ترحيب لبنانيّ وارتياح دوليّ لمبادرة عون التفاوضية مع إسرائيل
تلقّف المستوى السياسي اللبناني مبادرة رئيس الجمهورية جوزيف عون للتفاوض مع إسرائيل، بإيجابية، في مسعى لتحريك الجمود في الوضع الميداني القائم، ولم تثر المبادرة غضب «حزب الله» الذي بدا هادئاً في التعامل معها، مشترطاً في الوقت نفسه مفاوضات غير مباشرة، وهي شكل من التفاوض لم يطرحه عون الذي يستند في مقاربته إلى تجربة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية قبل ثلاث سنوات.
وبدا طرح عون، بمثابة مبادرة سياسية يُراد منها إخراج الوضع اللبناني من المراوحة، في ظل تأزم ميداني يتضاعف يومياً، إثر انتقال إسرائيل إلى مرحلة استهداف المنشآت المدنية والمؤسسات الصناعية والتجارية، ومضيّها في منع عودة مظاهر الحياة إلى المنطقة الحدودية، واستهداف العائدين وممتلكاتهم، وتعنّتها في مسألة رفض الانسحاب من النقاط المحتلة، فيما يمنع هذا الاحتلال الجيش اللبناني من استكمال انتشاره في جنوب الليطاني، وتنفيذ حصرية السلاح بالكامل في المنطقة، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.
الواقع الميداني ومفاوضات غزة
وتقول مصادر مطلعة على موقف عون لـ«الشرق الأوسط»، إن طروحات عون الأخيرة، تستند إلى واقعين، أولهما أن الواقع الميداني لا يزال أسير المراوحة، في وقت يتصدر الحل الدبلوماسي الخيارات المطروحة لإنهاء أزمة الجنوب والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، بالنظر إلى أن خيار الحرب لإنهاء التأزمة «شبه معدوم». كما يستند إلى تجربة التفاوض لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وتلتقي مع الرؤية العربية لحل النزاعات، في وقت تتصدر التسويات، خيارات المنطقة لحل القضايا العالقة، وهي خيارات تحظى بمباركة عربية ودولية.
خلال استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره اللبناني جوزيف عون بقصر الإليزيه يوم 28 مارس 2025 (أرشيفية - رويترز)
خلال استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره اللبناني جوزيف عون بقصر الإليزيه يوم 28 مارس 2025 (أرشيفية - رويترز)
وكان عون قد أكد أنه «لا يمكن أن نكون خارج المسار القائم في المنطقة، وهو مسار تسوية الأزمات، بل لا بد من أن نكون ضمنه؛ إذ لم يعد في الإمكان تحمُّل مزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير». وأضاف خلال لقائه بصحافيين مطلع الأسبوع: «اليوم الجو العام هو جو تسويات، ولا بد من التفاوض... أما شكل هذا التفاوض فيحدَّد في حينه».
احتمالات الحرب شبه معدومة
وقال مصدر وزاري مواكب لمبادرة عون، إن الرئيس اللبناني يرى أن كل المواجهات يفترض أن تنتهي بأحد حلين، إما انتصار طرف وهزيمة آخر عسكرياً، وإما الحل الدبلوماسي القائم على التفاوض والحوار الذي يفترض أن ينتهي باتفاق.
مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الحرب «ليس بالوارد أن توصل إلى نتيجة، وباتت احتمالات الحرب أصلاً شبه معدومة، مما يحصر الخيارات بالتفاوض». وشدد المصدر على أن عون «لم يتحدث عن اتفاقية سلام أو تطبيع، بل عن تفاوض لم يحدد شكله، بغرض التوصل إلى حل ينهي الاحتلال الإسرائيلي المتواصل، ويثبت النقاط الحدودية البرية، ويزيل الخروقات الإسرائيلية على الحدود، ويحل أزمة المناطق المحتلة العالقة منذ 2006» في إشارة إلى شطر قرية الغجر وسائر نقاط النزاع الحدودي.
ترسيم الحدود البحرية
ومع أن عون لم يحدد شكل التفاوض، فإن تجربة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بين عامي 2020 و2022، برعاية الأمم المتحدة وتحت علمها، وبوساطة أميركية، تقع في خلفية الطرح. ويقول المصدر الوزاري إن تلك تجربة «أثمرت نتائج مهمة» على صعيد حل نزاع حدودي، كما أن قوة الاتفاق، كانت أكبر من أن يُخرق في حرب امتدت لـ13 شهراً بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث «صَمَدَ الاتفاق رغم توسع الحرب وقصف بيروت والضاحية وتل أبيب وحيفا، فلم يستهدف الحزب المنشآت البحرية الإسرائيلية، كما لم يُسجل احتلال إسرائيلي للمياه الإقليمية اللبنانية»، في إشارة إلى أن الدخول البحري الإسرائيلي لم يتعدّ مسألة الخروقات للمياه اللبنانية، إسوة بالخروقات البرية والجوية.
لا تفاوض تحت النار
وطرح عون مبادرته على رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام خلال اليومين الماضيين، وأوضح في تلك اللقاءات أن المبادرة الساعية إلى اختراق الجمود القائم، ووضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية، تشترط «عدم التفاوض تحت النار»، بمعنى أن هناك اتفاقاً لوقف الأعمال العدائية لا تحترمه إسرائيل ولا تنفذه، وفي المقابل، «لا يمكن للبنان أن يتفاوض بظل الاحتلال وتحت الضغط الناري والاعتداءات العسكرية والأمنية»، حسبما تقول مصادر مواكبة للحراك، وبالتالي، «على إسرائيل أن تزيل عوامل التفجير، وتتم تهيئة الأجواء لمفاوضات جدية تنهي الاحتلال والاعتداءات وتحرر الأسرى وتنهي النزاعات الحدودية».
ارتياح غربي للطرح
وتشير المصادر إلى «ارتياح أميركي وأوروبي ودولي لمواقف عون»، لافتة إلى أن ترجمة هذا الارتياح على أرض الواقع «يتم بالضغط على إسرائيل تسهيلاً للتفاوض المطروح وتطبيق الاتفاقات».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|