السلطات اللبنانية شاخَت جداً وهذا لا يُعالَج باستحقاق نيابي في أيار 2026
تعود نغمة الانتخابات النيابية في لبنان الآن، وهذه المرة أيضاً، أي رغم المتغيرات الهائلة التي تشهدها المنطقة والعالم، والتي تؤكد في كل يوم أن الجوهر والقواعد التي يقوم عليها الحكم اللبناني والممارسة السياسية المحلية، لم تَعُد قادرة على مواكبة متغيرات الخارج على أي مستوى كان.
لا يُعالَج بانتخابات...
فأُسُس السلطات اللبنانية شاخت جداً، وباتت أحوالها شبيهة بأوضاع السلطة الفلسطينية تقريباً، وبحال تلك الأخيرة في الملف الفلسطيني. وهذا لا يُعالَج باستحقاق نيابي في أيار 2026 (بالنسبة الى السلطات اللبنانية)، ولا في أوقات لاحقة.
ففي غزة اليوم مثلاً، نجد عجزاً بُنيوياً تامّاً لدى السلطة الفلسطينية هناك، فيما تستمر حركة "حماس" بأنشطة عسكرية معيّنة وبإعدامات ميدانية تحت عنوان الحفاظ على الأمن، وملاحقة العملاء والمجرمين بموجب القانون، وسط تأكيدات بأنها ("حماس") أعادت نشر رجالها تدريجياً في شوارع القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، وذلك بينما يكتفي مكتب رئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس) بإدانة ما سمّاها "عمليات القتل" و"الجرائم البشعة" و"الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان"، و(يكتفي) بالإشارة الى أن الرئاسة الفلسطينية ستحمّل "حماس" مسؤولية "هذه الجرائم" التي تضرّ بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني.
جوهر مختلف
هذا هو حال السلطة الفلسطينية اليوم، ومثلها السلطات اللبنانية التي لن تقوم بأدوار أفضل، في ما لو وصلت الملفات الأمنية في لبنان الى مساحات محشورة جداً. والأمثلة على ذلك كثيرة، إذ وقفت الحكومات والرئاسات اللبنانية مراراً وتكراراً على مرّ عقود وسنوات وظروف (ولا تزال حتى الساعة بنسبة معيّنة) متفرّجة على الأمن الموجود والمسموح فيها، ومُستنكِرَة للتفلُّت النافر، ومُتساكِنَة مع غير النافر، تحت عنوان الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.
وهنا نعود الى ما سبق وذكرناه، وهو أن كل ذلك لا يُصحَّح بانتخابات نيابية، ولا بلدية، ولا اختيارية...، ولا بأي خطوات تبقى مفصومة عن حاجات الواقع. ففي العصر الحديث وحده، مرّ البلد باستحقاقات 2005 و2009 و2018 و2022 النيابية، وبوعود كثيرة ببناء دولة أو باستعادتها... من خلال العملية الديموقراطية، والتي كان معظمها يجري على وقع متغيرات محلية وإقليمية كبيرة، من دون أن يصطلح حال "قشّة" واحدة في لبنان. وهذا ما سيتكرر في 2026 أيضاً، فأوقِفُوا تضييع وقت الناس، واذهبوا الى الأساس الذي هو البحث عن مستقبل جديد للبنان، وعن جوهر مختلف لممارسة السلطة السياسية فيه، شكلاً ومضموناً.
مصالح صغيرة
ترصد أوساط واسعة الاطلاع الأحوال الصعبة التي بلغها لبنان، بالإشارة الى أنه غير موجود كبلد شرق أوسطي بين المجتمعين والممسكين بخريطة المنطقة اليوم، والذين يغيّرون فيها الآن. فبدلاً من أن يكون صاحب كلمة بين المجتمعين، نجد أن لا علم له (لبنان) بما يجري، وأن لا دخل له بشيء، رغم كونه على الخريطة التي يعملون عليها.
وتشدد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن كل الاحتمالات واردة مع رجل مثل (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب. فهل سيتغيّر وجه لبنان أم لا؟ لا أحد يعلم، فيما الأمر الأكيد هو أن لا أحد فيه يفكّر بتحسين الحكم بمجهود داخلي. فحتى ثنائية الموالاة والمعارضة لم يَعُد لها قيمة لدينا، إذ لا يُعرَف الموالاة لمن، ولا المعارضة لمن، وسط ألاعيب مصالح داخلية صغيرة".
غير فعّال...
وتوصّف الأوساط صعوبة الزيارات المحلية لأي دولة خارجية، فتقول: إذا زار أي مسؤول لبناني رفيع دولة خليجية مثلاً ليطلب منها المال، سيسمعها تجيبه لماذا نعطيكم الأموال طالما أنها مُعرَّضَة للسرقة والفساد؟ وأما إذا زار فرنسا ليتحدث عن مؤتمر لجمع المال ودعم لبنان، فيسمع أننا جرّبناكم سابقاً من دون أي نتيجة.
وتُضيف: سواء كان مجلس النواب موجوداً أم لا، وسواء تفكّك أو انتهت مدة ولايته، أو أُجرِيَت الانتخابات النيابية أم لا، ما هي قيمة عمل البرلمان في لبنان؟ وماذا يتغيّر في البلد من جراء نشاطه؟ لا شيء. فمجلس النواب غير فعّال، ولا همّ لدى كل الكتل التي يتكوّن منها سوى رفع نِسَب مقاعدها النيابية في كل دورة انتخابات، فيما لا شغل شاغلاً لدى البعض سوى التأسيس للانتخابات الرئاسية مستقبلاً. وبالتالي، عن أي بلد يتحدثون؟.
لا عدالة
وعمّا يمكن لزيارة البابا لاوون الرابع عشر أن تُحدثه من تغيير، تسأل الأوساط: هل سيشكل البابا وعياً للدولة اللبنانية؟.
وتشرح: زارنا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في عام 1997، وأعطى إرشاداً رسوليّاً يحوي كلاماً هو الأكثر فاعلية بالنّسبة الى لبنان، ويتمحور حول أن ديمومته (لبنان) تتوقف على قدرة أبناء شعبه على أن يتآلفوا. وكانت النتيجة آنذاك أن لا أحد تجاوب مع هذا الكلام، أو فهمه. فالجميع اختاروا مسألة العيش معاً، وتناسوا أن المقصود بكلام البابا عن العيش معاً هو التضامُن والتكافُل بما يؤسّس لدولة واحدة لجميع اللبنانيين".
وتتابع الأوساط:"ماذا يبقى للبابا لاوون من كلام أفضل يقوله في لبنان بعد نحو شهر ونصف، بعدما قال البابا يوحنا بولس الثاني كل ما يحتاجه بلدنا منذ 1997؟ وهل ان الشعب اللبناني قادر على أن يأخذ ما يمكن للبابا لاوون أن يقدّمه له الآن؟ فالعطاء يحتاج الى جهة ممنوحة تتقبّله، وأن تكون قادرة على ذلك. فهل ان اللبنانيين سيتقبّلون النصيحة اليوم، وسيكونون منفتحين عليها؟.
وتختم: الصورة ليست ساطِعَة بالنسبة الى لبنان اليوم. فهل يبقى هذا البلد كما هو؟ وهل يمكنه الاستمرار بحالته الحالية، أي من دون عدالة؟ وأي بلد يمكننا أن نتحدث عنه؟.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|