لليوم الثاني على التّوالي .. السّويداء بلا طحين والأزمة تتفاقم
ميليشيا فوق الدولة: صور قيادات حزب الله على صخرة الروشة مع هتافات "شيعة شيعة"...هجوم على بيروت نفسها
كتب المحرر السياسي:
في ليلٍ أراد البعض أن يحوّله إلى احتفالٍ حزبيّ، استيقظت بيروت على منظرٍ غريب عنها: صور قيادات حزب الله تُسقَط على صخرة الروشة، أيقونة المدينة وجزء من ملكِ جميع اللبنانيين. هذا الفعل لم يكن تذكارًا لذكرى فقط؛ بل رسالة قسرية مفادها أن قوة مسلّحة تضع بصمتها على قلب العاصمة، وتتحدّى قرارات الدولة ومشاعر سكانها.
الرد الرسمي كان واضحًا: رئاسة الحكومة أصدرت تعميمًا يحظر استخدام الأمكنة العامة دون إذن مسبق، وكان هناك استياء رسمي ومحلي من محاولة تحويل معلم مدني إلى منصة دعائية لحركة مسلحة. هذا ليس نزاعًا حول حرية تعبيرٍ محض؛ بل محاولة لتطويق المساحة العامة بهويةٍ طائفية لا تمثل سوى شريحة من اللبنانيين.
ما جرى في الروشة ليس حدثًا منعزلاً بل جزءٌ من نمطٍ طويل: ميليشيا تسعى إلى إظهار سيطرتها الرمزية على العاصمة عبر استعراض القوة والإعلام. عندما تُرفع صور قادة مسلحين على معالم وطنية، تتحول المدينة من فضاء عام إلى مسرحٍ لصراعٍ طائفي يُقوّض هوية الدولة ويحاصر المواطن العادي بين منطقَي «نحن» و«هم». هذه أساليب ليس لها علاقة بالسياسة المدنية، بل هي أدوات لفرض واقعٍ بديل على حساب سيادة القانون.
لا يمكن تجاهل خلفية هذا التصرف: سوابق التحقيقات والمحاكم الدولية التي أدانَت عناصرٍ من هذا التيار في قضايا اغتيالات سياسية كبرى، لم تُنهِ الجدل حول مسؤولية القيادة أو عزلتها عن القرار العسكري والسياسي.
والمضحك والمستهجن هنا أنها زجت بصورة رفيق الحريري التي أداناتهم المحكمة الدولية بقتله، كما نجله سعد الذين كانوا سببًا مباشرًا بتعليقه العمل السياسي بما يظهر النفاق بأعلى مستوياته.
ما يريده أبناء بيروت ليس مواجهة مع أي طائفة، بل استعادة المدينة كفضاء يتّسع للجميع بلا هيمنةٍ ميليشياوية. مطالبتنا ليست شعارًا في الهواء: المطالبة واضحة ـ حماية الأمكنة العامة من تحويلها إلى منابر حزبية مسلحة، احترام قرارات الدولة الإدارية والقضائية، ووقف كل محاولة لترسيخ منطق «دولة داخل الدولة». على السياسيين والمؤسسات القضائية والأمنية التحرك بحزم لتطبيق القوانين التي تصون الحقوق العامة وتمنع استغلال الرموز الوطنية لأهداف أحادية ومثيرة للتوتر.
الصمت أو التساهل يواطئان عملية تطويق المدينة بخطابٍ يختصر الوطن في شعاراتٍ ميليشياوية. على كل مهتمٍّ بالوطن أن يرفع صوته دفاعًا عن حياد الأماكن العامة، وعن حقّ كل لبناني في عاصمةٍ لا تُفرض عليه مظهرُها ولا تُسرق منه رموزها. لبنان لن ينتصر إلا إذا عادت الدولة ومؤسساتها لتتصدى لأي مشروعٍ يختزلها إلى مجرد ساحةٍ لصراعٍ مسلح رمزي.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|