17 أيار سوري لبناني... هل تغيّر الزمن فعلاً؟
لم تصمد معاهدة السلام بين لبنان وإسرائيل أكثر من أشهر قليلة، بين 17 أيار 1983 و5 آذار 1984، بعدما اعتبرت إسرائيل آنذاك أن القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وترحيل مقاتليها من بيروت في صيف 1982، في خضم الاجتياح، كافٍ لإرساء واقع جديد يضمن أمن حدودها الشمالية.
لم تكن أكثرية أصوات الـ65 نائباً ضامنة للاتفاق، فالإيعاز بإسقاطه جاء حينها من دمشق، حيث أعلنها الرئيس السوري حافظ الأسد بأن "هذا الاتفاق لن يمر"، بعد لقائه وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جورج شولتز ومساعده للشرق الأدنى ريتشارد مورفي.
أسقطت كلمة السرّ السورية يومها الاتفاق، ليتزامن الموقف السياسي لدمشق مع تحوّلات عسكرية جذرية في لبنان، على وقع حرب الجبل 1983 وانتفاضة شباط 1984. ولم يكن من المتوقَّع حينها تحرّكاً أقلّ حسماً من الشام، التي انقلب الزمن فيها بعد 41 عاماً، ليضعها اليوم على طاولة واحدة مع الإسرائيلي، والبحث على المدى البعيد في "17 أيار سوري".
تشبه المرحلة التي يعيشها لبنان اليوم زمن 17 أيار في مكان ما. حينها أنهى الإسرائيلي وجود "الفدائيين" الفلسطينيين عند حدوده، مستفيداً من التفوّق العسكري والغزو البرّي إلى العاصمة لفرض واقع جديد يضمن أمن المستوطنات الشمالية، ويبعد أي عمل عسكري عن حدودها، مشترطة منطقة عازلة بين البلدين.
تستعيد تل أبيب السيناريو نفسه تقريباً، مستغلّة موقع القوة عسكرياً بعد إنهاء وجود حزب الله في جنوب الليطاني، لتفرض اتفاقاً سياسياً على لبنان يتعدّى اتفاق الهدنة ووضع ترتيبات أمنية لوقف الاعمال الحربية، مدعومة بدفع أميركي لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل في الشرق الأوسط.
أما الاختلاف الجذري في المشهد بين المرحلتين فهو في دمشق، التي أسقطت في السابق اتفاق السلام بين بيروت وتل أبيب، في حين أنها اليوم في صلب المحادثات من أجل اتفاق أمني أولاً، وربما توقيع معاهدة سلام لاحقاً. مع تسجيل ملاحظة فارقة وفاقعة، أن سوريا لم تكتفِ بالتمثيل التقني والعسكري في مفاوضاتها مع إسرائيل، إنما جلس وزير خارجيتها أسعد الشيباني وجهاً لوجه مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.
لم تكسب إسرائيل فرصة ذهبية لفرض السلام على محيطها كما الحال اليوم، مستثمرة بتداعيات عملية "طوفان الأقصى" والحروب التي خاضتها ضد محور الممانعة والقضاء على أذرعه في المنطقة، وسقوط نظام الأسد، لترسي محطة مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. ومشهد شرم الشيخ كان خير تعبير عن مؤشرات ما تحمله الأيام المقبلة، والأنظار تتجه بشكل مركّز على كل من لبنان وسوريا كمحطتين أساسيتين ما بعد اتفاق غزة.
وسط هذا الواقع، يتقدّم الحديث في لبنان عن التفاوض مع إسرائيل، والذي تريده واشنطن مباشراً وإن كان الحديث في الكواليس اللبنانية يقتصر على استحضار مشهد مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. إلا أن الضغوط الأميركية الإسرائيلية تدفع نحو الخيار الأول، داعية لبنان للسير على خطى سوريا.
من المبكر الحسم بالاتجاه الذي ستسلكه المفاوضات، لكن المؤكد أن المطلوب منها نتائج مختلفة تماماً عن آلية "الميكانيسم"، والدفع نحو سلام سيحتاج حكماً إلى مجلس نواب قابل لإعلانه معاهدة رسمية.
فهل ستفعلها دمشق وبيروت للحاق بقطار الشرق الأوسط الجديد؟ وهل تغيّر الزمن فعلاً عن حقبة 17 أيار؟ وهل تمتلك إيران القدرة على إسقاطه بنسخته الجديدة كما أسقطه في السابق حافظ الأسد؟
نادر حجاز - mtv
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|