الصحافة

نهاية الحرب... نهاية نتنياهو ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أمّا وقد قام بنيامين نتنياهو بالدور الأميركي، وهو دور آلهة النار، هل نصدق بأن دونالد ترامب سيلقي برأسه في صندوق القمامة ؟ لسنا أمام احدى مسرحيات اللامعقول. هكذا يعبث الأميركيون برؤوسنا ونحن أحياء، ويعبثون بجماجمنا ونحن أموات. ومتى كان الفارق بين العرب الأحياء والعرب الموتى ؟

الرئيس الأميركي قال له، وبحسب "يديعوت أحرونوت"، "انضبط أو أقصفك". تصوروا أن تدمر القاذفات الأميركية الصوامع النووية الاسرائيلية مثلما دمرت المحطات النووية الايرانية. هذا ما لا يتصوره "هبنقة الأحمق" في كتاب "أخبار الحمقى والمغفلين" لابن الجوزي، ليسأل الديبلوماسي المخضرم آرون ميلر "هل حقاً أن أميركا بحاجة الى اسرائيل لحماية مصالحها في الشرق الأوسط أو لتغيير الشرق الأوسط" ؟

دعوة للاصغاء الى ما يقوله القس جون هاغي، رئيس منظمة "مسيحيون من أجل اسرائيل"، "من قلبي أن الله رفع هذا البلد لأمرين. الأول ليبشر بالانجيل عن نعمة ربنا يسوع، والثاني لحماية اسرائيل". القائلون بهذا الكلام عشرات ملايين الانجيليين المسيحيين الذين يعشقون اسرائيل أكثر مما يعشقها اليهود. أبحاث كثيرة حول تغلغل الفكر التوراتي في الوعي، واللآوعي، لدى الأميركيين منذ القرن السابع عشر.

العلاقة بين واشنطن وتل أبيب علاقة ايديولوجية، وليست فقط استراتيجية وتتغير بتغير المصالح. بقدر ما اسرائيل "وديعة الهية" هي "وديعة أميركية". ولكن هل يمكن لأميركا التي تستعد للانتقال الى ما بعد الزمن، وربما الى ما بعد الانسان، أن تأخذ بشعوذات ذلك النوع من الحاخامات الذين برؤوس العناكب؟ الكاتب المكسكي أوكتافيو باث سأل منذ أكثر من نصف قرن "لماذا تريد أميركا أن تجعل من العالم بشعاً الى ذلك الحد...؟".

حتى اللحظة ما زال نتنياهو الذي سقط تحت أنقاض غزة، يخدع الاسرائيليين. في كلام له، في ذكرى 7 تشرين الأول، "لقد تمكنت من تغيير الشرق الأوسط"، بقواه الذاتية طبعاً، بالنبرة اياها "ضربات ساحقة لمن يهددنا". لا يعترف بأنه الأداة في اليد الأميركية التي حولت غزة الى مقبرة. ومتى لم يكن المشرق العربي مقبرة للأحياء ؟

السؤال الكبير ما اذا كانت الخطة التي فرضها دونالد ترامب تعني نهاية حلم نتنياهو بـ"اسرائيل الكبرى"، على أن تكون الخطوة الأولى وضع اليد على الجنوب السوري لتكون دمشق في قبضته، ووضع اليد على الجنوب اللبناني لتكون بيروت في قبضته أيضاً، بعدما صرح أول أمس بأنه خرج من "طوفان الأقصى" كأقوى قوة في الشرق الأوسط. لا ندري حقاً كيف يمكن للحكام العرب الذين مضوا في دومينو التطبيع التعامل مع تلك الشخصية الاسبارطية التي تقوم على فلسفة القوة، دون أن تعنى بأي نوع من الحياة المشتركة مع العرب.

عندما دخل الماريشال السوفياتي جوكوف الى برلين، قال للألمان الذين التقاهم "لنغتسل معا من دمائنا. ولتكن هذه لحظة الحياة لا لحظة الموت". هنا يسأل المؤرخ الاسرائيلي، والأستاذ في جامعة أكسفورد البريطانية، آفي شلايم "كيف لنتنياهو أن يبقى ليس فقط في السلطة، بل وعلى قيد الحياة، اذا ما توقفت ضوضاء الدم في الشرق الأوسط ؟".

هنا القاعدة الفلسفية لـ "حزب الله"، بعيداً عن اليوميات الغرائزية، والببغائية، التي تضج بها الشاشات. لعل تلك القاعدة تذكرنا بقول ونستون تشرشل مع بدء المقاومة ضد الغزو النازي "هذه الساعة الكبرى، ساعة الوعي بما تعنيه بريطانيا لنا". هل فكرنا ذات يوم ماذا يعني أن تكون اسبارطة على حدودنا، مع علمنا ما كانت النهاية التراجيدية لتلك القوة العمياء في بلاد الاغريق...

ندرك مدى الهوة التكنولوجية، وهي الهوة التي لا يمكن تجاوزها، والتي تفصلنا عن اسرائيل التي توجد فيها 9200 شركة تكنولوجية يعمل فيها 400000 شخص، فيما أستبقيت البلدان العربية بعيدة عن ديناميات القرن، وعن أي دور لها في صناعة القرن، مع اعتبار طبيعة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب ما يعني أن لا مجال لأي حرب في المدى المنظور، ما دام العرب يصرون على الاحتفاظ بتشكيلهم القبلي بعد التلاشي في حالة الرخاء التي وفرتها لهم الموارد الطبيعية.

هذا لا يعني التغاضي عن الدور الذي يمكن أن تقوم به المقاومة خارج المفهوم الكلاسيكي للصراع، وقد شهدنا ذلك في التجربة الفيتنامية، كما في التجربة الأفغانية. هنا نذكر بقول الفريق سعد الدين الشاذلي، مهندس العبور في حرب 1973، "ان أهم سلاح في المواجهة هي الأرواح البشرية"، أي "قوة الأرواح"، كما وصفها بطل معركة العلمين الفيلد ماريشال مونتغمري. ولكن ألم يكتب عبدالله العروي عن "موت الأرواح" في العالم العربي ؟

بالتأكيد "حزب الله" يحيط بكل تفاصيل المشهد. وراء الضوء جرى تحليل، وتقييم، بانورامي ودقيق، لـ "حرب الاسناد" بكل تداعياتها الكارثية، تزامن ذلك مع القراءة العميقة لخلفيات وآفاق التصدع السياسي والطائفي في البلاد. من أجل ذلك سلّم مفاتيح الحرب والسلام للدولة اللبنانية، وهذا أهم بكثير من تفكيك ترسانة الحزب.

ما يمكن تأكيده أن قيادة الحزب، الضنينة بكل حبة تراب، وبكل كل نقطة دم، في لبنان، لن تعطي الذريعة لاسرائيل لكي تستأنف حربها اهمجية، وستفعل المستحيل من أجل تكريس واقع جديد في البلاد، قائم على التفاهم، وعلى الحياة المشتركة. أليس هذه ما تبتغيه غالبية اللبنانيين...؟!

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا