السجال التركي - الإسرائيلي يتصاعد: "الحرب" ليست مستحيلة
تعدّدت، في الساعات الماضية، عناوين السجال المستجدّ بين أنقرة وتل أبيب. وبرز، في هذا الإطار، ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في القمّة العربية الإسلامية في الدوحة، ومن ثمّ ما أدلى به من تصريحات إلى الصحافيين المرافقين له أثناء عودته بالطائرة إلى أنقرة، إلى جانب تصريحات كان تناول فيها مسألة القدس، واستفزّت رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو. وممّا قاله إردوغان أمام القمّة: «يجب فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل لمحاسبتها على الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين. وإذا لم يحصل ذلك، فلن يردع شيء إسرائيل عن مواصلة هجماتها».
ووفقاً لما ورد من تعليقات في الإعلام التركي، سعى إردوغان إلى التمايز - ولو قليلاً - عن نظرائه، بالدعوة إلى فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل؛ علماً أن تركيا نفسها تواصل تجارتها مع الكيان، إنْ بصورة مباشرة أو غير مباشرة. كذلك، رأى المعلّقون الأتراك، في خطاب إردوغان ودعوته إلى فرض مثل هذه العقوبات، «رسالة موجّهة إلى العرب، وليس إلى إسرائيل». وفي هذا الجانب، اعتبر مراد يتكين، أن «الأنظمة العربية الثرية هي المُستهدفة مباشرة بتلك التصريحات»، مضيفاً أنه من السذاجة توقُّع استجابة الدول العربية لذلك.
وفي حوار مع الصحافيين المرافقين له في طريق العودة من قطر إلى إسطنبول، قال إردوغان إن معركة تركيا الدبلوماسية ضدّ إسرائيل ستتواصل في كل المجالات، مؤكداً أن «سيناريو أرض الميعاد الذي تعمل عليه إسرائيل لا مشروعية له»، وأن «نتنياهو يقود شبكة إجرام على قَرابة مع هتلر. وستكون عاقبته مثل عاقبة هتلر»، مذكّراً بأن الصهيونية «أيديولوجيا خطيرة مرتبطة بالفاشية والإرهاب».
في المقابل، برزت تصريحات لنتنياهو، استهدف فيها مواقف سابقة للرئيس التركي حول القدس، حين قال، في عام 2020، إن «القدس مدينتنا وهي مدينة خاصة بنا»، وإن «المسجد الأقصى وقبة الصخرة رموز مقدّسة بالنسبة إلى العالم الإسلامي، والقدس مدينة عاش فيها الفلسطينيون منذ آلاف السنين»، متعهّداً، في حينه، بمتابعة قضية القدس حتى النهاية. وفي حوار تلفزيوني أجراه، الإثنين الماضي، روى نتنياهو أنه في عام 1998، استضاف في إسرائيل رئيس وزراء تركيا في حينه، مسعود يلماز، وكيف أن الحوار بينهما كان جيداً، بينما كانا يجولان في معالم في مدينة القدس.
وفجأةً، قال نتنياهو ليلماز إنه في المتاحف الإسرائيلية توجد قطع أثرية عثمانية كثيرة، يمكن يلماز أن يختار أيّاً منها أو حتى كلّها، وبالمبلغ الذي يريد، في مقابل أن تعطي تركيا لإسرائيل قطعة أثرية حجرية كُتب عليها اسم الملك حزقيا قبل 2700 عام، عُثر عليها في نفق تحت المدينة، وموجودة في تركيا. لكنّ يلماز رفض ذلك، وأشار إلى أن في إسطنبول موجة إسلامية صاعدة بتأثير من رئيس البلدية (رجب طيب إردوغان)، وأن هذه الشريحة من المجتمع التركي ترفض إعطاء لوحة، زعم نتنياهو أنها تُظهر أن القدس كانت مدينة يهودية قبل 2700 عام.
وبعدما روى رئيس وزراء العدو تلك الحادثة، قال: «الآن، بعد 2000 عام، استعدنا مدينتنا، واستعدنا استقلالنا، وأسّسنا دولة ذات سيادة، وجيشاً»، وأضاف، موجّهاً كلامه إلى إردوغان: «هذه مدينتنا يا سيد إردوغان. ليست مدينتك. بل مدينتنا، وستبقى مدينتنا الى الأبد ولن تتقسّم مرّة أخرى». وجاء الردّ التركي على ذلك على لسان الناطق باسم «العدالة والتنمية»، عمر تشيليك، الذي قال إن «كلام رئيس شبكة الإبادة، نتنياهو، في حقّ رئيس جمهوريتنا، هو بحكم غير الموجود، وهذا الكلام يشكّل جريمة إبادة جديدة في حقّ الإنسانية»، لأن «ادّعاء نتنياهو أنه يملك القدس، هذيان وتهديد للبشرية. ويجب أن تردّ البشرية جمعاء على هذا الكلام».
في هذا الوقت، يتواصل الجدل في تركيا حول احتمال أن تكون الأخيرة هي المُستهدَفة تالياً بعد قطر؛ ووفقاً لعبد القادر سيلفي، في صحيفة «جمهورييات»، فإن «تركيا في عين العاصفة الآن، وإسرائيل تعدّ لاستهدافها». لكنّ تركيا «لا تشبه أيّ دولة أخرى، وإذا شعرت بتهديد جدّي، فلن تنتظر، وستبدأ هي بضرب إسرائيل. فتركيا دولة صاعدة في المنطقة والعالم ولن تسمح لأحد بوقف صعودها، فيما إسرائيل دولة آخذة في التراجع» بحسب ما قال، مضيفاً أن «تركيا انتصرت في سوريا، وعلى إسرائيل أن تأخذ العبر من ذلك، فيما إسرائيل هي في الجانب الخاسر».
وتابع: «إذا اندلعت الحرب بين تركيا وإسرائيل، فستكون وفقاً للشروط التركية وأحكامها، وليس وفقاً للأجندة الإسرائيلية. وفي حال خوض مثل هذه الحرب، فلن تتوقّف من دون أن تستولي أنقرة على القدس». واعتبر سيلفي أن «على تركيا ألّا تخوض الآن حرباً في المنطقة، بل أن تعزّز نفوذها ووجودها في سوريا والعراق ولبنان. فأمن أنقرة لا يبدأ من أنقرة، بل من بيروت ودمشق وبغداد». وانتهى إلى القول إن «إسرائيل، بالتعاون مع جماعة فتح الله غولين، تحاول جرّ تركيا إلى فخّ وبدء الحرب معها الآن».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|