الأسعار أعلى بنسبة 25% مما يجب
من المنتظر أن تنطلق آلية تسعير السلع الغذائية والاستهلاكية بالدولار بداية الشهر الجاري بدلاً من يوم الأربعاء المنصرم، بناء على طلب نقابة أصحاب السوبرماركات، بغية تجهيز نظام المحاسبة لوجستياً. هذا الموضوع وغيره مثل عدم تطبيق قانون المنافسة، وعدم إمكانية ضبط التجار المخالفين واصحاب المولّدات والحلول المقترحة، عرضتها «نداء الوطن مع مدير عام مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد محمد أبو حيدر في لقاء خاص فكان هذا هذا الحوار:
- لماذا تمّ تأجيل السير بقرار التسعير بالدولار، وهل السبب يعود الى تعويل أصحاب السوبرماركات على الطعن المزمع تقديمه من جهة متضررة؟
تمّ تأجيل سير العمل بالتسعير بالدولار بناء على طلب نقيب أصحاب السوبرماركات بسبب عدم جهوزية نظام المحاسبة لديهم. وبالنسبة الى إمكانية الطعن، لم تطلق بعد آلية التسعير بالدولار رسمياً للطعن بها. وسنصدرها في قرار خاص في بداية شهر آذار، ليبدأ بعدها مراقبو مديرية حماية المستهلك جولاتهم على اساسها.
- ما هي السلع التي سيشملها التسعير بالدولار وتلك التي ستستثنى؟
السلع الغذائية ستشملها التسعيرة بالدولار ما عدا الخضار الفاكهة والتبغ. أما آلية التسعير واستيفاء الفواتير فسيتمّان بالعملة المحلية، ضمنها الضريبة على القيمة المضافة المفترض أن تكون واضحة بالقرار.
- كيف ستحتسب الضريبة على القيمة المضافة؟
بعد مراجعة وزارة المال، فان استيفاء الضريبة على القيمة المضافة سيتمّ بالليرة وضمن سعر السلعة، وستستوفيها وزارة المال وفق سعر صرف السوق السوداء. علماً أن وزارة الإقتصاد منعت إصدار الفاتورة بالدولار، وإنما بالليرة على أن تحتسب على الدولار وفق تسعيرة سعر الصرف المتداولة عند الدفع على الصندوق والمعلنة في السوبرماركت. إصدار الفاتورة بالعملة الوطنية أمر ملزم ويمكن إضافة ما يعادلها بالدولار، وهي الطريقة الفضلى. تبقى الخطورة في إصدار الفاتورة بالدولار فقط من دون ذكر القيمة بالليرة، لأنها تتضمن بعض اللّبس في ما يتعلق بالـضريبة على القيمة المضافة أو الـ TVA. من هنا سواء تمّ تسديد فاتورة السوبرماركت بالدولار أو بالليرة، تحتسب الضريبة على القيمة المضافة بالليرة. فالوزارة ليست من هواة الدولرة وهذا الحلّ موقت وليس جذرياً. فالحلّ الأخير يأتي من خلال إعادة الثقة بالإقتصاد، تحفيز النمو وتنفيذ الإصلاحات.
- ما هي تداعيات التسعير بالدولار في السوبرماركت؟
ستسهّل آلية التسعير بالدولار مهمّة ضبط التلاعب بالأسعار من المستورد الى المتجر، فليس صاحب السوبرماركت هو الوحيد الذي يسعّر وفق سعر صرف أعلى من ذلك المتداول في السوق السوداء بنسبة 15%، وإنما المستورد يحتسب الدولار على سعر أعلى من السوق السوداء بنسبة 10% وذلك عدا الربح. من هنا، فإن التسعير بالدولار سيخفّض الأسعار بنسبة 15%، وستستقرّ أسعار السلع ولو أسعار الصرف غير مستقرّة، وستُضبط الرقابة أكثر على الأسعار.
- لكن ألا يمكن التلاعب بتسعيرة الدولار؟
بما أن مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد ستلاحق فواتير الإستيراد بالدولار، ستتمكن من معرفة مدى التزام أصحاب المحال والسوبرماركات بهامش الربح الذي يبلغ على سبيل المثال نسبة 17 أو 18 % كحدّ أقصى للمواد التي تتضمن هدراً كالخضار. فنتبع في آلية الرقابة سلسلة الإمداد supply chain، أي السعر المسلّم من المستورد وصولاً الى صاحب المتجر ونقارنه مع سعر المبيع، فيسهّل احتساب النسبة.
وفق آلية التسعير بالدولار للمواد الغذائية، لا نعتمد الدولرة الكاملة، وإنما يتمّ استخدام الدولار كمعيار للتسعير على أن يكون للمستهلك الخيار بالتسديد بالدولار أو بالليرة. فلو كان التسديد بالدولار أمراً ملزماً لكانت المصيبة كبيرة لأن من شان ذلك زيادة الطلب على الدولار في السوق، وبالتالي تهوي العملة الوطنية بنسبة أكبر.
- لماذا أزالت سوبرماركات الأسبوع الماضي التسعيرات عن كل السلع؟
لأنه كان من المرتقب ان يصدر قرار التسعير بالدولار يوم الأربعاء الماضي. علماً أن نزع ملصقات الأسعار يعتبر مخالفة، فسطّرنا محاضر ضبط بحق السوبرماركات التي رفعت التسعيرات، فعمدت بعدها الى إعادة التسعير بالليرة ولكن وفق سعر أعلى مواكبة لارتفاع سعر الصرف.
ضبط الرقابة على الأسعار يعتبر اسهل بكثير من التسعير على الليرة اللبنانية بالنسبة للمواطن أيضاً. حتى أن بعض المستوردين الذين كانوا يسعّرون بالليرة كانوا يحتسبون سعر صرف الدولار أعلى من ذلك المتداول في السوق السوداء. فالربح المحقّق كان من الفريقين المستورد وصاحب السوبرماركت في سعر صرف الدولار الذي ينعكس من الفريقين زيادة بنسبة نحو 25% عن سعر الصرف المتداول عدا الربح. فهامش المخالفات بالدولار «ضعيف». من تجاربنا مع التجّار، المخالفات التي يقومون بها حدّث بلا حرج.
- وزارة الإقتصاد متّهمة بالتقصير بالرقابة وبضبط تجاوزات التسعير في المحال التجارية وأصحاب المولّدات، فما هو ردّكم؟
صرخة الناس محقّة ومن حقّها القول أنه ليس لدينا مراقبون والمواطنون يحتاجون الى آلية لضبط الأسعار. صحيح أن عديد مراقبي مديرية حماية المستهلك قليل اذ يبلغ نحو 50 مراقباً، إلا أن الأهم هو أن تكون العقوبة أكثر صرامة كإحالة صاحب سوبرماركت مباشرة الى القضاء، أو إقفال سوبرماركت بالشمع الأحمر... فتكون العقوبة رادعة للغير لوقف المخالفات ولو كانت مديرية حماية المستهلك تقوم فقط بـ5 أو 6 جولات.
من هنا المطلوب من البلديات اليوم كما ورد في قانون البلديات والمادة 72 من قانون حماية المستهلك، أن تجول على بعض «الدكاكين» في «الضيع» وتوجه إنذارات حول عدم إلصاق أسعار السلع على الرفوف. حتى أن بعض البلديات الكبيرة لديها «مراقبون صحّيون» يمكنهم متابعة سلامة الغذاء إذ هناك يومياً لحوم وأجبان وألبان فاسدة يتمّ تلفها من قبل مراقبي «حماية المستهلك».
كما أرسلنا كتباً الى مجلس الخدمة المدنية لمدّنا بموظفين من الفائض الموجود لدى باقي الوزارات لمساعدتنا في الرقابة، ولم نحصل على ردّ لأن موظفي الوزارات في حالة إضراب، كما ان موظفين في وزارة الإقتصاد أيضاً ملتزمون بالإضراب ويتجاوب معنا في العمل نحو 20 أو 30% من المراقبين.
- ماذا عن مخالفات أصحاب المولّدات الذين لا يمكن وضع حدّ لهم؟
أرسلنا كتاباً الى النيابة العامة التمييزية بأسماء اصحاب المولدات الذين سجّلوا مخالفات متكرّرة ولم يعدّلوا التعرفة لإتخاذ المقتضى بحقّهم.
- ما هي الحلول للأزمة عموماً برأيك ؟
الحلّ باستعادة الثقة بالدولة، وذلك يتمّ من خلال الإصلاحات الكفيلة بتحريك عجلة الإقتصاد، جذب إستثمارات الى البلاد، استقرار سعر صرف الدولار وتحسين القدرة الشرائية، فيتم وضع حدّ لجشع بعض التجّار على حساب المواطن.
- ألم يكن باستطاعة وزارة الإقتصاد الحدّ من استنزاف الدعم وقمع تهريب السلع المدعومة الى الخارج؟
كان يجب أن تتوجّه خطّة الدعم التي قامت بها الحكومة للمواطنين منذ بداية الطريق بدلاً من هدر الأموال على السلع والفيول للكهرباء... وذلك من خلال إقرار البطاقة التمويلية. ولو حصل هذا الأمر لكنا خفّفنا من استنزاف الإحتياطي في بداية الأزمة. الى ذلك وبما أنه ليس لدينا ترف الوقت، لو تمّ السير بالإصلاحات التي تبحث وتقرّ اليوم منذ بدء الأزمة لكان وضعنا اليوم أفضل بكثير، ولما كانت أهدرت الأموال الطائلة على الدعم. قرار الدعم خاطئ، حتى الحكومة حين أقرّته أعلنت أنه موقت لحين إنجاز البطاقة التمويلية، إلا أنه دام طويلاً. فأيّ دعم لا يكون موجّهاً الى المواطن يكون في مكان ما من الصعب ضبطه أكان لناحية الإحتكار أو التهريب أو التخزين أو سوء الإستعمال.
أنا من الأشخاص الذين طالبوا برفع الدعم وذلك موثّق في محاضر عدة أصدرناها سواء في مصرف لبنان أو حتى مع الدولة، إلا انه حصل انفجار 4 آب ولم يعد يتجرأ أي وزير على تجرّع كأس رفع الدعم.
شركات كثيرة استفادت من الدعم ويبلغ عددها نحو 50 أو 60 شركة، قدّمت طلبات وفق الأصول وكانت مطابقة للمواصفات وهي منشورة على موقع وزارة الإقتصاد الإلكتروني.
- لماذا لم يطبق بعد قانون المنافسة الذي أقرّ في شباط 2022؟
وحدها المنافسة تصحّح الأسعار، فاعتماد سياسة «البوليس والحرامي» لا تنفع. ولكن قانون الغاء الحماية عن الوكالات الحصرية أعطي وقت صدوره مهلة عامين، ولكن للأسف لم تشكّل حتى اليوم هيئة المنافسة من خلال تعيينات تتمّ في مجلس الوزراء، للبتّ بالإحتكارات.
وعندما يطبق القانون تنظر هيئة المنافسة التي تكون مستقلة في قضايا الإحتكار وتتكون من قاض وعضو من نقابة المحامين وآخر من اتحاد الغرف، ومفوّض حكومة، عندها نكون وضعنا الخطّة الصحيحة لحماية المستهلك. لأن المنافسة كفيلة بتصحيح الأسعار بالسوق ومنع الإحتكارات خصوصاً عند بعض الكارتيلات الكبيرة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|