الصحافة

الأقساط ارتفعت إلى 12 مليون ليرة وفرض 300 دولار.. المدارس الخاصة تبتز الأهل!؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

دخلت معظم مدارس القطاع الخاص في لبنان، بازار الاستثمار في الأزمة من بابه الواسع، وذلك عبر الدولرة والزيادات التعجيزية على الأقساط المدرسيّة.

لا يختلف اثنان أنّ من حقّ المدارس الخاصة تحقيق نسبة معينة من الأرباح، فهي بالنهاية مؤسسة تقدّم خدمات تعليمية ولديها مصاريف تشغيلية وموظفين، ولكن أن يصبح كلّ هدفها الربح من دون أدنى حسّ منها بالمسؤولية التربوية والتعليمية فهذا يخالف أصل وجودها، فزياداتها مجنونة بالليرة والدولار، والمتوقع بالنتيجة نزوح إلى المدارس الرسمية ومن ثمّ تسرّب تعليمي، فالأخيرة بدورها تحتضر. ولنسلّم جدلا، أنّ الزيادة تحت مسمّياتها المختلفة حقّ مشروع لهذه المدارس نظراً لغلاء المعيشة، إنّما لا بدّ أن تكون طرق الحق مشروعة هي الأخرى، أوّلها الإتفاق مع الأهالي حول الزيادات وقيمتها وعملتها وتفاصيل أخرى تطال الشأن التربوي والتعليمي.

إذا أصبحت الزيادات بالليرة والدولار أمرا واقعا في معظم المدراس الخاصة، وقد علمت «الديار» أنّ الأقساط ارتفعت في بعض المدارس من 4 و 5 مليون ليرة إلى 12 مليون ليرة، ومن 9 و10 مليون إلى العشرينات( بلغ بعضها 28 مليون ليرة)، والدولار الذي تمّ فرضه على الأهل تترواح قيمته بين 300 دولار وصولا إلى 4000 دولار، على أنّ بعض هذه المدارس تبتز الأهل  وترفض تسجيل الطلاب إذا لم يسدّدوا بـ «الدولار».

هذه الإجراءات التي تفرّدت بها بعض المدارس على مستوى الزيادات المرعبة ودولرتها وصناديق الدعم الدولارية، تستدعي التساؤل حول سبب هذه الفوضى ومدى قانونية هذا السلوك.

رئيسة إتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة لمى الطويل تؤكد لـ «الديار» أنّ دولرة الأقساط غير قانوني، وأنّ ما أقرّ من زيادات على القسط بالليرة اللبنانية وزيادة قسم بالدولار تحت مسمى «صناديق دعم» هو مخالف للقانون، لأنّ كلّ ما تستوفيه المدارس مقابل خدمة التعليم يجب أن يكون بالعملة الوطنية، ويدخل ضمن الموازنة المدرسية، ويدرس ويدقّق من قبل الهيئة المالية وتوافق عليه لجنة، وكل ما يحصل غير ذلك هو هرطقات ومحاولات للإلتفاف على القوانين.

تبرّر المدارس زياداتها بالظروف الاقتصادية الصعبة، وهي محقة وفق الطويل كون بعض المصاريف التشغيلية متوجبّة عليها بالدولار، لكنها ترى في المقابل أنّ العشوائية في احتساب الأقساط، والهروب من التدقيق في الحسابات، وتجاوز لجان الأهل فعل غير محقّ ويقلّل من الثقة، داعية المدارس إلى التحلّي بالجرأة وفتح قيودها ومستنداتها أمام اللجان، لتبرهن أنّها فعلاً تحتاج إلى كل هذه الزيادات -المبالغ فيها لدى الأغلبية-، وليبنى على الشيء مقتضاه، فنحن كأهل لسنا مستعدين لتقديم «شيكات على بياض» لأحد خاصة أنّ ماضي أغلبية هذه المدارس معروف لدينا إن من ناحية مخالفات في الموازنات أو المحاولات في مراكمة الأرباح، فنحن أحرص من يكون على هذا القطاع وعلى هذه المؤسسات ولكن ضمن الحق والعدل والقانون.

وحول الأسباب، تضيف الطويل أنّ المدارس تتذرّع بالزيادات بحجّة مساعدة الأساتذة، ونحن نتمنى كلجان أهل أن تصل المساعدات كاملة للأساتذة، ولكن هذا ما لم تقدم عليه أغلبية المدارس عندما استوفت الزيادات على الأقساط حين أقرّت سلسلة الرتب والرواتب، فنحن والمعلمون في الخندق نفسه ونتمنى أن يطالبوا المدارس بمبدأ الشفافية والتدقيق مثلنا، وألّا تضعهم المدارس بوجه الأهل، فنحن ندفع أقساطا مهولة ولسنا معفيّين من أقساط تعليم أولادنا، فلتطبّق القوانين على الجميع خاصة أنّنا سنواجه قريباً مشكلة المنح للقطاع العام، وهنا السؤال: هل ستدفع الدولة عنهم الأقساط بالدولار أم سيتم تحميل الفرق للأهل؟

كيف يمكن أن يتصدّى إتّحاد لجان الأهل والأهل كذلك في ظل ابتزازهم من قبل المدارس كما حصل بموضوع الإفادات، وأين الوزارة من هذه الفوضى؟ في إجابتها تكشف الطويل أنّ الإتحاد تقدّم بمقترحات قانونية إلى المعنيين في الوزارة، وهي اقتراحات ضمن الأطر القانونية توزّع الأعباء، وتنصف جميع مكونات العائلة التربوية، كي نتخطّى هذه المرحلة الصعبة على الجميع، وحمّلت (كاتحاد) وزير التربية مسؤولية ترك المدراس تتعاطى على هواها مع الأهل ودعته إلى وضع حدّ للتجاوزات عبر تحديد الضوابط والسقوف والمعايير لأيّ زيادات، وطالما استجدت أعباء اضافية نتيجة الوضع الإقتصادي، فليستعمل صلاحيته كوزير ويحمي الأهل الذين عليهم التصدي بدورهم عبر تقديم الشكاوى إلى مصلحة التعليم الخاص والتوحد جميعًا من أجل المحافظة على مستقبل أولادنا، وأن لا يخضعوا لأيّ تهديدات، كما انتصرنا بموضوع الإفادات وهو حقنا، وعلينا أن نوقف هذه الهرطقة الحاصلة بتوحدنا جميعًا، داعية المعنيين في الدولة الى إعلان حالة طوارئ تربوية لإنقاذ القطاع، وإلّا ستزيد نسبة التسرب المدرسي وسيدمّر جيل بأكمله.

مؤخرا عاد إلى الواجهة الحديث حول القانون 515 من باب تجميد المادة 2 منه، وهو القانون الذي يمنع المدراس الخاصة من وضع ميزانيات على هواها، واليوم تتكرر المحاولات السابقة لتجميد العمل بهذه المادة عبر دسّها في جدول أعمال جلسة الثلاثاء الماضي النيابيّة (26 تموز 2022)، إلّا أنّ الكتل النيابية الرافضة واتحاد لجان الأهل كانوا لذلك بالمرصاد وفشلت المحاولة.

الباحث الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل شرح لـ»الديار» الشروط القانونيّة للزيادات، موضحا أنّه عملا بأحكام وروحية المادة الثانية من القانون 515 الصادر في العام 1996 تُحدّد الاقساط المدرسيّة وفقًا لنموذح وزارة التربية الّذي يوجب أن تكون كلّ النفقات الواردة فيه بالليرة اللبنانية، مع وجوب تكوين الإيرادات من مجموع الأقساط المدرسيّة الموازي لمجموع عناصر النفقات المحددة في البند الأول من المادة الثانية، وبالتالي لا تجوز أي زيادة على الأقساط، انطلاقًا من سعر الصرف، ما دام لم تستجد أيّ أعباء فرضتها قوانين جديدة، على اعتبار أنّ «الدولرة» تتعارض مع أحكام قانون النقد والتسليف.

إنّما بمقدور المدارس الخاصة، برأينا، وبدعوى تغطية الأعباء المستجدة جرّاء الظروف الاستثنائية، تعديل الأقساط شرط أن يجري تعديل النفقات الواردة في الموازنة المدرسية طبقا لنموذج وزارة التربية المُعدّل، على أن لا يُستوحى هذا التعديل من سعر صرف العملة الوطنيّة، لأنّ الإرتكاز على هذا المعطى بحاجة إلى قانون جديد أو تعليق المادة 2 من القانون رقم 515/ 1996.

ما الذي يمنع محاسبة المدارس المخالفة؟

يجيب إسماعيل أنّه عملا بأحكام المادة 13 من القانون 515/ 1996 إذا وجدت مصلحة التعليم الخاص أنّ الأقساط المدرسية المحدّدة أو المفروضة من قبل المدرسة أو أنّ الزيادة على الأقساط كما اعتمدتها، مخالفة لأحكام هذا القانون عمدت إلى دعوة إدارة المدرسة الى التقيّد بأحكام القانون تحت طائلة الملاحقة القضائية، وفي هذه الحال تحدّد المصلحة للمدرسة قيمة الأقساط او الزيادة الواجب اعتمادها، واذا تمادت المدرسة ولم تلتزم بهذه القيمة ولم تعترض عليها في خلال عشرة أيام من تبلغها وجب إحالة المدرسة الى المجلس التحكيمي المختص بقرار من وزير التربية، لكن مرسوم استكمال تشكيل المجالس التحكيمية التربوية إلى هذا الحين ما زال معلّقا او معطّلا، ما يعني حرمان المواطن من حق التقاضي في وجه كلّ مخالفة قانونيّة، وهذا يعطي المدارس الخاصة الذريعة في التمادي في مخالفة القانون، كما لا يجوز التذرّع بأحكام المادة 10 من الدستور، من أجل تبرير الزيادة، لأنّ المادة نفسها تُلزم المدارس الخاصة مراعاة الأنظمة العامة الّتي لا تخرج عن أحكام القانون 515 كما أسلفنا الذكر.

حتى الآن، لم يخرج وزير التربية ومصلحة التعليم الخاص عن صمتهما اتجاه الزيادات العشوائية والدولرة، وقد حاولت «الديار» التواصل مع مدير عام وزارة التربية ورئيس مصلحة التعليم الخاص عماد الاشقر للوقوف عند رأيه، ولكن لم تحصل على إجابة.

خلاصة القول... تتمادى معظم المدارس الخاصة في الزيادة والدولرة ضاربة بعرض الحائط القانون والرسالة التعليمية في آن، ورغم عدم امتثالها أساسا للقانون 515 لا سيّما في مادته الثانية، تحاول اليوم أن تدق المسمار الأخير في نعش هذا القانون وتسلب الأهل وسيلتهم الوحيدة في الإعتراض على استبدادها في حال تمّ تشكيل المجالس التربوية التحكيمية المعطلة، هذا في وقت تزداد التوقعات بحصول تسرّب كبير من القطاع الخاص إلى الرسمي الهش ما يستدعي إعلان حالة طوارىء تعليمية والسؤال: أين وزارة التربية من هذه المجزرة التي ترتكب بحقّ التعليم الخاص في لبنان؟ 

يمنى المقداد - الديار

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا