الصحافة

قصر قريطم: هل يبقى رمزاً وطنياً أم يتحول إلى قاعة دراسية؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن قصر قريطم مجرد بناء في وسط العاصمة بيروت، ولا مجرد جدران وأعمدة، بل هو خلاصة مرحلة من تاريخ لبنان ما بعد الطائف، حيث كُتبت ورُسمت قرارات وخرائط سياسية على مدى عقود. اليوم، يواجه "القصر" عاصفة قانونية وسياسية تطرح سؤالاً مصيرياً: هل يتحول هذا المبنى إلى كلية في حرم جامعي، أم إلى متحف يخلد إرثاً وطنياً؟

هذا القصر، الذي سكنه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتحول إلى أحد مراكز صنع القرار في لبنان خلال فترة ما بعد الحرب، أصبح ساحة لمعركة تمس "الإرث السياسي الحريري". فبعد أن اشترته الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) رسمياً من السيدة نازك الحريري، كحصة لها من الميراث، وتخطط لضمه إلى حرمها الجامعي في بيروت وإطلاق اسم الرئيس الراحل عليه، يقف نجل الحريري، بهاء الحريري، في وجه هذه الصفقة، مدفوعاً برغبة في الدفاع عن فكرة تحويل القصر إلى معلم تراثي وتاريخي مفتوح للعالم.

يُعد الجانب القانوني العقبة الرئيسية في هذه القضية، وليس نقص الإرادة. فصفقة البيع قد اكتملت، وسُجّل العقار رسمياً باسم المشتري الجديد، الجامعة اللبنانية الأميركية. ولا ينص القانون اللبناني على ما يُعرف بـ "حق الشفعة" في حالات الميراث، مما يعني عدم توفّر خيار قانوني تقليدي أمام العائلة للمطالبة باسترداد العقار.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة على تفاصيل الملف عن مسار إجرائي واضح يجب على الجهات المعنية اتباعه. فوزارة الثقافة مدعوة إلى

تشكيل لجنة فنية متخصصة من خبراء الآثار والتاريخ لتقييم القصر وتقدير قيمته التاريخية والتراثية والرمزية، تمهيداً لإصدار قرار رسمي يُصنّفه كـ "معلم تراثي تاريخي وطني"، على غرار تصنيفات سابقة مثل منزل السيدة فيروز أو منزل عائلة رئيس حزب القوات سمير جعجع، مما يحوله إلى ملكية رمزية للدولة محمية قانوناً.

أما على الصعيد القضائي، فلا يزال الملف مجمداً لدى القاضية ماري كلير عبود، التي طلبت أوراقاً إضافية قبل اتخاذ قرارها النهائي. والقرار المتوقع منها إما الرفض إذا وجدت الملف غير مستوفٍ للشروط القانونية، أو إحالته إلى وزير المالية للبَت في الجوانب المالية والاستثمارية المتعلقة بالصفقة.

وعندئذٍ، سيكون وزير المالية أمام خيارين: إما رفض منح ترخيص "زيادة عامل الاستثمار" اللازم لإتمام بيع أي عقار مصنف استثمارياً، مما يعطل إجراءات إتمام الصفقة، أو إحالة الملف إلى مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بشأنه، نظراً لأهميته الوطنية التي تتجاوز الاختصاص الفردي.

أما مجلس الوزراء، فسيكون أمام قرار سيادي، إما بإصدار مرسوم يستملك بموجبه القصر لصالح الدولة اللبنانية، نظراً لأهميته التاريخية القصوى التي تخدم المصلحة العامة، أو برفض منح الترخيص اللازم لإتمام الصفقة، مما يحول دون تحويل ملكيته للجامعة ويحافظ على وضعه الحالي.

إلى جانب هذه الإجراءات الرسمية، يُعتبر دور مؤسسات المجتمع المدني والإعلام محورياً في رفع مستوى الوعي العام بأهمية المبنى كإرث تاريخي وليس مجرد عقار، من خلال الحملات الإعلامية والمنشورات التوعوية، وتحويل القضية من نزاع عقاري بين عائلة وجامعة إلى "قضية رأي عام" وطنية، لتشكيل ضغط شعبي يدفع صانعي القرار إلى اتخاذ الإجراءات التي تحافظ على الإرث الجماعي للبنان.

يأتي هذا في وقت تتصاعد فيه الأصوات المنادية بالحفاظ على هذا الإرث التاريخي الذي يشكل جزءاً من الذاكرة الجمعية للبنانيين، بينما تتمسك الجامعة بحقها القانوني في عقار تم شراؤه بشكل قانوني. وهكذا، تبقى القضية عالقة، لتصبح امتحاناً لإرادة المجتمع والسلطات المعنية في الحفاظ على ذاكرته الجمعية ورموزه التاريخية، قبل أن تتحول إلى مجرد أسماء على واجهات المباني.

علاء خوري - ليبانون فايلز

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا