الحاكم يعد بعودة التسليف والمصارف تنتظر الضمانات
في موقف جديد فرضته ربما أجواء المشاورات مع وفد رجال الأعمال الفرنسيين الذي زار لبنان مستطلعاً فرص العمل والاستثمار، توقع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد أمام أكثر من 40 شخصية فرنسية وفي حضور عدد من رجال الأعمال اللبنانيين عودة التسليفات في السنة المقبلة، مرتكزاً في ذلك على الأرجح على احتمال كبير في إنجاز مشروع قانون الفجوة المالية، الذي سيتيح في حال إقراره قبل نهاية العام كما توقع سعيد أن يطلق مسار إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق القانون الذي أقر لهذه الغاية. ذلك أن إقرار القانونين سيطلق ورشة إصلاح المصارف وتهيئة المليئة منها لاستعادة دورها في عملية الإنعاش الاقتصادي والتسليف المصرفي، وهو الدور الذي غاب عن المصارف منذ اندلاع الأزمة عام 2019. فمنذ ذلك التاريخ، جمدت المصارف عشرات المليارات من الودائع بالدولار وتوقفت عن منح القروض والتسليفات على كل المستويات، بما فيها القروض الشخصية. وتفاقمت الأزمة بعد إعلان الدولة في آذار 2020 تخلفها عن سداد ديونها السيادية، فيما شهدت المصارف خلال كل هذه الفترة عمليات سداد قروض لمؤسسات كانت على شفير الإفلاس على سعر الصرف الرسمي أو اللولار، ما ساهم في تعميق حجم الفجوة المالية من أموال المودعين، والتي قدرت بما لا يقل عن 35 مليار دولار من التسليفات التي سددت باللولار. وبنتيجة ذلك توقفت المصارف كلياً عن التسليف، والعمليات التي تسجل تخضع لكفالات مكلفة، فيما تفرض الدولة شروطاً على التسليف بعدما توقفت عن القبول بالكفالات واشترطت على المصارف الالتزام باستعدادها لمنح قروض للفائزين بالصفقات.
دون العودة إلى حركة التسليف الطبيعية مجموعة معوّقات، منها ما يفرضه الوضع الاقتصادي والاستثماري الهش في البلاد الذي لا يشجع التوظيفات والاستثمارات، ومنها لجوء غالبية أصحاب رؤوس الأموال اليوم إلى التوظيف المحلي للكاش من دون المرور بالمصارف بسبب غياب الثقة. وهذا ما يفسر ربما طفرة المطاعم والمؤسسات السياحية والليلية وصالونات التجميل والرياضة وغيرها. والواقع أن غياب الثقة بات ينطبق على المصارف تجاه العملاء وليس العكس بعد تجربة تجارة الشيكات التي راجت كثيراً في الأعوام القليلة الماضية. ذلك أن المصارف تطالب وتصر على تعديل قانون النقد والتسليف في ما يتعلق ببند التسليف ليصبح السداد بالعملة التي يتم الاقتراض بها.
في المنطق الطبيعي للتسليف، يجب أن يكون من الودائع وليس من رأس المال، كما هي الحال الآن حيث بعض المصارف التي تسعى إلى تفعيل التسليفات لاستعادة حصتها من السوق، تعتمد في قروضها على أموالها الخاصة.
يبقى أن العائقين الأكبر أمام عودة التسليفات يكمنان في: أن تعميم المصرف المركزي الرقم 723 والقاضي بتنظيم عمليات التسليف، يحظر على المصارف والمؤسسات المالية منح عملائها قروضاً أو تسهيلات جديدة من أي نوع كانت بالدولار الأميركي، بمعنى آخر، يحظر عليها توظيف الودائع بالـ"فريش" لديها وذلك بسبب الرغبة في زيادة حجم الودائع على نحو يوحي بعودة الثقة. ولكن يمنع استعمال هذه الودائع.
الحاجة إلى القوانين والتشريعات التي تحمي المستثمر كما المودع كما المصرف على السواء. والورشة التشريعية لم تكتمل بعد. وفي هذا المجال، تطالب المصارف بضمانات لم يقدمها تعميم المركزي، قبل العودة إلى التسليف انطلاقاً من حاجتها إلى الإطار التشريعي الذي يضمن لها عدم العودة إلى تجربة استخدام المقترضين للأموال القديمة لسداد تسليفاتهم الجديدة.
سابين عويس - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|