الصحافة

ثقة اللبنانيين في حكومتهم تقفز 46 نقطة: استطلاع "غالوب" يرصد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا أفاد بأنّ ثقة اللّبنانيّين بحكومتهم قفزت بمقدار 46 نقطةٍ مئويّة مقارنةً بالعام الماضي، وذلك بعد أشهرٍ من انتخابِ رئيسٍ جديد وتشكيلِ حكومةٍ جديدة ووقفٍ هشٍّ لإطلاقِ النّار مع إسرائيل، وفقًا لاستطلاعٍ صدر يوم الخميس. وتمثّل هذه القفزة إحدى أكبر الطّفرات في التأييد لحكومةٍ ما خلال الأعوام العشرين التي تُجري فيها "غالوب" استطلاعها العالمي.

 

خلفيّة: من انسدادٍ سياسيّ إلى تبدّلٍ في المزاج العامّ

قبل عامٍ واحد فقط، كان من شبهِ المستحيل توقّعُ نظرةٍ متفائلة. فقد كانت البلاد، الغارقة في أحد أسوأ المآزق السّياسيّة في العالم، من دونَ رئيسٍ لأكثر من عامَيْن، فيما دمّرت الحرب بين إسرائيل و"حزب الله"، الجماعةُ المدعومةُ من إيران والحزبُ السّياسيّ، مناطق واسعة وقلّصت الوصولَ إلى الخدمات الأساسيّة. كما فجّر انفجارُ مرفأِ بيروت عام 2020، الذي أودى بحياةِ 218 شخصًا وأصاب الآلاف، موجاتِ غضبٍ وتظاهراتٍ ضدّ عجزِ الحكوماتِ اللّبنانيّة المتعاقبة.

يوافق اليومَ أكثرُ من ستّةٍ من كلّ عشرةِ لبنانيّين بالغين (62%) على أداءِ قيادةِ البلاد عمومًا، ارتفاعًا من 16% في عام 2024، وفقًا للاستطلاع الذي أُجري في مايو ويونيو. وعلى وجهِ التحديد، بلغت نسبةُ تأييدِ الرّئيسِ جوزيف عون 81%، فيما سجّل رئيسُ الوزراء نواف سلام 56%. وقد انتُخبا كلاهما في يناير.
في المقابل، لا يوافق 35% من البالغين على قادةِ البلاد، وهو انخفاضٌ بنحو 40 نقطةٍ مقارنةً بعام 2024. وتشير النّتائجُ إلى أنّها المرّةُ الثّانية فقط خلال عشرين عامًا من استطلاعات "غالوب" التي يسجّل فيها قادةُ لبنان نسبةَ تأييدٍ أعلى من عدمِ التّأييد.

 

منهجيّة العيّنة وتحفّظات

أوضحت "غالوب" أنّ باحثيها، الذين قابلوا 1002 بالغٍ وجهًا لوجه، لم يتمكّنوا من الوصول إلى مناطقَ وصفتها بأنّها "خاضعةٌ للسّيطرةِ الصّارمة من حزب الله"، وتمثّل "نحو 10% من البلاد". وقال جاي لوشكي، المديرُ الإقليميّ لـ"غالوب" في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، في إشارةٍ إلى المقيمين في تلك المناطق حيث "لم يكن الباحثون مُرحَّبًا بهم في السابق": "من المُرجّح أن تكون الغالبيّةُ الكبرى من هؤلاء المستجيبين من الشّيعة، لكن ليس جميعهم؛ فهناك، على سبيل المثال، أقليّاتٌ مسيحيّة في بعضِ تلك المناطق بدرجةٍ محدودة".

 

علاقة مُلتبسة مع "حزب الله" وإشاراتٌ لحصر السّلاح

أقامت القيادةُ اللّبنانيّةُ الجديدة علاقةً دقيقةً مع "حزب الله". فقد وافق الحزب على انتخابِ عون رئيسًا وسلام رئيسًا للوزراء بعد سلسلةِ نكساتٍ خلال العام الماضي، فيما قضت حربٌ قاسيةٌ مع إسرائيل على معظمِ قيادته العليا ودمّرت قاعدتَه—وأطلقت العنانَ لهجماتٍ إسرائيليّةٍ مدمّرةٍ على لبنان. كما خسر الحزبُ طريقَ عبورٍ أساسيًّا عبر سوريا لإعادةِ التزوّد من إيران بعد سقوطِ نظامِ الأسد في ديسمبر.
وأرسل كلٌّ من عون وسلام إشاراتٍ إلى وجوبِ احتكارِ الدّولةِ للسّلاح. ففي أغسطس، اتّخذ مجلسُ الوزراء قرارًا، قاطعه وزراءُ "حزب الله"، بتكليفِ الجيشِ اللّبنانيّ وضعَ خططٍ لنزعِ سلاحِ جميعِ الجهاتِ غيرِ الرّسميّة في لبنان، ما أثار غضبَ نعيم قاسم، نائبِ الأمينِ العامّ لـ"حزب الله". وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الشّهر، سلّمت عدّةُ فصائلَ فلسطينيّة في لبنان ثلاثَ شاحناتٍ مُحمَّلةً بالأسلحة إلى الجيشِ اللّبنانيّ.

 

توزيعُ التّأييد طائفيًّا

يحظى عون بغالبيّةِ تأييدٍ عبر جميعِ المجموعاتِ الدّينيّة التي شملها استطلاعُ "غالوب": 91% من المسيحيّين، 87% من الدّروز، 78% من المسلمين السُّنّة، و52% من المسلمين الشّيعة أقرّوا بقيادته. وعون—وهو جنرالٌ وقائدُ القوّاتِ المسلّحةِ اللّبنانيّة—نال إشادةً واسعة بعدما تعهّد بمحاربةِ الفساد وقال إنّه "لن يتسامحَ مع أيّ وجودٍ مُسلّحٍ في لبنان خارجَ إطارِ الدّولة".
أمّا سلام، فيحظى بغالبيّةِ التأييد لدى جميعِ المجموعات باستثناءِ المسلمين الشّيعة، إذ لا يوافق على أدائه منهم سوى 11 في المئة. 

 

لماذا تبدّل المزاج؟

يرى كريم إميل بيطار، أستاذٌ في جامعةِ القدّيس يوسف في بيروت، أنّ اللّبنانيّين يتفاعلون إيجابًا مع خططِ الحكومةِ الجديدة لضمانِ حقِّ الدّولةِ في احتكارِ السّلاح على امتداد البلاد. ويضيف: "لقد تفاعلت شرائحُ واسعةٌ من الرّأيِ العامّ اللّبنانيّ إيجابًا في البداية، لأنّ هذه هي المرّةُ الأولى منذ عام 1969 و"اتّفاق القاهرة" السّيّئِ الذِّكر التي تحاول فيها الحكومةُ اللّبنانيّة السّيطرةَ على كاملِ أراضيها".
وبعيدًا عن ترسانةِ "حزب الله"، يشير بيطار إلى أنّ الشّعبيّةَ المُستجدّة للحكومة تعود أيضًا إلى أكثرَ من عامَيْن من فراغٍ رئاسيٍّ وإلى حكومةٍ سابقة "كان يُنظرُ إليها على أنّها عاجزةٌ عن تنفيذِ أيّ إصلاح". ويوضح أنّ الوزراءَ الجُدد الذين يتألّف منهم الفريقُ الحكوميّ الحاليّ يملكون خبراتٍ مهنيّةً في حقولهم—خلافًا لوزراءَ سابقين كانوا مجرّدَ مُعيَّنين سياسيّين—فيما كان سلام رئيسًا سابقًا لمحكمةِ العدلِ الدّوليّة. ويقول: "إنّهم يُمثّلون أحزابًا تقليديّة، لكنّهم يحاولون ضمن حقائبهم الوزاريّة وضعَ بعضِ الإصلاحاتِ المُلحّة مثل استقلاليّةِ القضاء وإعادةِ هيكلةِ المصارف".

 

المال والمصارف: ثقةٌ شبه معدومة

على الرّغم من تنامي الثّقةِ بالحكومة، فإنّ ثقةَ اللّبنانيّين بالمؤسّساتِ الماليّة لا تزال تقارب أدنى مستوياتِها التّاريخيّة عند 4%—وهي أسوأُ نسبةٍ في هذا المؤشّر بين جميعِ الدّول التي شملتها استطلاعات "غالوب".
ويشرح فؤاد دبس، وهو محامٍ يُقدّم خدماتِ مؤازرةٍ مجّانيّةً للمودعين، أنّ السّبب يعود إلى غيابِ الإصلاح في القطاعِ المصرفيّ، حيث لا يزال معظمُ المودعين محرومين من مدّخراتهم بعد ستّ سنواتٍ على أزمةِ 2019 الماليّة في لبنان. ويضيف: "اليوم كنتُ مع سيّدةٍ في المصرف تطلبُ منهم أن يُعيدوا لها بعضًا من مالِها الخاصّ لتتمكّن من معالجةِ أسنانها". إذ لا يستطيع المودعون سحبَ أكثرَ من بضعِ مئاتٍ من الدّولارات شهريًّا، ويُضطرّون إلى دفعِ رسومٍ باهِظة، فيما تقول جمعيّةُ المصارف في لبنان إنّ المؤسّسات لا تملك سيولةً كافيةً لردّ أموالِ عملائها.

يبقى السّؤال مطروحًا عمّا إذا كانت الحكومةُ قادرةً على الحفاظِ على هذا التّأييد. فحَتّى الآن، لم تنجح في استقطابِ تعهّداتٍ كبرى بالمساعداتِ والاستثمارات—الضّروريّة لجهودِ إعادةِ الإعمار بعد الحرب—من جيرانِها الأثرياء في الخليج. ويقدّر البنكُ الدّوليّ أن صراعَ "حزب الله" مع إسرائيل كبّد البلاد نحو 14 مليار دولار من الأضرارِ الماديّة والخسائرِ الاقتصاديّة، فيما تُقدَّر تكاليفُ إعادةِ الإعمار بـ11 مليار دولار إضافيّة.
ويقول دبس إنّ وتيرةَ الإصلاحات بطيئة: "لقد تدهورت فعليًّا حياةُ الناس؛ فهم لا يستطيعون الوصولَ إلى حاجاتهم الأساسيّة، سواءُ الرّعايةُ الصّحيّة أو الكهرباءُ والماء"، مضيفًا: "أمّا في ما يخصّ المصارف، فلم تُحَلّ المشكلة".
ومع ذلك، ارتفعت الثّقةُ بنزاهةِ الانتخاباتِ اللّبنانيّة عام 2025 إلى 45%، بعد أن كانت 17% في عام 2024. ويرى بيطار أنّ الاختبارَ الحقيقيّ لشعبيّةِ الحكومة سيأتي العامَ المقبل خلال الانتخاباتِ النيابيّة، متسائلًا: "هل سيكونون قادرين على إجراءِ هذه الانتخابات في موعدِها، رغم أنّ البلاد لا تزال مُحتلّةً جزئيًّا، وتُقصف كثيرًا، وفي ظلّ استقطابٍ حادٍّ وتدخّلٍ مستمرٍّ لعدّة دول، من الولايات المتحدة إلى إيران والسعوديّة؟".

 

ضغطُ الميدان: ضرباتٌ لا تهدأ

تُفاقِم التّحدّياتِ الضّرباتُ الإسرائيليّةُ المستمرّة على لبنان، التي ظلّت شبهَ يوميّةٍ على الرّغمِ من وقفِ إطلاقِ النّار المُتَّفقِ عليه في نوفمبر من العام الماضي. فحتى مع تنديدِ القادةِ اللّبنانيّين بهذه الضّربات، تُصرّ إسرائيل على أنّها تستهدف بنيةَ "حزب الله" التّحتيّة.
ويختم بيطار: "تحظى الحكومةُ بشعبيّةٍ نسبيّة بين الذين كانوا يتوقّعون إصلاحات، والذين أرادوا فتحَ صفحةٍ جديدة، والذين يرون في الرّئيسِ ورئيسِ الوزراء شخصيّتَيْن تأتيان من خارجِ المنظومة". ويُضيف: "لكن هذا لا يعني إطلاقًا أنّ غالبيّةً ساحقةً من اللّبنانيّين راضية. فمعظمُهم، يمكن القول، قلقون جدًّا من احتمالِ استئنافِ الأعمالِ العدائيّةِ الإسرائيليّة".

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا أفاد بأنّ ثقة اللّبنانيّين بحكومتهم قفزت بمقدار 46 نقطةٍ مئويّة مقارنةً بالعام الماضي، وذلك بعد أشهرٍ من انتخابِ رئيسٍ جديد وتشكيلِ حكومةٍ جديدة ووقفٍ هشٍّ لإطلاقِ النّار مع إسرائيل، وفقًا لاستطلاعٍ صدر يوم الخميس. وتمثّل هذه القفزة إحدى أكبر الطّفرات في التأييد لحكومةٍ ما خلال الأعوام العشرين التي تُجري فيها "غالوب" استطلاعها العالمي.

 

خلفيّة: من انسدادٍ سياسيّ إلى تبدّلٍ في المزاج العامّ

قبل عامٍ واحد فقط، كان من شبهِ المستحيل توقّعُ نظرةٍ متفائلة. فقد كانت البلاد، الغارقة في أحد أسوأ المآزق السّياسيّة في العالم، من دونَ رئيسٍ لأكثر من عامَيْن، فيما دمّرت الحرب بين إسرائيل و"حزب الله"، الجماعةُ المدعومةُ من إيران والحزبُ السّياسيّ، مناطق واسعة وقلّصت الوصولَ إلى الخدمات الأساسيّة. كما فجّر انفجارُ مرفأِ بيروت عام 2020، الذي أودى بحياةِ 218 شخصًا وأصاب الآلاف، موجاتِ غضبٍ وتظاهراتٍ ضدّ عجزِ الحكوماتِ اللّبنانيّة المتعاقبة.

يوافق اليومَ أكثرُ من ستّةٍ من كلّ عشرةِ لبنانيّين بالغين (62%) على أداءِ قيادةِ البلاد عمومًا، ارتفاعًا من 16% في عام 2024، وفقًا للاستطلاع الذي أُجري في مايو ويونيو. وعلى وجهِ التحديد، بلغت نسبةُ تأييدِ الرّئيسِ جوزيف عون 81%، فيما سجّل رئيسُ الوزراء نواف سلام 56%. وقد انتُخبا كلاهما في يناير.
في المقابل، لا يوافق 35% من البالغين على قادةِ البلاد، وهو انخفاضٌ بنحو 40 نقطةٍ مقارنةً بعام 2024. وتشير النّتائجُ إلى أنّها المرّةُ الثّانية فقط خلال عشرين عامًا من استطلاعات "غالوب" التي يسجّل فيها قادةُ لبنان نسبةَ تأييدٍ أعلى من عدمِ التّأييد.

 

منهجيّة العيّنة وتحفّظات

أوضحت "غالوب" أنّ باحثيها، الذين قابلوا 1002 بالغٍ وجهًا لوجه، لم يتمكّنوا من الوصول إلى مناطقَ وصفتها بأنّها "خاضعةٌ للسّيطرةِ الصّارمة من حزب الله"، وتمثّل "نحو 10% من البلاد". وقال جاي لوشكي، المديرُ الإقليميّ لـ"غالوب" في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، في إشارةٍ إلى المقيمين في تلك المناطق حيث "لم يكن الباحثون مُرحَّبًا بهم في السابق": "من المُرجّح أن تكون الغالبيّةُ الكبرى من هؤلاء المستجيبين من الشّيعة، لكن ليس جميعهم؛ فهناك، على سبيل المثال، أقليّاتٌ مسيحيّة في بعضِ تلك المناطق بدرجةٍ محدودة".

 

علاقة مُلتبسة مع "حزب الله" وإشاراتٌ لحصر السّلاح

أقامت القيادةُ اللّبنانيّةُ الجديدة علاقةً دقيقةً مع "حزب الله". فقد وافق الحزب على انتخابِ عون رئيسًا وسلام رئيسًا للوزراء بعد سلسلةِ نكساتٍ خلال العام الماضي، فيما قضت حربٌ قاسيةٌ مع إسرائيل على معظمِ قيادته العليا ودمّرت قاعدتَه—وأطلقت العنانَ لهجماتٍ إسرائيليّةٍ مدمّرةٍ على لبنان. كما خسر الحزبُ طريقَ عبورٍ أساسيًّا عبر سوريا لإعادةِ التزوّد من إيران بعد سقوطِ نظامِ الأسد في ديسمبر.
وأرسل كلٌّ من عون وسلام إشاراتٍ إلى وجوبِ احتكارِ الدّولةِ للسّلاح. ففي أغسطس، اتّخذ مجلسُ الوزراء قرارًا، قاطعه وزراءُ "حزب الله"، بتكليفِ الجيشِ اللّبنانيّ وضعَ خططٍ لنزعِ سلاحِ جميعِ الجهاتِ غيرِ الرّسميّة في لبنان، ما أثار غضبَ نعيم قاسم، نائبِ الأمينِ العامّ لـ"حزب الله". وفي وقتٍ سابقٍ من هذا الشّهر، سلّمت عدّةُ فصائلَ فلسطينيّة في لبنان ثلاثَ شاحناتٍ مُحمَّلةً بالأسلحة إلى الجيشِ اللّبنانيّ.

 

توزيعُ التّأييد طائفيًّا

يحظى عون بغالبيّةِ تأييدٍ عبر جميعِ المجموعاتِ الدّينيّة التي شملها استطلاعُ "غالوب": 91% من المسيحيّين، 87% من الدّروز، 78% من المسلمين السُّنّة، و52% من المسلمين الشّيعة أقرّوا بقيادته. وعون—وهو جنرالٌ وقائدُ القوّاتِ المسلّحةِ اللّبنانيّة—نال إشادةً واسعة بعدما تعهّد بمحاربةِ الفساد وقال إنّه "لن يتسامحَ مع أيّ وجودٍ مُسلّحٍ في لبنان خارجَ إطارِ الدّولة".
أمّا سلام، فيحظى بغالبيّةِ التأييد لدى جميعِ المجموعات باستثناءِ المسلمين الشّيعة، إذ لا يوافق على أدائه منهم سوى 11 في المئة. 

 

لماذا تبدّل المزاج؟

يرى كريم إميل بيطار، أستاذٌ في جامعةِ القدّيس يوسف في بيروت، أنّ اللّبنانيّين يتفاعلون إيجابًا مع خططِ الحكومةِ الجديدة لضمانِ حقِّ الدّولةِ في احتكارِ السّلاح على امتداد البلاد. ويضيف: "لقد تفاعلت شرائحُ واسعةٌ من الرّأيِ العامّ اللّبنانيّ إيجابًا في البداية، لأنّ هذه هي المرّةُ الأولى منذ عام 1969 و"اتّفاق القاهرة" السّيّئِ الذِّكر التي تحاول فيها الحكومةُ اللّبنانيّة السّيطرةَ على كاملِ أراضيها".
وبعيدًا عن ترسانةِ "حزب الله"، يشير بيطار إلى أنّ الشّعبيّةَ المُستجدّة للحكومة تعود أيضًا إلى أكثرَ من عامَيْن من فراغٍ رئاسيٍّ وإلى حكومةٍ سابقة "كان يُنظرُ إليها على أنّها عاجزةٌ عن تنفيذِ أيّ إصلاح". ويوضح أنّ الوزراءَ الجُدد الذين يتألّف منهم الفريقُ الحكوميّ الحاليّ يملكون خبراتٍ مهنيّةً في حقولهم—خلافًا لوزراءَ سابقين كانوا مجرّدَ مُعيَّنين سياسيّين—فيما كان سلام رئيسًا سابقًا لمحكمةِ العدلِ الدّوليّة. ويقول: "إنّهم يُمثّلون أحزابًا تقليديّة، لكنّهم يحاولون ضمن حقائبهم الوزاريّة وضعَ بعضِ الإصلاحاتِ المُلحّة مثل استقلاليّةِ القضاء وإعادةِ هيكلةِ المصارف".

 

المال والمصارف: ثقةٌ شبه معدومة

على الرّغم من تنامي الثّقةِ بالحكومة، فإنّ ثقةَ اللّبنانيّين بالمؤسّساتِ الماليّة لا تزال تقارب أدنى مستوياتِها التّاريخيّة عند 4%—وهي أسوأُ نسبةٍ في هذا المؤشّر بين جميعِ الدّول التي شملتها استطلاعات "غالوب".
ويشرح فؤاد دبس، وهو محامٍ يُقدّم خدماتِ مؤازرةٍ مجّانيّةً للمودعين، أنّ السّبب يعود إلى غيابِ الإصلاح في القطاعِ المصرفيّ، حيث لا يزال معظمُ المودعين محرومين من مدّخراتهم بعد ستّ سنواتٍ على أزمةِ 2019 الماليّة في لبنان. ويضيف: "اليوم كنتُ مع سيّدةٍ في المصرف تطلبُ منهم أن يُعيدوا لها بعضًا من مالِها الخاصّ لتتمكّن من معالجةِ أسنانها". إذ لا يستطيع المودعون سحبَ أكثرَ من بضعِ مئاتٍ من الدّولارات شهريًّا، ويُضطرّون إلى دفعِ رسومٍ باهِظة، فيما تقول جمعيّةُ المصارف في لبنان إنّ المؤسّسات لا تملك سيولةً كافيةً لردّ أموالِ عملائها.

يبقى السّؤال مطروحًا عمّا إذا كانت الحكومةُ قادرةً على الحفاظِ على هذا التّأييد. فحَتّى الآن، لم تنجح في استقطابِ تعهّداتٍ كبرى بالمساعداتِ والاستثمارات—الضّروريّة لجهودِ إعادةِ الإعمار بعد الحرب—من جيرانِها الأثرياء في الخليج. ويقدّر البنكُ الدّوليّ أن صراعَ "حزب الله" مع إسرائيل كبّد البلاد نحو 14 مليار دولار من الأضرارِ الماديّة والخسائرِ الاقتصاديّة، فيما تُقدَّر تكاليفُ إعادةِ الإعمار بـ11 مليار دولار إضافيّة.
ويقول دبس إنّ وتيرةَ الإصلاحات بطيئة: "لقد تدهورت فعليًّا حياةُ الناس؛ فهم لا يستطيعون الوصولَ إلى حاجاتهم الأساسيّة، سواءُ الرّعايةُ الصّحيّة أو الكهرباءُ والماء"، مضيفًا: "أمّا في ما يخصّ المصارف، فلم تُحَلّ المشكلة".
ومع ذلك، ارتفعت الثّقةُ بنزاهةِ الانتخاباتِ اللّبنانيّة عام 2025 إلى 45%، بعد أن كانت 17% في عام 2024. ويرى بيطار أنّ الاختبارَ الحقيقيّ لشعبيّةِ الحكومة سيأتي العامَ المقبل خلال الانتخاباتِ النيابيّة، متسائلًا: "هل سيكونون قادرين على إجراءِ هذه الانتخابات في موعدِها، رغم أنّ البلاد لا تزال مُحتلّةً جزئيًّا، وتُقصف كثيرًا، وفي ظلّ استقطابٍ حادٍّ وتدخّلٍ مستمرٍّ لعدّة دول، من الولايات المتحدة إلى إيران والسعوديّة؟".

 

ضغطُ الميدان: ضرباتٌ لا تهدأ

تُفاقِم التّحدّياتِ الضّرباتُ الإسرائيليّةُ المستمرّة على لبنان، التي ظلّت شبهَ يوميّةٍ على الرّغمِ من وقفِ إطلاقِ النّار المُتَّفقِ عليه في نوفمبر من العام الماضي. فحتى مع تنديدِ القادةِ اللّبنانيّين بهذه الضّربات، تُصرّ إسرائيل على أنّها تستهدف بنيةَ "حزب الله" التّحتيّة.
ويختم بيطار: "تحظى الحكومةُ بشعبيّةٍ نسبيّة بين الذين كانوا يتوقّعون إصلاحات، والذين أرادوا فتحَ صفحةٍ جديدة، والذين يرون في الرّئيسِ ورئيسِ الوزراء شخصيّتَيْن تأتيان من خارجِ المنظومة". ويُضيف: "لكن هذا لا يعني إطلاقًا أنّ غالبيّةً ساحقةً من اللّبنانيّين راضية. فمعظمُهم، يمكن القول، قلقون جدًّا من احتمالِ استئنافِ الأعمالِ العدائيّةِ الإسرائيليّة".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا