بين "قسد" ودمشق: صعوبة الإتفاق والصدام معاً؟!
على عكس ما كان عليه الحال في الساحل والسويداء، يبدو أن السلطة الإنتقالية في دمشق تدرك جيداً ثمن أي مواجهة عسكرية، من الممكن أن تخوضها مع "قوات سوريا الديمقراطية"، ما دفعها، في الأيام الماضية، للذهاب إلى إتفاق لوقف إطلاق النار معها، بعد الإشتباكات التي كانت قد حصلت في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، بالرغم من أن هذه المعركة هي الأكثر إرتباطاً بالجانب التركي، الراعي الرسمي لهذه السلطة بحسب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
منذ أشهر، يتم التداول بمعلومات، إرتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، عن إمكانية ذهاب سلطة دمشق إلى عملية عسكرية بإتجاه مناطق سيطرة "قسد"، حيث كانت أنقرة تعلن، بالتزامن، عن مراقبتها لما يحصل، بالنسبة إلى الإتفاق الموقع بين رئيس السلطة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) وقائد "قسد" مظلوم عبدي، في 10 آذار الماضي، الذي لعبت تداعيات أحداث الساحل دوراً أساسياً في دفع الشرع إلى توقيعه.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، إلى أن تنفيذ الإتفاق المذكور لا يشهد أي تقدم، مع تبادل الجانبين المسؤولية عن ذلك، لكنها توضح أن المسألة تعود إلى صعوبة الأمر، إن لم يكن إستحالته، بسبب الإختلاف الجوهري في التوجهات حول بندين أساسيين: الأول هو شكل النظام الجديد، أما الثاني فهو طبيعة الجيش، يرتبطان بالمخاوف من طبيعة سلطة دمشق، لا سيما بعد الممارسات التي ذهبت إليها في الأشهر الماضية.
هنا، ترى هذه المصادر إلى أن ما حصل في السويداء والساحل عزز مطالب "قسد"، بالذهاب إلى نظام جديد مختلف عن الذي كان قائماً في السابق، ما يُبرر التسريبات التي تحدثت عن أن عبدي طالب الشرع بإقامة إقليم مستقل شبيه بإقليم كردستان في العراق، الأمر الذي من الصعب أن توافق عليه سلطة دمشق، نظراً إلى أنه يثير مخاوف الجانب التركي، بسبب إمكانية إنعكاس ذلك على أوضاعه الداخلية، في حين أن الواقع في السويداء، بسبب حضور اللاعب الإسرائيلي، بات في مكان آخر مختلف.
بالنسبة إلى ملف الجيش السوري الجديد، توضح المصادر نفسها أن تركيبته الحالية، التي تتميز باللاحترافية وتواجد عناصر أجنبيّة ومتطرفة فيه، من الصعب أن تفتح الباب أمام إنضمام "قسد"، حيث أن نقطة الخلاف الرئيسية في هذا المجال، تكمن برغبة سلطة دمشق في دمجها كأفراد، في حين هي تريد أن تبقى كتلة مستقلة، في حال الإندماج، من دون تجاهل أن أي إتفاق بين الجانبين من المفترض أن ينعكس على طبيعة العلاقة مع باقي المكونات.
إنطلاقاً من هذا الواقع، من الطبيعي طرح الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل العلاقة بين الجانبين، حيث ترى المصادر المطلعة أن المعطيات الراهنة تدفع، في الوقت نفسه، إلى استبعاد خياري الإتفاق والصدام معاً، ما يرجح فرضية بقاء الأوضاع على ما هي عليه بانتظار حصول تطور ما، من دون أن يعني ذلك عدم حصول مناوشات، بين الحين والآخر، كتلك التي وقعت في حلب مؤخراً.
من وجهة نظر هذه المصادر، المعطيات المذكورة في الأعلى توضح أسباب إستبعاد خيار الإتفاق، في حين أنّ دمشق، بالنسبة إلى خيار الصدام، لا تستطيع الذهاب إلى عملية عسكرية بإتجاه مناطق "قسد"، نظراً لادراكها أن التوازنات العسكرية الخاصة بكل منهما لا تصب في صالحها، بينما دخول أنقرة على خط دعمها في أي خطوة من هذا النوع، قد يدفع تل أبيب إلى الدخول على خط دعم "قسد"، مع العلم أن الأخيرة لم تبادر إلى أي خطوة، من الممكن أن توضع في إطار السعي إلى توسيع دائرة نفوذها خارج مناطق سيطرتها.
في المحصلة، تشير المصادر نفسها إلى الحضور الأميركي، الداعم لـ"قسد" منذ سنوات، على خط التفاوض بين الجانبين، الذي تعتبر أنه قد يكون عاملاً حاسماً في ضبط أي إندفاعة قد تُفكر فيها سلطة دمشق، لكنها تجزم بأنّ الإتفاق بينهما يحتاج إلى ظروف مختلفة، لا يمكن التكهّن بكيفية الوصول إلى توفرها، في المرحلة الحالية، خصوصاً أن مستقبل البلاد برمتها لا يزال غير واضح.
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|