب توافر الغذاء ليكفيه أسبوعًا أو أسبوعين، لينتقل من بعدها إلى مكانٍ آخرَ لجمع النباتات وتأمين غذائه وتدفئته.
هذا ما يسمّى بالعصر الحجري، عندما كانت القبائل تقوم ببناء ملاجئ في المنطقة الأكثر أمانًا وانتعاشًا. وعندما نشعر بالبرد، توقد النّار وتؤمن الحطب ويجتمع ابناء القبيلة من حوله، وعندما تشتدّ العواصف، يفتّشون عن الكهوف هربًا من الشّتاء والثّلج. وبدأ الإنسان القديم بصيد الحيونات الصّغيرة كالطّيور والزّواحف الصّغيرة والسّمك، وتطوّروا فيما بعد باصطياد الحيوانات المفترسة والكبيرة عبر اختراع الأسلحة. وفي الفترة الأخيرة، وتحديدًا في لبنان، جدّد العصر الحجري شبابه، بعد أن أصبح المواطن اللّبناني يعيش تفاصيل ما كان يجري سابقًا، لكنّ الفارق الوحيد أنّه في آخر شهرٍ من عام 2022.

"رجّعونا عالعصر الحجري"، كم مرّة سمعنا هذه الجُملة من أفواه اللّبنانيين في آخر كم سنة؟ هذه ليست دُعابة تُقال بشكلٍ استهزائيّ، هذه فعلًا الحقيقة. ولو أردنا توصيف المشهد كما هو، لكنّا لاحظنا أنّ المواطن اللبناني يعيش أيام المليوني سنة.

يستقيظ الأب صباحًا، ويذهب لتأمين لقمة عيشه لليوم نفسه، لأنّه يئس من التّفكير في المستقبل، وخوفًا من أن تُنهب أمواله في المصارف، بات يعيش يومه بيومه. يحاول تأمين ربطة الخبز، والدّواء لمن يحتاج اليه، والطّعام.


وغالبًا ما تكون الخضر والفاكهة من حديقته. واستطرادًا- عام 2021، ترك العديد من شباب الجامعات اللبنانية دراساتهم، وعادوا إلى ضيعهم لتأمين لقمة عيشهم من خلال الزّراعة، لأنّهم على علم بأنّ الرّاتب لم يتخطّ الـ100 دولار شهريًا.

فكرة الإنسان الصّياد تعزّزت اليوم، لا سيّما بعد عودة الأب أو الرّجل إلى الطّبيعة والعمل في الزّراعة، واصطياد العصافير والسّمك الطّازج لأولاده. أمّا عن التّدفئة، وهو الموضوع الأساس، فيحاولون بشتّى الطّرق تأمين الدفء لبيتهم عن طريق قطع الأشجار والاستفادة من الحطب.

يقول داني مواليد 1995 للدّيار، أنّه ترك الجامعة في بيروت، لأنّ راتب الـ80 دولارا لم يعد يؤمن له لا ايجار المنزل، ولا تدفئته ولا عيشه بكرامة، على حدّ قوله، مؤكّدًا أنّ ضيعته عكّار باتت الحياة فيها أسهل من قبل.

وأردف:" مع تكاثر الأمراض والأوبئة والفيروسات، أصبحت فكرة شراء الخضر والفاكهة من المحالّ أمرٌ غير محبّذٍ، بالإضافة إلى غلاء أسعارها". لذلك، يقوم بزراعة كل ما يخطر في بالكم لتأمين لقمة عيشه ومساعدة أهله في المصروف وما يتبقّى يبيعهم في المنطقة.

ويكمل:" أمّا أنا، وبمساعدة ابنُ عمّي، نقوم بقطع الأشجار في أعالي المنطقة، ولو ممنوعًا، لتأمين التدفئة في الشّتاء".

ويتابع:" طن الحطب اليوم، لا يقلّ عن الـ150 دولارا، ولو كان سنديانًا مثلًا سيصبح الطن الواحد بـ200 دولار، ومورد رزقي اليوم، يشعرني بالأمان أكثر من دراسة إدارة الأعمال في بلدٍ تأكله البطالة".

قصّة داني، ليست الوحيدة أو الأخيرة، بل العديد من طلاب الجامعات تركوا جامعاتهم لأنّ الأزمة الاقتصادية تشتدّ، وسعر صرف الدّولار يتخطّى الـ40 ألف ليرة لبنانيّة.


جالت الدّيار في بعض المناطق اللبنانيّة ومن بينها البربير في بيروت، وعكار في الشمال وزحلة في البقاع، للاطلاع على بعض أسعار وسائل التّدفئة، لنلاحظ أنّه وبشكلٍ أساسيٍ جميعها بالفريش دولار، وبشكلٍ نقديٍّ من دون أي مراجعة لأنّ التّقسيط أو الدّين ممنوع، بالإضافة إلى أنّ البعض منها علينا تقديم طلب قبل شرائها.

1- صوبيا الحطب: يتراوح سعرها بحسب سماكة الحديد وحجمها، ما بين 150 والـ500 دولار

2- مدفأة الغازالعادية : تقريبًا بـ100 دولار، لكنّنا رأيناها بأقلّ من ذلك في البربير


3- مدفأة الغاز المتحرّكة، أي العمود الطّويل التي غالبًا ما نستخدمها في المطاعم: يتراوح سعرها ما بين الـ250 والـ400 دولار، ولو كان حجمها أكبر، طبعًا ستتخطّى الـ600 دولار، وهنا نتكلّم عن استخدامها في القاعات الكبيرة والفنادق المعروفة

4- مدفأة الكهرباء الاقتصاديّة (وهنا نعني التي تُصنع بـ3 شمعات) سعرها تقريبًا 150 دولار، أمّا تلك الكبيرة (أي الـ4 شمعات بالاضافة إلى الخامسة من فوق) بـ450 دولار. لكنّ الطّلب عليها انخفض كثيرًا بسبب التقنين وهيمنة أصحاب المولدات على المناطق وارتفاع الفواتير

5- مدفأة الهواء السّاخن التي ازداد الطّلب عليها كثيرًا، نتيجة عدم قدرة شراء العديد من اللّبنانيين مكنات الرّطوبة، سعر الصّغيرة 60 دولارا ويمكن أن تشتروها بأقلّ من ذلك من مناطق أخرى

6- المدخنة الجاهزة لا تقلّ عن الـ1400 دولار، أما في حال كانت موجودة وأردتم شراء نافذتها المصنوعة من الزجاج ضد الحرارة، فسعرها تقريبًا 50 دولارا.

7- سخان المياه على الغاز الذي يتراوح سعره ما بين الـ250 والـ300 دولار

8- سخان المياه على الحطب الذي يتراوح سعره ما بين الـ200 والـ250 دولارا.

كلّ هذه الوسائل، طبعًا المواطن اللبناني بحاجةٍ ماسّةٍ إليها، ولكنّه يعاني من صعوبةٍ في شرائها بسبب الأزمة الاقتصاديّة وانهيار العملة اللّبنانية وبالتّالي ارتفاع معدّل الفقر في لبنان.


وما أثار دهشتنا، أنّ هنالك وسيلة للتدفئة، الطّلب عليها مرتفع ولكن قليلين من يشتريها وهي الـChauffiere تستخدم من خلال الاستفادة من إمدادات السّخان في المنزل، ليتم وضع صوبيا الحطب في المنزل. سعرها لا يقلّ عن الـ1500 دولار، لكنّها تعطي الدفء للمنزل بأكمله، بالإضافة إلى تدفئة مياه الحمامات والحنفيات بأكملها.

وفي هذا الإطار، يؤكد نقولا الحاج، أحد تجّار وسائل التدفئة في لبنان، أنّ الحركة لا تزال جيّدة كالسّابق، والطّلب على وسائل التّدفئة لا تزال جيّدة، إّلا أنّه من الواضح جدًا انّ غالبيّة النّاس بدأت تفضّل الحطب عن الكهرباء، والغاز على المازوت.

ويضيف:" قسمٌ كبيرٌ من الناس توجه الى الحطب، لأنّ الطن الواحد يكفيهم أسبوعين وأكثر، وبهذه الطّريقة يدّخرون القليل من المال، ولكن المشلكة شمللت الطبقة الفقيرة التي تأثرت بشكلٍ سيىءٍ بهذه الحالة".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا