متى يفعل حزب الله ما فعلته حماس.. وهل ينتظر إمهاله 72 ساعة وإلا؟!
خصخصة مُقنّعة وعودة إلى زمن الهدر: وزير الاتصالات يستعجل تدمير القطاع
يستعجل وزير الاتصالات شارل الحاج خصخصة قطاع الاتصالات، سالكاً الطريق الأسهل لتدمير أحد أبرز القطاعات المُنتِجة في الدولة، بدل إصلاحه وتنظيم إدارته بما يحسّن إنتاجيته ويعزّز عائداته، إذ يناقش مجلس الوزراء اليوم، في البند الخامس عشر من جدول أعماله، طلب الوزير موافقة الحكومة على إعادة تكليف وزارة الاتصالات بـ«اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية المناسِبة لإطلاق مناقصة عالمية جديدة للتعاقد على إدارة وتشغيل شبكتَي الخلوي في لبنان».
يبرّر الحاج طلبه بما يسمّيه «تلكؤ» الحكومات المتعاقبة عن تنفيذ قرار صدر عام 2020 يقضي بتكليف الوزارة بإعداد دفتر شروط جديد لإطلاق المناقصة، مقدّماً نفسه كمن يسعى إلى تطبيق القرارات وتفعيل القطاع. غير أن الوزير نفسه يتجاهل عمداً السنوات الخمس التي استردّت فيها الدولة إدارة القطاع ونجحت، رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، في تسيير العمل من دون أي تخبّط أو انهيار، باستثناء الانعكاسات الناتجة من الحرب الإسرائيلية على لبنان.
والأخطر أن الحاج تجاهل أيضاً، ربّما عن عمد، تقرير ديوان المحاسبة الصادر عام 2022، الذي وثّق بالأرقام حجم الهدر والفساد والمخالفات القانونية التي لحقت بالقطاع خلال فترة إدارة شركتَيْ «زين» و«أوراسكوم» بين عامي 2010 و2020. فقد أظهر التقرير أن القطاع حقّق إيرادات تقارب 17 مليار دولار، دخل إلى الخزينة العامة منها 11 ملياراً فقط، فيما تلاشى نحو 6 مليارات دولار على عقود رعاية ومصاريف شخصية ترفيهية ورواتب مضخّمة ونفقات تشغيلية غير مبرّرة رغم تطوّر القطاع وزيادة عدد المشتركين.
كما تناول تقرير آخر للديوان الهدر الناتج من استئجار الأبنية وتحميل المسؤولية لستة وزراء متعاقبين ولشركة «زين» التي كانت تدير شبكة «تاتش»، ما دفع إلى فتح تحقيق برلماني حول هذا الهدر الكبير للمال العام.
رغم كل ذلك، يهرول وزير الاتصالات اليوم لإعادة القطاع 22 عاماً إلى الوراء، مستحضراً تجربة فاشلة بكل المقاييس، ومُضِرّة بخزينة الدولة والقطاع، ومُثبتة بتقارير صادرة عن الجهات الرقابية، ولا تزال التحقيقات مستمرة فيها ولا سيما مع إشارة الوزراء إلى مسؤولية الشركات عن هذا الهدر.
طلب الحاج ليس خطوة يتيمة أو مفاجئة، بل يأتي في سياق «هوسٍ» مزمن ببيع قطاع الاتصالات وتحويله إلى سلعة في سوق الصفقات. وهو سبق أن طلب أواخر حزيران الماضي من مجلس الوزراء الموافقة على «إعداد دفتر شروط ومشروع عقد لتخمين الأصول الثابتة وغير الثابتة لوزارة الاتصالات (الوزارة، أوجيرو، وشركتا الخلوي)، وإطلاق مناقصة عامة لتلزيم هذا العقد»، و«تحميل شركتَي الهاتف الخلوي مناصفة المصاريف الناشئة عن هذا العقد، المُقدّرة بين مليون ونصف مليون ومليونَيْ دولار.
يومها برّر الوزير هذه الإجراءات بـ«استكمال تأسيس شركة اتصالات لبنان»، بما يعني عملياً بيع موجودات الدولة وتحويل ملكيتها إلى شركة «Liban Telecom»، أي نزع يد الدولة عن أحد أهم قطاعاتها الإنتاجية. ويتصرّف الحاج، وفق هذا المسار، كـ«مقاول» يبحث عن مشغّل خارجي أكثر مما يتصرّف كوزير مؤتمن على المال العام.
فبدلاً من إعداد خطة وطنية لإصلاح القطاع وتنظيمه لتحسين الإيرادات، ورفع جودة الخدمة، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، قرّر اعتماد استراتيجية «صفر إصلاحات» مقابل خصخصة مُقنّعة تُعيد القطاع إلى زمن العقود المدفوعة والمكلفة مع شركات أجنبية، حيث الهدر كان القاعدة لا الاستثناء.
وفي هذا الإطار، تجاهل الحاج بشكل فاضح قانون الشراكة بين القطاعيْن العام والخاص الذي أقرّه مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، والذي يتيح للدولة استقطاب شركاء استراتيجيين من دون تحميلها أعباء مالية، بل يدرّ على الخزينة إيرادات جديدة مقابل منح هؤلاء الشركاء حصصاً محدودة في الشركتين.
كلّ ذلك يجري وسط صمت مريب، سواء من الوزراء أو من رئيس الحكومة، ما يثير الشكوك حول «أجندة» هذا العهد برمّته. فالمشهد الحالي ليس إلا استمراراً لنهج التنازل عن موارد الدولة لصالح منطق الصفقات والمصالح الخاصة. ويكفي التذكير بأن خطوة الحاج تأتي بعد موافقة الحكومة على طلبه منح ترخيص لشركة «ستارلينك» المخالِف للقانون، وقبله طلبه تخمين أصول القطاع كاملة، في ما يبدو كحلقة جديدة من مسلسل رفع شأن الصفقات على حساب أيّ مسار إصلاحي حقيقي.
رلى ابراهيم - الأخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|