عن عصابات "خطف الفتيات" من لبنان إلى سوريا.. هذا ما أكّدته قوى الأمن
الرئيس جوزيف عون… يُقاتل في الاتجاه الخطأ؟!
في مشهد سياسي وإعلامي متشابك، يبدو أن رئيس الجمهورية جوزيف عون قد اختار ساحة جديدة لمعركته، ولكن هذه المرة ليس ضد الفساد، ولا ضد المافيات السياسية التي نخرت جسد الدولة، بل ضد التطوّر التقني نفسه. فبدلاً من أن يواجه أدوات التحريض الطائفي والقنوات التلفزيونية التي تعيش على الفتنة والابتزاز، قرّر أن يرفع راية “تنظيم البثّ التلفزيوني عبر الإنترنت”، وكأنّ مشكلته مع التكنولوجيا وليست مع الانحطاط الإعلامي الذي يملأ الشاشات اللبنانية منذ سنوات.
وسبب الحديث هو ما أدلى به وزير الإعلام خلال تلاوة مقرّرات جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وجاء فيها أنّ فخامة رئيس الجمهورية طرح في مستهلّ الجلسة مسألة بثّ المحطات التلفزيونية عبر الإنترنت وضرورة بحث هذه المسألة لتحديد الموقف منها.
لقد تجاوز الرئيس عون في موقفه هذا واقعاً واضحاً لا يمكن إنكاره: القوانين اللبنانية باتت بالية، مهترئة، لا تواكب العصر الرقمي، ولا تصلح أساساً لضبط الإعلام في زمن البثّ المفتوح والمنصّات العابرة للحدود. تجاهل الرئيس حقيقة أنّ مشروع قانون الإعلام الجديد أُقرّ في اللجنة الفرعية للإدارة والعدل، ويتبنّاه وزير الإعلام الحالي، وأنّ هذا المشروع – رغم كل ما يُقال عنه – يشكّل على الأقل خطوة نحو تنظيم واقعي للمشهد الإعلامي الرقمي. إلا أن الرئيس اختار، على ما يبدو، أن يتعامل مع المسألة بعقلية الرقابة لا بعقلية التطوير، وكأنّ المطلوب هو “تكميم الأفواه” لا تنظيم القطاع.
أما المثير للسخرية، فهو أن هذه الحملة على الإعلام الجديد تأتي في وقت تُترك فيه القنوات التلفزيونية التقليدية الحزبية والطائفية لتواصل بثّ سمومها بلا حسيب أو رقيب. تلك القنوات التي تعيش على خطاب الكراهية والتحريض والابتزاز، والتي جعلت من الانقسام الطائفي وقوداً لنفوذها المالي والسياسي، لا تُمسّ ولا تُسأل. ومع ذلك، يُفتح النقاش حول “خطر البثّ التلفزيوني عبر الإنترنت”، وكأنّها هي سبب انهيار القيم الإعلامية في لبنان.
من الواضح أنّ بعض أصحاب المحطات التقليدية، الذين باتت مصالحهم فوق المصلحة العامة، وجدوا فرصة ذهبية للضغط على الرئيس. هؤلاء يقفون اليوم خلفه ليحموا مكاسبهم القديمة، وليغلقوا المجال أمام أي بديل إعلامي جديد قد يُهدّد امتيازاتهم. إنهم واجهة المافيا السياسية التي تحكم البلد منذ عقود، والتي ارتبطت بسفارات ودول خارجية، ونفّذت أجندات تتناقض كلياً مع مصلحة لبنان وسيادته.
ولعلّ ما يثير الشكّ أكثر هو التوقيت. فهل جاء هذا التحرّك الرئاسي مصادفة بعد إطلاق “ليبانون ديبايت” لمشروعها الإعلامي الجديد Red TV؟ يبدو أنّ هذا المشروع، الذي وُلد من رحم الحاجة إلى إعلام حرّ، مهني، ومستقلّ، لم يرق للبعض ممّن ضاقوا ذرعاً بكل منبر لا يخضع لإملاءاتهم. فـ Red TV لم تُخلق لتكون صدى لأي جهة، بل لتكون منبراً يعبّر عن اللبنانيين، ويقدّم الصورة كما هي، بلا تزوير ولا تجميل، في زمنٍ تُباع فيه الحقيقة وتُشترى.
من هنا، فإن كل محاولة لإسكات هذا الصوت الجديد لن تكون سوى محاولة فاشلة لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء. لأن Red TV ليست مشروعاً إعلامياً عادياً، بل إعلان ولادة لحقبة جديدة من حرية الكلمة في لبنان. هي الجواب العملي على إعلام المنابر والولاءات، وعلى ثقافة التخويف التي لم تعد تنفع في عصر المشاهد الذكي والمواطن الذي يعرف أين تكمن الحقيقة.
في المحصّلة، يبدو أنّ الرئيس جوزيف عون اختار معركته الخطأ. فبدلاً من أن يواجه الإعلام المأجور الذي يعتاش على خطاب الكراهية، وجّه سهامه نحو الإعلام الجديد، الذي رغم فوضاه، يبقى نافذة اللبنانيين الأخيرة على حرية التعبير.
إنّ من يقف في وجه التطوّر لن يصنع إصلاحاً، ومن يحارب الكلمة لن يصنع دولة. فالإعلام الحرّ لا يُخنق بالقرارات، بل يُحترم بالحوار والشفافية. وRed TV ستبقى الصوت الذي لا يُسكت، مهما علت الأصوات الداعية إلى الصمت.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|