فضيحة مياه "تنورين": حملة من حساب فني تكشف تلوثاً خطراً ووزارة الصحة تتخذ القرار
في خطوة غير مسبوقة، أصدرت وزارة الصحة قرارًا يقضي بتوقيف العمل بشركة مياه "تنورين" وسحب منتجاتها من الأسواق اللبنانية، بعد ثبوت تلوثها بجراثيم خطرة.
القرار الذي وقع عليه وزير الزراعة الدكتور نزار هاني بصفته وزيرًا للصحة بالوكالة، جاء نتيجة معلومات دقيقة وتقارير مخبرية أكدت وجود بكتيريا مضرة بالجهاز المناعي والكليتين والرئتين، وقد تسبب في حال تراكمها أمراضًا مزمنة وحتى الشلل على المدى الطويل.
ويأتي هذا الإجراء في ظل غياب الوزير الأصيل ركان ناصر الدين الموجود في زيارة رسمية خارج لبنان.
منشور فني يتحول إلى تحقيق صحي
القصة لم تبدأ من وزارة الصحة، بل من مكان غير متوقّع: صفحة فنية على إنستغرام تحمل اسم "شربيليتا".
تحدث فريق الصفحة لـ"الديار"، مؤكدين أن "الصدفة وحدها أدّت الدور الأساسي في اكتشاف هذه الفضيحة الصحية".
وتروي مديرة الحساب القصة قائلة: "نحن عادة صفحة فنية، لكننا قررنا أن نختم الربع الرابع من السنة بطريقة مميزة. كانت لدينا موظفة مرض طفلها الرضيع بشكل غامض، إذ بدأ يستفرغ بشكل متكرر دون نتيجة طبية واضحة. عندئذ خطر ببالنا أن السبب قد يكون المياه."
من هنا بدأت التجربة. حيث اختارت مديرة الحساب 63 شخصًا من فريقها ومن أقارب الموظفين، وطلبت منهم شرب المياه من مختلف الشركات اللبنانية، واحدة تلو الأخرى، لتحديد إن كانت هناك علاقة بين المياه والمرض.
نتائج صادمة من "تنورين"
تتابع مديرة "شربيليتا": بدأنا التجربة في شباط الماضي، وكنّا نسجّل كل الملاحظات. وعندما وصلنا إلى مياه (تنورين)، كانت المفاجأة الكبرى، فمن أصل 63 شخصًا، ظهرت أعراض مختلفة على 58 شخصًا، منها آلام في المعدة والرئتين والكلى. وحتى الطفل الرضيع ظهرت عليه الأعراض مجددًا بعد شربه من هذه المياه."
وللتأكد من النتائج، تم إرسال عينات مختومة من مختلف شركات المياه إلى مختبرات موثوق بها في فرنسا وإيطاليا ولندن.
وأضافت: "النتائج كانت قاطعة، فصدر 53 تقريرًا من هذه المختبرات يؤكدون أن مياه (تنورين) غير صالحة للشرب، وأنها تحتوي على بكتيريا تضرب الجهاز المناعي وتؤثر في الكلى والرئتين، وقد تسبب الشلل عند التعرض الطويل لها."
وقالت مديرة "شربيليتا" للديار: "بعد صدور التقارير، تواصلنا مع وزارة الصحة التي قامت بأخذ عينات بشكل سري، وتبيّن أن النتائج متطابقة تمامًا مع تلك التي أرسلناها إلى الخارج."
وعليه، صدر قرار رسمي بإيقاف عمل شركة "تنورين" وسحب منتجاتها من الأسواق اللبنانية إلى حين صدور نتائج التحقيقات النهائية.
الحبل على الجرار
وعلمت "الديار" من مصادر خاصة أن ملف المياه المعبأة لن يتوقف عند شركة "تنورين"، إذ تشير المعلومات إلى أن التحقيقات توسعت لتشمل شركات المياه الكبرى، بعد ورود شكاوى مماثلة وبدء حملة فحوصات جديدة على منتجاتها.
ويبدو أن لبنان يقف أمام أكبر قضية صحية تتعلق بسلامة المياه المعبأة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الرقابة الدورية على هذه الشركات، وآلية منحها تراخيص الإنتاج والتوزيع، ومدى جاهزية الدولة لحماية المستهلك من مخاطر خفية قد تكون في أكثر المواد بساطة... الماء.
أمل سيف الدين-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|