الصحافة

"اسرائيل الكبرى" أم "تركيا الكبرى"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لماذا قتل "الاسرائيليون" السيد حسن نصرالله، وبتلك الكمية الهائلة من المتفجرات التي تكفي على الأقل  لتدمير جزيرة منهاتن، قلب المال والثقافة في أميركا، وبالسنوات الطويلة من الاعداد المتعدد الجوانب، ما جعل مئير دوغان، الرئيس السابق "للموساد"، يصف العملية بكونها الأكثر تكلفة والأكثر تعقيداً في التاريخ...

السيد الذي قاد المقاومة في جنوب لبنان، قد تمكن من اجتثاث أي أثر للاحتلال، كان اغتياله لازالة أي يد ترفع في وجه المغول الجدد، دون أن نتصور نوعية الكلام المهين بحقه، ودون أي ذكر "لاسرائيل" بنظرتها الجنونية والتوراتية للبنان والمنطقة، حتى أن هناك بين مسؤولي الدولة ذهب الى أبعد من ذلك، بتضخيم صورة التظاهرة المحدودة لكشافة المهدي، واضاءة صخرة الروشة بصورة السيد حسن نصرالله  لدقائق فقط، ما أحدث ردة فعل بزيادة عدد المتظاهرين، ولكن دون حصول أي حادث أمني على الاطلاق (هل كان الأميركيون ضد التظاهرة السلمية، أو يتجاهلون الامتداد الشعبي لحزب الله، لتكون لديهم ردة فعل على ذلك؟)

ندرك مدى الحساسية التي تحكم العلاقات بين السنّة والشيعة (ولكن حتى بالنسبة لفلسطين و"لاسرائيل"؟). ولكن هل صخرة الروشة أرض سنية، أو أرض شيعية، أو أرض مارونية،  للوقوف في وجه تظاهرة رمزية، وفي مناسبة حزينة، ليكون ذلك الضجيج للحصول على هزة رأس من هذا البلاط أو ذاك؟

رئيس الجمهورية جوزف عون تحدث بأسى عن المناسبة، وقيادة الجيش لم تجد أي مبرر للتدخل، الذي أمام تلك اللحظات العاطفية، يمكن أن يؤدي الى صدام دموي لا يعرف أحد الى أين يودي بالبلاد، وان كان معلوماً أن هناك جهات خارجية وداخلية تنظر تلك الساعة لتفكيك لبنان أو لازالة لبنان، وحين يعلن بنيامين نتنياهو أمام الملأ، العمل لاقامة "اسرائيل الكبرى"، وحتى "اسرائيل العظمى"، التي قد تمتد الى ما هو أبعد من لبنان وسوريا والأردن، واقتطاع أجزاء من العراق ومصر وحتى تركيا.

لا تتصوروا أن مصالح القوى الداخلية والخارجية  المعادية لحزب الله، على تناغم أوكسترالي في ما بينها. هناك من يراهن على انشاء كانتونات (مقابر) طائفية، كامتداد للنموذج السوري الذي في رأس أركان الائتلاف، وهناك من يرى الحاق لبنان بـ"بلاد الشام"، الأمر الوارد أميركياً وبقوة، ودائماً تحت سلطة الخليفة في قصر يلدز، وبعدما لاحظنا حالة العشق بين دونالد ترامب ورجب طيب اردوغان في نيويورك، لنقول لمن يعنيهم الأمر، لا سيما الى أشقائنا في الخليج، تنبهوا الى مصيركم في ضوء رقصة التانغو بين الرئيس الأميركي والرئيس التركي، وحيث كان الاتفاق على كيفية احتواء الشرق الأوسط، بعدما ضاع بنيامين نتنياهو بين وحول ونيران غزة.

بطبيعة الحال، لم يكن بالحدث العادي ابلاغ ترامب لبعض القادة العرب رفضه الحاق الضفة بالدولة العبرية، بعدما كان قد أعلن تعهده بفعل ذلك، ما يطرح أسئلة كثيرة حول موقع كل من نتنياهو واردوغان في أجندة البيت الأبيض، وافساح المجال أمام ترامب للعب التكتيكي بين الرجلين، خصوصاً بعد وضع اردوغان رئيس الدولة في سوريا، وحتى الدولة في سوريا، بين يدي الرئيس الأميركي. في هذه الحال، هل تحل "تركيا الكبرى"  محل "اسرائيل الكبرى"، ما دمنا ندرك أي نوع من البراغماتية أو الزبائنية يتحكم بأميركا، ما يحمل اليوت أبرامز على دق ناقوس الخطر من سقوط أميركا في الشرق الأوسط. ربما في العالم.

لم يعد خافياً على أحد، أن قادة عرب سألوا ترامب خلال لقاء نيويورك، اذا كان لمصلحة بلاده تفجير وخسارة مصر، وتفجير وخسارة الأردن، بل وبتفجير وخسارة الشرق الأوسط، اذ من من يضمن الاّ يؤدي ترحيل فلسطينيي غزة والضفة، حين لا تكون هناك دولة عربية تستطيع أن تتحمل تبعات النكبة الثانية، التي لا بد أن تكون أكثر هولاً، اذا أخذنا بالاعتبار أن ذلك يندرج في اطار مشروع "اسرائيل الكبرى".

حيال تلك الاحتمالات المروعة، ومع اقتناعنا باستحالة انفكاك العلاقات الايديولوجية والاستراتيجية بين واشنطن و"تل أبيب"، ما حال كبار بعض المسؤولين عندنا حين يتوقف خيالهم (السياسي) الخلاق، عند اصطناع أزمة لدى احياء ذكرى كارثية مرت بها البلاد، أو جزء من البلاد، ما دامت أوصالنا مقطعة على ذلك النحو، فقط من أجل الحصول على عطف الأوصياء ، الذي لا بد أنهم سخروا من ضحالة ذلك الخيال.

أما وقد لاحظنا حرارة لقاء الرئيس دونالد ترامب بالرئيس السوري أحمد الشراع، ودون حصول لقاء مماثل مع الرئيس اللبناني جوزف عون، وهذا له دلالاته بالنسبة الى المرحلة المقبلة، وهي المرحلة التي قد تقرع فيها الطبول (أي طبول؟) عندما نكون الحجارة ـ الحجارة البائسة ـ على رقعة الشطرنج، وبرهان بعض القوى على أن عملية عسكرية "اسرائيلية" ضد لبنان يفرش أمامها الطريق لا الى قصر بعبدا، وقد يتحول الى فندق بخمسة نجوم بين غابات الصنوبر، وانما الى الكانتون الطائفي، الذي اما أن يتحول الى لاس فيغاس أو الى غيتو...

دائماً هذه نقطة ضعفنا، نصف دولة  أو لادولة، ودون بناء أي استراتيجية وطنية، لا دفاعية  وهي الخدعة الكبرى. مرة أخرى الرهان على الأوصياء أو على الأولياء أكثر من أي وقت مضى، نحن في حال البقاء واللابقاء، حين نكون في ظل ساسة بعضهم برؤية رجال دولة، وبعضهم لا يصلح "لادارة جحر جرذ عجوز"، كما قال الفرنسي ميشال دوبريه في نهاية الجمهورية الرابعة، في أي جمهورية نحن؟ اللاجمهورية...؟؟

نبيه البرجي - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا