لهذا السبب هدّد "السيّد" بالردّ على أيّ اعتداء إسرائيلي
أثار إعلان الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله أنّ «أي اعتداء على أي إنسان موجود على الأراضي اللبنانية سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسية أخرى أو الاعتداء على منطقة لبنانية، سنردّ عليه رداً قاطعاً وسريعاً وهذا يجب أن يكون مفهوماً»، التساؤلات عن أسباب وأبعاد هذا الموقف ولماذا جاء بهذه الدقّة والحَرْفيّة ليشمل أيضاً الجنسية الإيرانية التي تقع تحت تفسير «من جنسية أخرى»، دفع مراقبين إلى الاعتقاد بوجود معطيات وإشارات وصلت إلى قيادة «الحزب» ودفعت نصر الله إلى إطلاق هذا التحذير.
من حيث الإطار العام، ساد اعتقاد بأنّ ما بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية سيكون مرحلة تسكين متوسّط المدى للجبهة الجنوبية، خاصة مع انطلاق أعمال استخراج الغاز في حقل كاريش. لكنّ المتابعين يشيرون إلى أنّ هذا لا يُلغي الحربَ الأمنية التي تشنّها الأجهزة الإسرائيلية على الوجود الإيراني وتوابعه في المنطقة، واقترابها من النطاق اللبناني.
هل يخشى نصر الله تمدّد العمليات الإسرائيلية من سوريا إلى لبنان مع انفلاش معاناة إيران هناك وتضاعف الضربات الإسرائيلية كمّاً ونوعاً ضدّ الميليشيات الإيرانية، وكان آخرها عمليات كفرسوسة والقصف المتواصل لمطار حلب (النيرب) المدني – العسكري... وبالتالي جاء موقف نصر الله بمثابة تحذير من تداعيات هذا الاتجاه؟
مصادر مطلعة كشفت أنّ قيادات المنظمات الفلسطينية الموالية لإيران في لبنان وسوريا تداولت في الآونة الأخيرة احتمالات تعرّض مواقع وشخصيات فلسطينية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، لضربات إسرائيلية في مخيمات الجنوب وبعض المناطق الأخرى، نظراً لأنّ الجانب الإسرائيلي يُحَمّل حركة الجهاد الإسلامي وبعض الواجهات الموازية لها مسؤولية التصعيد في الضفة الغربية وفي الأراضي المحتلة عام 1948، ولعلّ هذا ما يفسِّر الحملة الأمنية الشعواء التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قيادات «الجهاد» في الضفة الغربية وحتى في قطاع غزة قبل أشهر.
وتتوقّف المصادر عند تسريب وسائل إعلام إسرائيلية أنّ الشخص «المتسلّل» المسؤول عن ما سُمّي إعلامياً «عبوة مجدو» هو فلسطيني من مخيّم عين الحلوة وأنّه تسلّل من خلال الحدود مع لبنان، كتبرير محتمل للقيام بمثل هذه الضربات.
لدى التدقيق في المشهد الإعلامي المثار بعد تلك «الحادثة» نجد أنّ الجانب الإسرائيلي عمد إلى تضخيم ما جرى على الحدود بشكل مبالَغٍ فيه، حيث تعامل الجيش الإسرائيلي بحساسية مفرطة مع الوضع الحدودي إلى درجة تنفيذ استنفار بَرّي وجوّي في الأيام التالية للحادث ليتضح أنّ المتسلّل هو خنزير برّي.
مع تأزّم الوضع الداخلي الإسرائيلي يحتاج بنيامين نتنياهو لحركة خارجية تُلهي الداخل وتُغيِّر أولويات الاهتمام، وبما أنّ ضرب «حزب الله» في لبنان قد يؤدّي إلى احتمال فتح مواجهة واسعة، وهذا ما لا يريده الطرفان، يصبح خيار توجيه ضربة إلى أهداف تابعة لحركة الجهاد في مخيم عين الحلوة مخرجاً يعتقد المستوى الإسرائليي أنّه قد يمرّ من دون أثمان باهظة، ولهذا جاء موقف نصر الله الاستباقي بهذا التفصيل والتحديد، ليقول إنّ توجيه هذا النوع من الضربات المسكوت عنه في سوريا، لا يمكن احتمالُه في لبنان وسيؤدّي لاشتباك قد يخرج عن السيطرة.
بقيت نقطة عالقة في هذا السياق، وهي إشكالية ما جرى على الحدود وحقيقة «عملية مجدو»، وهنا تكشف مصادر جنوبية في المنطقة الحدودية أنّ السبب الحقيقي لاعتماد «حزب الله» ما يعتبرها «سياسة الغموض البنّاء» هو أنّه يريد إبقاء حالة الالتباس حول الوضع الحدودي لنشر دعاية مجانية عن قدرته على اختراق الحدود، لكنّ المصادر توضح أنّ ما جرى كان جزءاً من عمليات التهريب الناشطة على الحدود حيث تنشط مافيات تتبادل السلع والمخدِّرات والأموال من خلال أكثر من 40 نقطة تهريب مسكوت عنها برضى الجميع، ولذلك فإنّ كلّ طرف استخدم «الحدث» وفسّره بما يخدم مصالحه على جانبَي الحدود.
تهتزّ الكواليس الخلفية السياسية والأمنية في لبنان والمنطقة على وقع الاتفاق الإيراني السعودي ويبقى أنّ وظيفة السلاح فقدت صلاحيتها، حتى وإن كلّف نصر الله نفسه الردّ على العمليات الإسرائيلية الحاصلة أصلاً في إطار حرب لا ناقة للبنان فيها ولا جمل.
أحمد الأيوبي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|