الصحافة

قاآني.. خطاب الإنكار واستغلال “الحزب” كأكياس رمل

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في حديثه الأخير بمناسبة مرور عام على اغتيال حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، قدّم قائد “فيلق القدس” إسماعيل قاآني روايةً مُتخمةً بالتناقضات تكشف، من حيث لا يدري، حجم الانفصال الإيراني ــ الحزبي عن الواقع. فبدلًا من مراجعة الكارثة التي أودت بقيادات حزب الله وكشفت هشاشته الأمنية والعسكرية، يُصرّ قاآني على تسويق سردية “الانتصار الكربلائي” و”الالتزام الرجولي” باتفاق وقف النار، وكأنّ لبنان يعيش في عالمٍ موازٍ لا تطاله الحقائق ولا الخراب.

يقرّ قاآني بأنّ لا أحد من قادة “المحور” كان يعلم بعملية 7 أكتوبر، لا نصر الله ولا هنية ولا هو نفسه. وهذه الجملة وحدها كافية لفضح حجم الفوضى داخل منظومة “المقاومة” التي تدّعي التنسيق الكامل، فإذا بها تعيش حالةً عمياء تُدار بردود الفعل لا بالتخطيط. فالعملية التي وُصفت بأنّها “زمن الانتصار” تحوّلت عمليًّا إلى نقطة انهيار استراتيجية أصابت الحزب وإيران معًا، وجعلت الجنوب اللبناني ساحةً مفتوحةً لتصفية الحسابات.

كذلك، فإنّ حديث قاآني عن “كسر المعادلة باغتيال القادة” اعترافٌ غير مباشر بفشل الحزب في حماية قياداته، وبأنّ إسرائيل لم تُفاجأ كما يُروَّج، بل كانت تملك قدرةً استخباراتيةً فائقةً سمحت لها باختراق البنية الأمنية للحزب وضرب رأسه بدقّةٍ غير مسبوقة. ومع ذلك، يستمرّ الخطاب الإيراني في المكابرة، متحدثًا عن “نصر” و”صمود”، فيما الواقع يشي بانكفاءٍ وإنهاكٍ شاملَيْن.

أمّا أخطر ما في المقابلة، فهو تكرار اللغة المذهبية التي تُغلّف كلّ خسارة بطابعٍ دينيٍّ وشعائريٍّ: من “كربلاء” إلى “التكليف الإلهي” و”الطمأنينة الإيمانية”. هذا الإطار الماورائي لا يُخفي الحقيقة بل يجمّلها، إذ يُستخدم لابتزاز مشاعر جمهورٍ شيّع قادته بينما تتفرّج عليه طهران من بعيد، بعدما استُخدم مقاتلوه كأكياس رملٍ في حربٍ قرّرت إيران خوضها حتى آخر لبناني.

في المقابل، يتحدّث قاآني عن هزيمة إسرائيل وطلبها وقف إطلاق النار، متجاهلًا أنّ الحرب التي سمّاها “كربلائية” انتهت بدمارٍ في الجنوب، وانكشافٍ سياسيٍّ للحزب، وتراجعٍ إقليميٍّ لنفوذ طهران. فالمعادلة الفعلية اليوم ليست بين “صمود المقاومة” و”ضعف الكيان”، بل بين واقعٍ لبنانيٍّ متهالكٍ وشعبٍ يدفع ثمن مغامرات لا علاقة له بها.

إنّ خطاب قاآني ليس شهادةً على “الانتصار”، بل وثيقةَ إدانةٍ لحزب الله ولخياراته التي جعلت لبنان رهينةً لسياسة إيرانية عمياء، لا ترى في البلد إلّا متراسًا، وفي الحزب إلّا درعًا بشريةً لحماية مشروعها الإقليمي، مهما كان الثمن.

 أسعد بشارة -”هنا لبنان”

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا