لقاء عون - روبيو: من التصعيد الى التفهم؟
في سياق محلي قلق، إقليمي متوتر، ودولي متسارع، أتى لقاء رئيس الجمهورية بوزير الخارجية الأميركي، بمشاركة توم براك ومورغان اورتاغوس، ليشكل محطة استراتيجية مفصلية في مسار العلاقات اللبنانية - الأميركية، فاتحا الباب أمام مقاربة أكثر صراحة وحسماً من قبل واشنطن للملف اللبناني.
فاللقاء، الذي تزامن مع تصريحات "حادة" للموفد الأميركي ضد "السلطة اللبنانية"، واتهامه لها بعدم الجدية في قراراتها، جاء ليؤكد أن واشنطن انتقلت من مرحلة "التحذير السياسي والديبلوماسي" إلى مرحلة "الضغط المباشر" على الدولة اللبنانية، عبر تحميلها مسؤولية تنفيذ التزاماتها، عاكسا رغبتها في إعادة رسم قواعد الاشتباك السياسي والأمني في لبنان.
علما ان لقاء عون - روبيو يتقاطع مع تحركات أميركية أوسع في المنطقة، في إطار مقاربة جديدة لمرحلة ما بعد غزة، حيث تحاول واشنطن إعادة ترتيب الأولويات لبنانيا، بدءاً من تثبيت وقف النار، مروراً بإعادة تفعيل لجنة الميكانيزم.
ففيما تطرح تساؤلات كبيرة في الداخل اللبناني حول قدرة الدولة فعلياً على الاستجابة لهذه الضغوط، تبرز "اللقاءات النيويوركية" كاختبار جدّي لموقف لبنان الرسمي: فإما أن تشكل مقدّمة لتفاهمات جديدة تؤسس لمرحلة استقرار داخلي مدعوم دولياً، أو تفتح الباب أمام تصعيد أكبر قد يشمل الأمن والاقتصاد.
اوساط لبنانية في واشنطن، كشفت ان اهمية اللقاء بالوزير روبيو هي "معنوية"، فالاخير غير مطلع على تفاصيل الملف اللبناني، كما انه لا يملك مفاتيح الحل والربط فيه، في ظل الارتباط المباشر لكل من براك واورتاغوس بدوائر البيت الابيض، وتحديدا الرئيس ترامب، ومستشاره المؤقت للامن القومي ستيف ويتكوف.
واشارت الاوساط، الى ان اللقاءات التي تجري عادة على هامش المؤتمر السنوي للامم المتحدة، تبقى في الاطار البروتوكولي، اكثر مما هي عملية، ذلك ان الفريق الرئاسي الاميركي الفاعل في القرار لا يكون حاضرا او مشاركا، حيث يبقى لقاء الرئيس ترامب هو الاساس، والذي يحمل رسائل سياسية، وهو ما لم يوفق الفريق اللبناني في تامينه رغم كل المحاولات والوساطات التي جرت.
مصادر متابعة عن قرب للاتصالات التي يجريها رئيس الجمهورية في نيويورك، كشفت ان الوفد اللبناني، حاول تسجيل اكثر من هدف استراتيجي، متوقفة عند النقاط التالية:
- محاولة التخفيف من حدة تصريحات براك، اذ جاء اللقاء ليعكس محاولة لبنانية، للتخفيف من وطأة الرسائل القوية والتحذيرية التي وجهها توم براك، لا سيما تلك المتعلقة بـ "حدود صبر" الإدارة الأميركية، التي واجهها رئيس الجمهورية بالطلب من روبيو دعم الجيش اللبناني وفرض التزام إسرائيل باتفاق وقف الأعمال العدائية وتطبيق القرار 1701، ما يضع المطالب اللبنانية في سياق دولي ومحوري أمني.
- ترسيخ الدور الأميركي "كضامن أمني"
رغم تصريحات براك، حيث سعى اللقاء لتثبيت موقع الولايات المتحدة كضامن أمني وسياسي رئيسي للبنان في مواجهة التحديات الإقليمية، خاصة مع إسرائيل، وهو ما عبر عنه طلب عون ضمانات بالتزام إسرائيل، ما يؤكد أن بيروت لا تزال تعول على النفوذ الأميركي للضغط على تل أبيب و تثبيت الهدوء جنوباً وتطبيق القرار 1701، وهو ما رد عليه روبيو بتاكيد استمرار الدعم، مطمئنا القيادة اللبنانية بأن مساعدة الجيش اللبناني واستقرار البلاد مستمران، رغم التحذيرات من تراخي بيروت.
- محاولة ربط مساري الأمن و الاقتصاد، حيث سعى الموقف اللبناني، من خلال طلب عون المساعدة في عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، إلى ربط المسار الأمني بالمسار الاقتصادي، بهدف،
خلق حافز داخلي وخارجي للالتزام بالاستقرار الأمني، من جهة، وإظهار أن معالجة الأزمة اللبنانية تتطلب حلاً شاملاً وليس فقط التركيز على ملف السلاح، من جهة ثانية.
وختمت المصادر بان التكتيك اللبناني، واجهه موقف أميركي متوازن وحذر، عبر عنه حضور السفير توم براك الاجتماع، في اشارة الى أن رسائله لم تكن شخصية أو غير رسمية تماماً، بل تمثل موقف الادارة الحذر والمطالب بخطوات لبنانية عملية داخلية، تحديداً فيما يخص حصر السلاح.
في الخلاصة، حمل لقاء الرئيس اللبناني بالمسؤولين الأميركيين أكثر من دلالة، اذ سعت بيروت، من خلاله، إلى إعادة ترميم القنوات السياسية مع واشنطن والتخفيف من وطأة التصريحات التصعيدية، فيما اطلقت واشنطن رسائل واضحة بأنّ دعم الجيش اللبناني مشروط بإجراءات ملموسة تجاه ضبط الحدود، حصر السلاح.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|