الصحافة

استبداديون رحلوا عن لبنان ولكن دولتهم العميقة "الوفيّة" لا تزال تحكمه...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يمكن لأي أجنبي أن يسخر من اللبنانيين بشدّة، وله الحقّ الكامل في ذلك مع الأسف، عندما يدقّق ببعض أنواع الفساد والإقطاع... الموجود في الدولة اللبنانية حالياً، ويدرك أنه فساد وإقطاع موروث من الحقبة العثمانية، ومن فترة الانتداب الفرنسي، ومن صيغة 1943، ومن حقبة الاقتتال الأهلي، وصولاً الى مرحلة اتفاق الطائف، والاحتلال السوري، وما تبعه من سيطرة إيرانية شبه تامّة على القرار اللبناني السياسي والعسكري... وهي حقبات انتهت كلّها تقريباً، فيما تبقى دولها العميقة و"الوفيّة" في قلب وجوهر الحكم اللبناني.

 سقطوا... إلا في لبنان

فالسلطنة العثمانية سقطت منذ عام 1918. ولكن الإقطاع العميق الذي ترعرع في ربوع وُلاتها، والذي كان ينسّق ويعمل معهم على حساب الشعب الكادح والفقير والمقهور والمظلوم... (الإقطاع العميق) لا يزال موجوداً في بُنية الحياة السياسية والرسمية اللبنانية.

والانتداب الفرنسي سقط في لبنان عام 1943، بينما لا يزال هناك الكثير من أشكال وألوان فساده في بُنية وقوانين... الدولة اللبنانية اليوم.

وصيغة 1943 سقطت، مع كل ما تبعها من فساد "استقلالي" تُوِّجَ بالحرب الأهلية، وبما سبقها وأعقبها من ممارسات سياسية وغير سياسية، انتهت بـ "طائف" 1989 الذي كرّس فساداً جديداً سلب استقلال وسيادة لبنان، مقابل مظاهر الأمن وإعادة الإعمار والازدهار الفاسد... خلال التسعينيات. وهي حقبة انتهت في عام 2005 عملياً، مع كل ما كان فيها من فساد وظلام، ورغم محاولة البعض "المدّ بعمرها" حتى يومنا هذا.

وبعد عام 2005، دخل لبنان حقبة السيطرة الإيرانية شبه التامّة على كل ما في البلد، بمساعدة نظام آل الأسد السوري، وامتدّ ذلك حتى الأمس القريب، الى أن سقط (الرئيس السوري السابق) بشار الأسد وخرج من دمشق الى موسكو، و(الى أن) تلقّى النظام الإيراني الحالي ضربات كبرى وغير سهلة أبداً، لا سيّما تلك التي حصلت في حزيران 2025.

عميقة وعقيمة

ورغم ذلك، ننظر الى لبنان اليوم، فنجد أن بشار الأسد مثلاً بات في موسكو، فيما دولته العميقة لا تزال موجودة في لبنان، وهي تعمل بأمانة وقوة كما لو كانت تتلقّى توجيهاته، وتماماً كما لو كان موجوداً، وينتظر ورود تقارير يومية أو أسبوعية. وهي دولة عميقة عابرة لكل الطوائف والمذاهب اللبنانية.

كيف لا، وكل الطوائف والمذاهب اللبنانية لها ما لها من حصص في كل الحقبات التي مرّت على لبنان، واستفادت بما استفادت منه.

وأمام هذا الواقع، تبدو دولة لبنان الفعلية افتراضية أمام الدولة العميقة التي تحكم البلد، وهو ما يرفع مستوى الحاجة الى تغيير لبناني كبير، يتراوح ما بين الانتقال لدولة جديدة بدستور جديد، أو نحو خريطة وجغرافيا جديدة للبنان، كحلّ وحيد ومؤسف جداً. فبما أن صيغة لبنان الحالي العميقة فاسدة، لم يَعُد هناك أي مجال سوى تفكيكها، لإنقاذ لبنان من سلطات مستترة عميقة في الحفاظ على مصالحها، وعقيمة للبنان.

الانتخابات بدل الدولة

تعليقاً على ما سبق، رأى مرجع لبناني أن "المستقبل يبدو مُقلِقاً جداً بالنّسبة الى البلد. فمن يحكمونه لا يصلحون لما هو مطلوب منهم من أجله، خصوصاً أن بعضهم دخل السلطة بعد خدمة استمرت لسنوات ضمن مؤسسات، لم ينجحوا في إصلاح وتصحيح أوضاعها. وبالتالي، كيف يمكن لهؤلاء أن يبنوا دولة؟".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "لبنان ساحة مفتوحة، حيث لا يوجد من يمكنه أن ينهض بشيء. وهذا ليس غريباً تماماً طالما أن جميع من يعملون في السياسة المحلية يضعون الانتخابات ونتائجها كهدف أساسي لهم ولمستقبلهم".

وختم المرجع:"هناك بعض الأطراف التي تتقّدم على المستوى الشعبي الآن، ولكن همّها الأساسي هو الانتخابات وليس تأسيس دولة. ولذلك، نجدهم لا يركّزون على إصلاح بُنية الحكم، بل يحسبون كل شيء على ضوء الانتخابات، وعدد المقاعد الذي يمكن أن يحصلوا عليه بالزائد، وذاك الذي من الممكن أن يخسروه. وهذا ضعف أساسي في الشخصية السياسية اللبنانية، وسبب رئيسي في عدم وجود دولة ورجال دولة".

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا