الصحافة

لن نسلّم رؤوسنا لدونالد ترامب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بالدرجة الأولى كلام الى الرئيس جوزف عون بصفته الجنرال، والى الرئيس نواف سلام  بصفته القاضي، هل ثمة من عملية أشد بشاعة وأشد وحشية في التاريخ، حين تستهدف تقطيع أطراف آلاف الشبان اللبنانيين، واصابتهم بالعمى، وهم في منازلهم أو هم في الطرقات ؟ دونالد ترامب ـ ومع الاعتذار من دراكولا ـ قال لمجلة "تايم"  كل تلك الهجمات تمت برعايتي وباشرافي ... في الواقع بالتشاور معي". كيف له أن يكون انسانا،  ويكون مسيحياً (أيها المسيح الذي تركتنا !)، ويفاخر بما اقترفت يداه، ما لا تقترفه يدا الشيطان...

في هذه الحال، كيف لنا الرهان على تعهداته، ونضع رؤوس عشرات آلاف المقاومين بين يديه. كصحافي تأثرت الى حد بعيد بآراء فلاسفة ومفكرين غربيين، حول البعد الأخلاقي  والروحي للكائن البشري، لأصاب فعلاً بصدمة حقيقية. هل يمكن لرجل يرأس أهم أمبراطورية في التاريخ، ويتغنى بمسيحيته، أن يكون على ذلك المستوى من القذارة ؟

لننتقل الى ذلك الخلاف الكوميدي المبرمج، بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة الاسرائيلية، الذي يرمي الى خداع العرب وتضليل العرب، كونهم شعوب الصحراء التي تهزها "الكلمات الطيبة". اذ من هو نتنياهو لولا ترامب ؟ ومن هي "اسرائيل" من دون أميركا ؟ وهل كان "لتل أبيب" أن تفعل بالفلسطينيين وباللبنانيين وبعرب آخرين، ما فعلته لولا القاذفات والقنابل والأقمار الصناعية الأميركية ؟

اذ تعهد بتغطية قرار "اسرائيل" الحاق الضفة الغربية بها، بدأ اللعب التكتيكي، بعدما لاحظ أي تداعيات عاصفة لذلك على المنطقة، والتي لا بد أن تؤثر وبشكل خطر في المصالح الأميركية فيها، عاد وقال (وعلينا أن نصدق) "اذا حدث الضم ستفقد "اسرائيل" كل الدعم من الولايات المتحدة". للوهلة الأولى فقط الرصاصة في رأس بنيامين نتنياهو، الذي كان واثقاً من أن الحروب المجنونة التي شنها في كل الاتجاهات، وهذا ما لا تفعله دولة مثل أميركا بامكاناتها العسكرية الأسطورية، ستنتهي بتتويجه ملكاً على الشرق الأوسط.

دائماً كنا نقول ان "اسرائيل" هي الابنة الكبرى، الابنة المقدسة، الى حد التماهي الايديولوجي  والاستراتيجي بين الجانبين، لتطرح الآن أسئلة في "تل أبيب" بالذات "هل ترك ترامب نتنياهو عالقاً في الهواء أو عالقاً في النار" هذا بعدما كان يتصور أن الرئيس الأميركي سيذهب معه الى آخر الطريق، وهذا ما كان يؤكده السفير الأميركي مايك هاكابي، وهو الشخصية السياسية والروحية المؤثرة، والذي صرح علنا  بأن تغيير الشرق الأوسط سيكون بأبعاد توراتية، أي انه للمصلحة الايديولوجية "لاسرائيل"، قبل أن يكون للمصلحة الاستراتيجية لأميركا..

الآن بدأت الأوراق تتكشف في "اسرائيل"، نتنياهو كان يخطط من خلال "اسرائيل الكبرى"، الى الاستيلاء على حقول النفط والغاز، تالياً لتقوم "أمبراطورية يهوه" التي تحكم العالم، وليس فقط الشرق الأوسط، ليساًل كبير "الحاخامات" السابق لليهود الشرقيين اسحق يوسف اذا كان نتيناهو "يريد افهامنا أنه حل محل الماشيح"، داعياً اياه لاعادة "ترتيب أشياء رأسه بالرؤية الواقعية ان للدلالات التوراتية أو للمقتضيات السياسية"...

والواقع أن الائتلاف الحاكم قام بالدرجة الأولى، على أسس ايديولوجية أكثر منها سياسية للاحتفاظ بالسلطة. وكان يراهن على دونالد ترامب في تحقيق تلك الأحلام، بعدما زرع حصان طروادة (أو حصان أورشليم)، أي صهره اليهودي جاريد كوشنر في العائلة الرئاسية، في حين قيل الكثير حول دور ابنته ايفانكا التي اعتنقت اليهودية الأورثوذكسية أيضاً، وكيف تتجول  بالكعب العالي في رأس أبيها.

الائتلاف اياه كان يرى في السفير هاكابي، الرجل الذي خرج للتو من سروال دونالد ترامب، ليبدو أيضاً كما لو أنه المرشد الروحي لقائد القيادة الأميركية المركزية في الشرق الأوسط الجنرال براد كوبر. أثناء الاحتفال بعيد "العرش اليهودي"، عزف مع السفير السابق ديفيد فريدمان أغنية Sweet home Yerushlaym،  أي "بيتك الجميل يا أورشليم ... يا رب أنا قادم اليك". ولكن هل من احد، حتى داخل فريق عمله، يفهم دونالد ترامب سوى دونالد ترامب؟

كتبنا الكثير كيف ينظر أركان الائتلاف الى العرب، حتى أن ماركو روبيو الشديد التأثر باللاهوت الكاثوليكي، والذي لم يتوقف يوما عن دعم "اسرائيل"، فوجئ بقول بسلئيل سموتريتش "اذا قالت السعودية بالتطبيع مقابل الدولة الفلسطينية، فان الاجابة لا شكراً، استمروا في ركوب الابل في الصحراء". روبيو طلب منه العودة عن هذا الكلام. لكن تلك اللحظة الفرويدية وصلت للتو الى قصر اليمامة.

لا نملك سوى "أوراق الشك" في هذا الوقت. ثمة رجل أشرف شخصياً على "عملية البيجر"، وكشف مدى الهمجية في شخصيته، وأنه عرف كيف يستغل نتنياهو بكل ما يلزم، لكي يفرش أمامه الطريق الى الشرق الأوسط بالجثث. ولكن ماذا يمكن للدولة اللبنانية أن تفعل حين تكون بمصائبها الداخلية، أمام الخيارات المرة ؟

هل يعني ذلك تسليم طائفة بكاملها الى ذلك النوع من الوحوش الذي احترفوا صناعة المقابر؟ ببساطة، هذا قرار الجميع: نموت تحت أنقاض منازلنا، على أن نضع رؤوسنا بين أيدي البرابرة !!

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا