قمة الرياض تكريس لسياسة الأحلاف أم مدخل الى التسويات السياسية؟
كتب إيليا نعمة في “المسيرة” – العدد 1731
في المؤشرات الدالّة على الطابع الإستثنائي للقمة
نذكر من بين تلك المؤشرات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما يأتي:
1 ـ تأجيل زيارة الرئيس الأميركي الى دول المنطقة مطلع شهر تموز الى 15 منه لانضمام الرئيس بايدن الى جلسات مؤتمر القمة في الرياض.
2 – ترتيب أولويات زيارة الرئيس بايدن الى المنطقة، بشكل يزور الرياض مباشرة من بعد زيارته لتل أبيب، وتلك بادرة دبلوماسية غير مسبوقة قام بها رئيس أميركي، لجهة إنتقاله مباشرة من زيارة إسرائيل الى دولة عربية، ولهذا الترتيب إشارات ودلائل مقصود تسليط الضوء عليها.
3 – سبق إنعقاد القمة في الرياض، جولة شرق أوسطية قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على دول أساسية في المنطقة، على المستوى الاستراتيجي، للتشاور في شؤون أمن الشرق الأوسط وصولاً الى التنسيق والتفاهم، وربما التحالف لمواجهة الأخطار المحدقة بها، بسبب التمدد الإيراني وأذرعه الشرق أوسطية. وقد شملت الزيارة كلاً من مصر والأردن وتركيا، مما أضفى عليها طابعًا استراتيجيًا يندرج ضمن الجهود الرامية الى «إنشاء ناتو شرق أوسطي»، وبداية إرتسام صورة «شرق أوسط جديد»، في إستعادة لما سبق وتكلمت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عام 2006، والرئيس الأميركي دونالد ترامب في بداية ولايته الرئاسية لدى زيارته المملكة العربية السعودية.
4 – تراجع نسبة التفاؤل الأوروبي والأميركي (إدارة بايدن الحالية) بإمكانية التوصل عبر مفاوضات جنيف الى إتفاق على إحياء الإتفاق النووي السابق عام 2015 مع الرئيس باراك أوباما.
5 – التغيير الحكومي في إسرائيل، واتخاذ القرار لإجراء انتخابات مبكرة للكنيست في تشرين الأول 2022، مما يعيد خلط الأوراق والتحالفات البرلمانية لتشكيل حكومة جديدة تحظى ببعض الإستقرار السياسي، وكأن الدولة العبرية تتحضّر لمرحلة إستثنائية مقبلة ومرتقبة.
6 – التقارب المفاجئ التركي ـ السعودي بعد عقود من الفتور في العلاقة المتبادلة، بفعل التنافس التاريخي على زعامة الدول الإسلامية، خصوصًا في ظل العطف التركي على حركة الإخوان المسلمين والحركات السلفية الأخرى، غير المجنّدة من المملكة العربية السعودية.
7 – تمتين العلاقات السعودية ـ المصرية على المستويات الاستراتيجية كافة، من الإلتزام برفع مستوى الإستثمار الاقتصادي والتجاري بين البلدين، الى الإلتزام الثابت بأمن المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي من قبل مصر وقواتها المسلّحة دفاعًا عن الأمن القومي العربي من أي خطر داهم قد يُمَسّ به.
8 – تحسين العلاقات بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، وصولاً الى الإعتماد العربي ـ الإسلامي على قدرة قطر على لجم النشاط السلفي والمجموعات الجهادية الناشطة في دول متعددة، وضبط نشاطها المزعزع للإستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب.
9 – التقدم في العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والدولة الإسرائيلية، وصولاً الى التنسيق على المستويات العسكرية والأمنية، وتبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب، وصولاً الى التبادل التجاري والتكنولوجي (…).
10 – عودة الدولة العراقية الى كنف الدول العربية، بعد سنوات من الهيمنة الإيرانية على العراق، وخصوصًا بعد الإنسحاب العسكري الأميركي من بغداد، والقرار العراقي الواضح في إعادة العلاقات مع الدول العربية الى طبيعتها، وصولاً الى لعب دور أساسي في تشجيع الحوار السعودي ـ الإيراني بغية التقارب وخفض التصعيد بين البلدين تحقيقاً لاستقرار الشرق الأوسط.
11 – تسجيل بعض التقدم على مستوى خفض التصعيد في اليمن خلال شهر رمضان، وصولاً الى تحقيق بعض الخطوات باتجاه التوصل الى حل سياسي ودبلوماسي لإنهاء الحرب الدائرة في اليمن.
هل تشكل القمة خطوة أساسية نحو إتحاد شرق أوسطي، سياسي، اقتصادي، إجتماعي وثقافي، أم نحو حلف عسكري (ناتو) شرق أوسطي لمواجهة الأخطار الاستراتيجية المحدقة بالمنطقة؟
1- الثابت من المؤشرات المبنية أعلاه، أن كلاً من السعودية والإمارات، ومعهما دول مجلس التعاون الخليجي، قد بذلوا جهودًا دبلوماسية حثيثة لتقريب وجهات النظر والتخفيف من الخلافات والإختلافات في الآراء بين كافة دول المنطقة، ولتحسين التنسيق والتواصل في ما بينها لرصّ الصفوف وتمتين التضامن بين تلك الدول، ووضع استراتيجية عمل مشتركة لتحقيق المصالح الاستراتيجية والتعاون على كافة الصعد العسكرية والإستخباراتية والأمنية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية، من أجل بلورة إتحاد شرق وسطي مستوحى من تجربة الإتحاد الأوروبي، للإرتقاء والتقدم بالمنطقة الى مشارف القرن الثاني والعشرين.
2 – لاقت هذه الجهود الإستثنائية صدًى من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والإتحاد الأوروبي الذين يُصرّون على الشراكة الاستراتيجية الرامية الى الدفاع عن المنطقة، حرصًا على تأمين موارد النفط الى دول العالم الأول، بعيدًا من أي تهديد أو عرقلة من أي جهة كانت، إيران أم منظمات متطرفة أو إرهابية.
3 – من هنا وفي ظل التموضع الدولي الحاد وعودة الحرب الباردة (وربما الساخنة لاحقاً) بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، ومن ورائه الولايات المتحدة الأميركية، خصوصًا بعد إندلاع الحرب الروسية ـ الأوكرانية ومحاصرة روسيا الإتحادية اقتصاديًا ودبلوماسيًا، يبدو أن المنطقة بعد قمة الرياض 2022 تتجه نحو مشهد التحالف العسكري لـ»ناتو شرق أوسطي» يضم تركيا ومصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، وتكون الولايات المتحدة الأميركية (وبريطانيا وفرنسا بنسبة أدنى) العضد والحليف والشريك الاستراتيجي في مواجهة إيران وأذرعها المتمددة في دول المنطقة (العراق، سوريا، لبنان، اليمن)، وبكل حال لتموضع جيوستراتيجي حليف للغرب في مواجهة تكتل روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وسواها. ولا يُخفى ما لتلك التموضعات من تكريس لسياسة الأحلاف العسكرية وسباق محموم نحو التسلّح، وصولاً الى الدخول في عصر التنافس النووي وتمدده الى دول تعتبر بأنها قادرة على إنتاج قنبلة نووية، مما يؤشر لمخاطر الإنزلاق الى حرب عالمية ثالثة شاملة تقضي على معالم الحضارة البشرية في كوكبنا.
4 – من هنا، فإن القادة والرؤساء والملوك المدعوون الى المشاركة في قمة الرياض 2022 تقع عليهم مسؤولية إنسانية وإسلامية وأخلاقية للإرتقاء الى مستوى عالٍ من الضمير السياسي والاستراتيجي، لكي تكون القمة مناسبة لتوحيد الموقف والإتجاه نحو الحوار الدبلوماسي والسياسي الهادئ والموضوعي وإيجاد الحلول وخفض التصعيد والتوتر الإعلامي والسياسي والعسكري مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وتغليب العقل والإعتدال وروح الإنسانية والتضامن وأسباب التقارب التاريخية، والتشديد على المصالح المشتركة الاستراتيجية لحماية منطقة الشرق الأوسط من التحوّل الى ساحة صراع للجبابرة وللأساطيل العسكرية الإمبراطورية الجديدة على حساب دول الشرق الأوسط وشعوبها والإنسانية جمعاء، ووقايتها من مخاطر الحرب الشاملة والمدمّرة لكافة عناصر الحضارة والرقي والعمران البشري.
ما هي الأهداف المطلوب تحقيقها من القمة؟
سوف نحاول وضع سيناريو إفتراضي لما تريده كل من الدول المشاركة في مؤتمر القمة، أو الدول المعنية مباشرة في مصالحها، بتحقيق أهداف القمة، إنطلاقا لما نراه قراءة للمصالح والأهداف الاستراتيجية لكل دولة معنية، وذلك على الوجه الآتي أدناه:
1- ماذا تريد الولايات المتحدة، وتحديدًا الرئيس بايدن من القمة:
– بعد أن كانت العلاقات السعودية ـ الأميركية قد مرّت بفترة تقارب خلال عهد الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب، الذي حظي في أول عهده بعقود تسلّح لصالح المملكة العربية السعودية، بما يفوق ثلاثماية مليار دولار أميركي، وكان البحث يدور حول إنشاء حلف «ناتو عربي» أو شرق أوسطي، وصلت العلاقات السعودية ـ الأميركية الى الحضيض مع وصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن وإصراره على إستجداء العلاقة مع إيران ومحاولته بكل ما أوتي من قدرة على تقديم التنازلات أملاً في العودة الى إحياء الإتفاق النووي الذي أبرمه سلفه الديمقراطي باراك أوباما، بصورة تجاهلت فيها الإدارة الأميركية الحالية مصالح حلفائها التاريخيين في مجلس التعاون الخليجي، وعرّضتها، تبعًا للتماهي الأميركي مع طهران، الى مخاطر جمّة مسّت بأمنها القومي، وصولاً الى إطلاق الصواريخ البالستية الإيرانية على يد الحوثيين على المرافق الحيوية السعودية، من «أرامكو» الى مطار الرياض.
– من هنا، فإن زيارة الرئيس بايدن ولقائه مع القيادة السعودية (ملكاً وولي عهد) لن تكون سهلة، وسيسمع الرئيس الأميركي كلامًا قاسيًا، على رغم تصاريح عديدة من مسؤولين في الإدارة الأميركية، المشددة على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وعلى الحرص على أمن المنطقة واستقرارها، والتنديد الأميركي (الكلامي وليس الفعلي) بسعي إيران الى زعزعة إستقرار المنطقة بكاملها عبر أذرعها المسلّحة المنتشرة في عدة بلدان عربية، من العراق الى سوريا فلبنان فاليمن وسواها (…).
– وتبعا لما تقدم، على الرئيس الأميركي إثبات مدى جدية إدارته الحالية في إقامة شراكة استراتيجية فعّالة لحماية حلفائه في المنطقة، خصوصًا بعد أن وصلت المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية في فيينا الى حائط مسدود، وبعد بروز معارضة قوية لسياسة بايدن تجاه هذا الملف، من قبل نواب وشيوخ ديمقراطيين إنضموا الى المعارضة الجمهورية الحادة والداعية الى وقف مسلسل التنازلات الأميركية الذي تجاوز الحد المقبول، سعيًا وراء إتفاق نووي تجاوزه الواقع المفروض من قبل طهران الناشطة من دون كلل أو توقف على تخصيب اليورانيوم لنسبة تمكّنها حين تريد من صنع القنبلة النووية ودخولها نادي الدول النووية، مع ما يستتبعه ذلك من نتائج ومفاعيل وسباق تسلّح مع دول المنطقة القادرة على السير في المشوار النووي، وبالتالي مخاطر عالية النسبة في زعزعة أمن الشرق الأوسط، وربما العالم بأسره لاحقاً (…).
– وعليه، فإن مطالب الرئيس بايدن في القمة تتلخص بالثوابت الاستراتيجية التالية:
* إقامة حلف مع شركاء أميركا الاستراتيجيين في المنطقة (ناتو شرق أوسطي يضم إسرائيل) لحماية أمن المنطقة وأمن الملاحة البحرية منها وإليها، حفظاً على تدفق النفط والغاز الى أوروبا، خصوصًا بعد الحرب الأوكرانية ووقف التعامل التجاري مع روسيا الإتحادية.
* النجاح في تقارب حلفاء أميركا، المتخاصمين في ما بينهم كقطر والسعودية، وبين مصر وتركيا، وبين دول مجلس التعاون الخليجي وسوريا، في محاولة لإعادة هذه الأخيرة الى الصف العربي، والسعي الجدي لتحقيق تقدم ملموس في الملف الفلسطيني تسهيلاً لتقريب الدول العربية من إسرائيل.
* تكريس الولايات المتحدة الأميركية، ومن ورائها بريطانيا، كمرجعية استراتيجية وضمانة لأمن الخليج وطريق النفط والغاز، في ظل تفاقم العلاقة الأميركية ـ الروسية، وبداية تشكّل حلف دولي معارض للغرب بين روسيا الإتحادية والصين وكوريا الشمالية وإيران.
* محاولة إحتواء التمدد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وضبضبة أذرعها العسكرية، من ميليشيات وحرس ثوري ووحدات مقاتلة من «حزب الله»، عبر إيجاد حلول سياسية ودبلوماسية للأزمات المتفاقمة في بلدان متعددة من الشرق الأوسط.
* وضع أسس استراتيجية ثابتة وشاملة لمكافحة الإرهاب الدولي وحركات التطرف الإسلامي المهددة للأمن والإستقرار، ليس في دول المنطقة وحسب بل للأمن العالمي.
2 – ماذا يريد الإتحاد الأوروبي من القمة؟
– يحتاج الإتحاد الأوروبي الى مساعدة دول المنطقة في تأمين مقتضيات الحاجة الأوروبية للنفط والغاز وزيادة إنتاجهما من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، لتغطية النقص الفادح في تأمين هاتين المادتين الأوليتين قبل مجيء الشتاء الأوروبي القارس بدون الغاز الروسي.
– بذل الجهود الدبلوماسية اللازمة للنجاح في التقارب الغربي ـ الإسرائيلي، تسهيلاً لدور إسرائيل ومصر والجزائر وقطر، وربما لبنان لاحقاً، في تأمين بديل للغاز الى أوروبا، بعد الحظر الروسي والعقوبات المفروضة على روسيا تبعًا للحرب الأوكرانية.
– ضمان موقف شرق أوسطي محايد، أو في أفضل الأحوال غير متعاون مع روسيا والصين، على الصعيد الاقتصادي والتجاري والنفطي، في ظل إطالة أمد الحرب الروسية ـ الأوكرانية، واتجاه التحالفات الدولية الى حرب باردة أو ساخنة جديدة على الساحة الدولية.
– الحرص على الحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط، وحفظ أمن الملاحة البحرية من الخليج الى دول العالم الأول.
3 – ماذا تريد روسيا من القمة؟
– وقوف دول المنطقة العربية على الحياد تجاه سياسة العقوبات الأميركية والأوروبية عليها، وعدم الإنضمام الى مقاطعة روسيا تجاريًا وسياسيًا.
– إقامة علاقات استراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي للحلول محل الولايات المتحدة الأميركية، في حال ازدادت العلاقات العربية ـ الأميركية سوءًا بفعل سياسة بايدن المتنازلة لإيران.
– حفظ مصالح روسيا في العديد من الدول العربية، بدءًا بسوريا والعراق، والإعتراف بدور روسي كقوة عظمى على الساحتين الإقليمية والدولية.
– زيادة التبادل التجاري بين المنطقة العربية وروسيا منعًا لتردّي الاقتصاد الروسي المأزوم.
4 – ماذا تريد الصين من القمة؟
إن ما ذكرناه عن روسيا ينسحب بنسبة كبيرة على الصين، ولا سيما لجهة بروزها كعملاق اقتصادي وتجاري مؤهّل لاحتلال الصدارة على المستوى العالمي، وضرورة الإعتراف بدورها الرائد على مستوى العلاقات الدولية، خصوصًا وأنها البديل الاقتصادي والإستثماري للغرب برمته في كل من إيران وروسيا وكوريا الشمالية وفنزويلا، والعديد من الدول الإفريقية والآسيوية، في مواجهة سياسة العقوبات الأميركية والأوروبية.
5 – ماذا تريد المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي من القمة؟
– تأكيد دور المملكة ودول المجلس الرائد على الساحتين الإقليمية والدولية.
– ضمان الأمن القومي لكافة الدول العربية، ولا سيما بعد إعادة العلاقات الى طبيعتها مع تركيا، وتمتين علاقات الأخوة مع جمهورية مصر العربية، عبر تعزيز دور الإستثمار السعودي في النهوض بالاقتصاد المصري، ومن جهة مقابلة تأكيد إلتزام مصر بحماية أمن الخليج العربي استراتيجيًا وعسكريا. ومن جهة ثانية، إستعادة العراق الى الحضن العربي، والعمل على إسترجاع سوريا الى الجامعة العربية، وحماية لبنان واليمن من هيمنة التمدد والنفوذ الإيراني.
– العمل على تطوير دول المنطقة للحاق بالتطوّر التكنولوجي والاقتصادي والإجتماعي والثقافي، أسوى بدول العالم الأول، ونقل المملكة العربية السعودية الى مشارف العام 2030 في ثورة تكنولوجية وقفزة عملاقة وطموحة الى الأمام لتصدّر قائمة الدول المتقدمة في العالم.
– حماية العالم العربي من المحيط الى الخليج من أية محاولة للمساس بأمنه واستقراره وحدوده الجغرافية ودوله، عبر وضع خطط تنموية تنهض به الى أعلى المستويات العالمية، وصولاً الى قيام إتحاد عربي أو شرق أوسطي أسوة بالإتحاد الأوروبي.
– السعي الحثيث الى إيجاد حل مشرّف وعادل للنزاع العربي ـ الإسرائيلي، وضمان قيام دولة حرة مستقلة في فلسطين، وصولاً الى تحقيق سلام عربي إسرائيلي يضمن الحقوق العربية والفلسطينية، وذلك كشرط أولي «من دونه لا»، لحل هذا الصراع الطويل.
6 – ماذا تريد إسرائيل من القمة؟
– إقامة تنسيق استراتيجي عسكري واستخباراتي لتبادل الخبرات والمعلومات بغية مكافحة الإرهاب واحتواء التمدد العسكري الإيراني في كل من العراق وسوريا ولبنان، درءًا للمخاطر الاستراتيجية عن حدودها الشمالية، خصوصا على جبهة الجولان ومحافظة درعا السورية الجنوبية والحدود الشرقية السورية ـ العراقية، حيث تقع الطريق البرية لتدفق الأسلحة من طهران الى «حزب الله» في لبنان.
– التوصل الى مزيد من تطبيع العلاقات الإسرائيلية ـ العربية، التي بدأت بين الإمارات العربية المتحدة والسودان والبحرين والدولة العبرية، والتي تأمل إسرائيل بأن تضم دولاً عربية أخرى، مقابل الوصول الى حل عادل ومقبول للشعب الفلسطيني، بما يحقق طموحاته في دولة حرة مستقلة على أرض فلسطين التاريخية.
– تحقيق الحلم الإسرائيلي الذي تكلم عنه الرئيس الأسبق شيمون بيرز في إيجاد شرق أوسط جديد، وصولاً الى بناء هرم اقتصادي وتكنولوجي متكامل يجمع بين التكنولوجيا الإسرائيلية (ولا سيما في المجالات الزراعية والصناعية والطبية) ورأس المال والقدرات الطبيعية العربية واليد العاملة الشرق أوسطية.
7 – ماذا تريد مصر والمملكة الأردنية الهاشمية من القمة؟
– مصر الرئيس السيسي تبغي أولاً حماية نفسها من خطر السلفيين والإخوان المسلمين، وثانيًا تنمية مصر اقتصاديًا واجتماعيًا، بما يسمح في ترقّي «أم الدنيا» واحتواء القوة العاملة الشابة اقتصاديا بما يوازي ماية وعشرين مليون نسمة، والنهوض بالطاقات الطبيعية والزراعية والصناعية والسياحية المصرية، عبر الإستفادة من التكنولوجيا والخبرات العلمية العصرية الأميركية والأوروبية، وصولاً الى الإستثمارات السعودية والعربية في مصر الجديدة و»القاهرة الجديدة».
– وفي المقابل، ترفع مصر شعار التضامن والأخوة والتنسيق على أعلى المستويات لجهة التعاون العسكري والأمني، حماية للأمن القومي العربي، وخصوصا أمن الخليج العربي، مع الإستعداد الذي تبديه القوات المسلّحة المصرية لردع أي إعتداء على العرب، والمشاركة الأساسية في أي تحالف عسكري عربي أو شرق أوسطي على مستوى القيادة والجهوزية العسكرية الشاملة، دفاعًا عن الأمة العربية، من المحيط الى الخليج.
– وما ينطبق على مصر، ينسحب على المملكة الأردنية الهاشمية لجهة التضامن العربي على كافة الصعد، ولا سيما التنموية والاقتصادية والثقافية والإجتماعية، الى جانب التنسيق الأمني والعسكري، ولا سيما لجهة مكافحة الإرهاب المنظّم، الى جانب إلتزام المملكة الأردنية بحماية الأمن القومي العربي.
8 – ماذا تريد تركيا من القمة؟
– لعب دور أساسي داعم للعالم العربي، والعمل على تحسين العلاقات التركية ـ العربية، خصوصًا مع القطبين السعودي والمصري، بخاصة بعد قرار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالإبتعاد عن سياسة دعم وتشجيع الإخوان المسلمين في العالم العربي، والتنسيق مع العالم العربي لجهة تبادل الإستثمارات وتنشيط التجارة الخارجية، والإستفادة من الخبرات التركية في المجالات الصناعية والسياحية، وجذب الإستثمارات العربية الى تركيا. وفي المقابل، التنسيق التركي مع الدول العربية في مجالات التكنولوجيا ومكافحة الإرهاب والدفاع عن أمن المنطقة بوجه التحديات المحدقة بها.
– محاولة تركيا الإستعاضة عن عدم قبول إنضمامها للإتحاد الأوروبي بالإنفتاح نحو العالم العربي، وشرقاً نحو دول آسيا الوسطى التي استقلّت عن الإتحاد السوفياتي المنهار وآثرت عدم الدخول في المنظمة التي أقامتها روسيا الإتحادية، والتي يغلب على شعوبها العنصر الإثني التركماني كتركستان وطاجكستان وأذربيجان وسواها (…).
– محاولة إعادة إحياء مجد السلطنة العثمانية، ومدّ نفوذ تركيا الى دول شمالي إفريقيا والشاطئ الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، من ليبيا الى اليونان وقبرص التركية، وصولاً الى شمال سوريا وامتدادًا للنفوذ التركي حتى قطر.
9 – ماذا تريد الدول العربية الرازحة تحت النفوذ والهيمنة الإيرانيين (سوريا والعراق ولبنان واليمن وقطاع غزة):
– تترقب الدول العربية الواقعة تحت النفوذ والهيمنة الإيرانيين من القمة، العمل على صياغة قرار عربي موحّد لمنع أو لوقف الإنهيارات الاقتصادية والإجتماعية والسياسية في كل من تلك الدول، واستعادة تلك الدول إستقلالها وحفظ سيادتها ووحدة أراضيها، ومنع زعزعة كياناته الإثنية والدينية والمذهبية، ومنع إنفجارها وتفككها كدول، في حال فشلت محاولات جعلها كيانات دائرة في الفلك الإيراني.
– من هنا، فإن سوريا الواقعة تحت النفوذ والسيطرة الأجنبية، تحوّلت الى أربع مناطق نفوذ: روسية في الشمال الغربي والساحل المتوسطي، وأميركية في الشمال الشرقي، وإيرانية في وسط سوريا وجنوبها حتى درعا، وإسرائيلية في الجنوب السوري وهضبة الجولان المحتلة. هذا بالإضافة الى مناطق مسيطر عليها طائفيًا كحوران وجبل الدروز من جهة، وتكون إدلب ملجأ المعارضة الإسلامية المسلّحة، المحمية تركيًا، ومناطق النفوذ الكردية، وصولاً الى الشريط الحدودي التركماني المحروس مباشرة من القوات النظامية التركية، وأخيرًا العاصمة دمشق والمدن الكبرى كحلب وحمص وحماه تحت سلطة النظام السوري. سوريا المشرذمة تنتظر حلولاً سياسية دستورية، ومن ثم إعادة بناء شاملة للبنية التحتية، وإعادة ملايين السوريين الذين لجأوا الى الخارج للعيش الكريم الحرّ في وطنهم.
– العراق المقسّم الى ثلاث مناطق نفوذ أساسية واتحاد فدرالي يضم الأكراد في الشمال والسنّة في الوسط والشيعة في الجنوب، يعيش صراعًا سياسيًا وأحياناً أمنيًا وعسكريا، نتيجة التجاذب الإيراني ـ الأميركي على السيطرة على العراق كدولة ونظام سياسي يتلمّس بصعوبة طريقه الى توحيد البلاد وتحريرها من الهيمنة الغربية وحفظ استقلالها وسيادتها، وإعادة نهوضها الاقتصادي والإجتماعي. العراق، وفي خطوة شجاعة شارك عبر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في مؤتمر القمة ليطرح قضية العراق ومشاكله على المؤتمرين، آملا المساعدة على الخروج من المستنقع الغارق فيه منذ العام 2003 وحتى اليوم.
– اليمن المنقسم الى يمنين، الأول شرعي في الجنوب بقيادة السلطة المنتخبة شرعًا والمدعومة من التحالف العربي، والثاني إنقلابي في الشمال بقيادة الحوثيين المدعومين من إيران و»حزب الله» اللبناني، ينتظر من القمة بذل الجهود للوصول الى حل سياسي للأزمة وإنهاء الحرب، وإعادة بناء اليمن الذي انهارت فيه كافة البنى التحتية وأصبح يعيش كابوس الجوع والمرض والتخلّف والفساد، ومطلوب النهوض به لاسترجاع العيش الكريم لشعبه والإستقرار السياسي والاقتصادي والأمن العسكري للبلاد، علمًا بأن طريق الخلاص لليمن يمرّ عبر إتفاق مع إيران ومع الحوثيين.
– قطاع غزة المسيطر عليه بصورة شبه تامة من قبل حركة حماس وأجنحتها العسكرية المدعومة بشكل كامل من قبل إيران و»حزب الله» اللبناني، الذي أصبح محاصرًا من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي، وشبه معزول عن السلطة الفلسطينية الشرعية في رام الله، يتطلّع ويتوقع من القمة المرتقبة موقفاً داعمًا للقضية الفلسطينية، وسعيًا وراء حل عادل ومحقّ للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، باتجاه الإعتراف بدولة فلسطين الحرّة والمستقلّة، وحق أبناء الشعب الفلسطيني في العودة الكريمة الى أرضه، وفي الوقت نفسه نزع ذرائع التدخل الإيراني المالي والدعم العسكري الجاعل قطاع غزة مصنعًا كبيرًا للصواريخ وبرميل بارود يهدد المنطقة بأسرها بانفجار عسكري تنجرّ إليه دول المنطقة، وتحرق الأخضر واليابس في الشرق الأوسط.
– لبنان المنقسم عموديًا بين فريق سيادي إستقلالي رافض لهيمنة الأمر الواقع الإيراني، وفريق ممانع رافض للنفوذ الأميركي ومقاوم للطغيان الإسرائيلي على شعوب المنطقة، ومؤيد لطهران، والذي وصل فيه التفكك والإنحلال والفساد والإنهيار الاقتصادي والمالي والمصرفي، والإداري والخدماتي والصحي والإنساني والثقافي والتربوي الى حدّ ومنحدر لا يوصف ويُنبئ بانفجار شامل يؤدي الى نسف الإستقرار السياسي والإجتماعي والأمني، في وطن صغير مشلّع ومقسوم حتى العظم، يتطلّع الى القمة لينال جرعة من الدعم المالي والكهربائي والنفطي، وكافة الخدمات الصحية والإنسانية والبيئية، والى دعم أخوته العرب لاستعادة الدولة والسيادة وقرار الحرب والسلم، وحصرية السلاح الشرعي بيد الجيش اللبناني، ومكافحة الفساد وإعدة التنظيم الإداري في الدولة اللبنانية عبر اللامركزية الموسّعة، على الصعيد الإداري والسياسي والتنموي، تحقيقاً لإعادة النهوض والتعافي الاقتصادي، وذلك عبر المساعدة على تأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعيد لبنان الى مكانته العربية والإقليمية والدولية، ويؤكد حضوره الرائد والمميّز بين الأمم الراقية.
خامسًا: نحو تكريس لسياسة الأحلاف العسكرية وتصعيد الصراع، أو مدخل للحلول السياسية والدبلوماسية؟
1 – أكثر من أي وقت مضى، تقف منطقة الشرق الأوسط أمام مفترق طرق مصيري، تتعلّق باتجاهاته العامة عناصر ليست كلها بيد دولها بل ترتبط بأي مدى يمكن للحوار الأميركي ـ الإيراني أن يؤدي الى تفاهم حول الملف النووي بشكل أساسي، وحول ملفات أخرى لا تقل عنه أهمية بشكل ثانوي، أولها البرنامج الصاروخي الإيراني، وثانيها تمدد إيران عبر أذرعها في المنطقة («حزب الله» في لبنان وسوريا واليمن، «الحشد الشعبي» العراقي، «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا والحوثي في اليمن والمعارضة الشيعية في البحرين).
2 – من هنا، وإذا وصلت الجهود الدبلوماسية وتدخل الأوروبيون في محاولة إنجاح الحوار الإيراني ـ الأميركي والإيراني ـ العربي والخليجي، الى خواتيم سعيدة، وانفتاح على الحلول السياسية والاستراتيجية، وتخفيف التصعيد الإعلامي والعسكري، فإنه يمكن الوصول الى تفاهمات تاريخية، تجنّب المنطقة وشعوبها ويلات الحروب والكوارث الإنسانية التي تنجم عنها، ويتم السير في ركب التطوّر الاقتصادي والحضاري والثقافي والإجتماعي والإنساني، وحفظ السلام والحرية الغالية في هذه المنطقة من الشرق، تحقيقاً لخير شعوبها ورقيّها وتقدمها.
3- لذا، فإن القادة والرؤساء والملوك مدعوون الى وقفة ضمير ومراجعة شفّافة وموضوعية للتمكّن من العبور بالمنطقة الى برّ الأمان والتقدم والتطوّر التكنولوجي وسعادة شعوبها، والخوف كل الخوف يكمن في عدم وعي محاذير المرحلة ومخاطر الخيارات غير الصائبة، نظرًا لنتائجها الكارثية، والتي تلقي بمفاعيلها وتداعياتها ظلالاً سوداء على المنطقة بأسرها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|