الصحافة

لماذا بادرت الحكومة لتقديم الشكوى العاجلة بعد عدوان المصيلح؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الشكوى العاجلة التي رفعها لبنان الى مجلس الامن الدولي بعد العدوان الجوي الاسرائيلي الكبير على منشآت مدنية وتجارية في المصيلح لا تحتاج الى معلومات موثقة، لان المشهد الاسود لاكثر من 300 جرافة والية دمرتها صواريخ الغارات الـ12 يشكل بحد ذاته وثيقة حية وصريحة وحجة ثابتة ومؤكدة لإدانة العدو، ولحث المجتمع الدولي على ممارسة ضغوط فعالة لوقف اعتداءاته وللالتزام باتفاق وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار 1701.

من هنا، فان مبادرة رئيس الحكومة نواف سلام للايعاز الى وزير الخارجية يوسف رجي لتقديم هذه الشكوى كانت امرا طبيعيا ومطلوبا، بغض النظر عن عدم التعويل كثيرا على المفاعيل المباشرة لها، بالنظر الى التجارب ونتائج الشكاوى السابقة التي قدمها لبنان ضد الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة.

لكن السؤال المطروح، ما الذي حفز الحكومة الى الاقدام على هذه الخطوة بعد ان تعاملت في الشهور الماضية مع عدد كبير من الاعتداءات الاسرائيلية بطريقة اخرى، على الرغم من ان عددا غير قليل من هذه الاعتداءات استهدف مباشرة عائلات مدنية وادت الى استشهاد عشرات الاطفال والنساء والرجال؟

لا يوجد جواب صريح وواضح على هذا السؤال، لكن هناك من يقول ان تأتي متأخرا افضل من الا تأتي ابدا، وهناك من يعتقد ان الكيل طفح في ظل تمادي "اسرائيل" في توسيع اعتداءاتها واستهدافاتها لمنع عودة الحياة الى الجنوب، الامر الذي فرض على الحكومة عدم الاكتفاء ببيانات الاستنكار واللجوء الى تقديم شكوى جديدة الى مجلس الامن.

ويرى مصدر سياسي ان عدوان المصيلح، الذي ادى الى تدمير اكثر من 300 جرافة والية، استهدف من دون ادنى شك اعاقة ومنع ازالة الدمار واعادة اعمار القرى والبلدات التي دمرتها "اسرائيل" كما عبر الرئيس نبيه بري. كما انه يندرج في اطار محاولات العدو منه عودة الحياة الى الجنوب.

ويضيف المصدر ان هناك اعتداءات اسرائيلية سابقة كانت تستوجب ان تبادر الحكومة الى  تقديم شكاوى مماثلة الى مجلس الامن الدولي، ومنها الاعتداءات التي طاولت عائلات مدنية بشكل مباشر، لكن الحكومة لم تقدم على هذا الامر، وهذا ما يعزز الاعتقاد بان هناك اسبابا واهدافا دفعتها الى هذه الخطوة اليوم.

ويلفت الى ان العدوان على المنشآت المدنية قرب دارة الرئيس بري في المصيلح حصل بعد تصريحاته الاخيرة والحاحه على تخصيص بند في موازنة العام 2026 لاعادة اعمار ما هدمته الحرب والاعتداءات الاسرائيلية. وهذا يعزز الاعتقاد بان العدو اراد من خلال هذا الاستهداف بالذات توجيه رسالة بالنار ضد اعادة الاعمار والحياة للجنوب لا سيما القرى والبلدات الحدودية.

ويعتقد المصدر ان السبب الاول لمبادرة الرئيس سلام والايعاز لوزير الخارجية تقديم الشكوى العاجلة الى مجلس الامن الدولي هو التأكيد على رفض الحكومة اللبنانية لهذه الرسالة النارية الاسرائيلية، والتشديد في الوقت نفسه على وحدة الموقف اللبناني في وجه هذه الرسالة.

ويشير المصدر الى ان حجم العدوان الجوي واستهدافه لمنشآت مدنية تعود لمواطنين لا يمتون بصلة لا من قريب ولا من بعيد لحزب الله شكل ايضا حافزا قويا للحكومة لتقديم الشكوى بعد وقت طويل من الانكفاء عن مثل هذه الخطوة.

ويلفت المصدر الى تصريح الرئيس سلام امس بعد التهديد الاسرائيلي المباشر لاحد الناشطين المدنيين في الجنوب المهندس طارق مزرعاني (منسق تجمع ابناء القرى الحدودية )، والذي حرص فيه على القول "اجدد التزام الحكومة الكامل باعادة الاعمار وبحق جميع ابناء الجنوب لا سيما سكان القرى الحدودية في العودة الامنة والمستدامة الى بلداتهم وقراهم".

ويرى ان هذا التصريح يعتبر رسالة الى "اسرائيل " تعبر عن تصميم الحكومة اللبنانية على اعادة اعمار الجنوب وعودة الحياة بكل عناصرها اليه حتى الحدود. وهي رسالة ايضا الى الداخل وخصوصا الى الرئيس بري لتصويب الوضع الذي افرزه تغييب موضوع الاعمار عن مشروع قانون الموازنة.

ولا يستبعد المصدر ان تكون المبادرة الى تقديم الشكوى هي رسالة لبنانية لتحريك الجمود القائم في عمل لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار، ووضع راعيي الاتفاق واشنطن وباريس امام مسؤولياتهما.

ويقول احد النواب القانونيين من باب تفعيل تاثير الشكاوى اللبنانية الى مجلس الامن والتحرك تجاه المجتمع الدولي، ان الوسائل الحديثة التي تعزز توثيق المعطيات والحجج تفرض اقران الشكاوى بمعلومات مفصلة لا تقتصر على الشهداء والجرحى والخسائر المادية الناجمة عن الاعتداءات الاسرائيلية، بل تشمل ايضا تحديد الاجهزة والاشخاص المسؤولين في اسرائيل عن ارتكاب هذه الاعتداءات والجرائم بحق اللبنانيين.

ويرى ايضا ان المطلوب من الحكومة عدم الاكتفاء بالشكوى الجديدة المقدمة الى مجلس الامن، والشروع في توسيع نطاق تحركها الديبلوماسي والسياسي لمواجهة ووقف العدوان الاسرائيلي المستمر.

ويعتقد المصدر ان الحكومة معنية ليس بالتعويض على المتضررين من العدوان الاخير على المصيلح فحسب، بل الى اتخاذ خطوات عملية لتشجيع حركة عودة الحياة الى الجنوب لا سيما المناطق الحدودية، ومنها على سبيل المثال عقد اجتماعات عمل وزارية في الجنوب تتعلق بتفعيل عمل الوزارات المختصة في هذه المنطقة.

محمد بلوط-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا