الصحافة

فقاعة سليمان فرنجية...ستنفجر

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

هل يكفي تأكيد وزارة الخارجية الفرنسية أن ليس لباريس "أي مرشح في لبنان" لرئاسة الجمهورية، وعلى اللبنانيين اختيار قادتهم". قطعاً لا. فما نفته فرنسا هو ما لا تجرؤ أي دولة على اعلان تبنيه أصلاً وهو أن يكون لديها مرشح رئاسي في دولة أخرى. لكن النفي يفصح عن إستشعار فرنسا لحجم الاعتراض السياسي المحلي أولاً ثم الدولي والاقليمي  على ترشيح فرنجية للرئاسة، ويؤشر الى أن فرنسا أضطرت مرغمةً  على قول ما قالته، ولو كان الواقع هو خلاف ذلك على ما يعرف اللبنانيون. فسليمان فرنجية هو مرشح فرنسا في لبنان، وهو ما لا يقل عن فضيحة سياسية للدور الفرنسي، تضاف الى سجل الفضائح التي أنتجتها إطلالة الرئيس إمانويل ماكرون اللبنانية منذ إنفجار مرفأ بيروت.

السعودية والموقف من فرنجية
هل يكفي قول المملكة العربية السعودية أنها لا تتدخل في الشأن اللبنانين ليُسقط عنها هذا القول مسؤولية أن توضح وبشكل قاطع معارضتها لوصول فرنجية كشخص ونهج وعنوان. قطعاً لا. فيكفي أن تكون الممملكة ممثلة في الحوارات حول لبنان ليكون ذلك مؤشر الى دور ما تلعبه أو ستلعبه أو يمكن أن تلعبه في المسألة السياسية اللبنانية بكل ما يأتي مع هذا الدور من مسؤوليات و "ووجع رأس" لا تريده السعودية لا من قريب ولا من بعيد. وقد سمعت المملكة من كل حلفائها موقفاً واضحاً في العلن وفي الاجتماعات المغلقة يفيد بأن هم لن يسيروا بفرنجية تحت أي طائل.

هل تكفي الانطباعات عن موقف القاضي نواف سلام أنه غير معني بمعادلة "سلام-فرنجية"، من دون أن يعلن هو قطعاً بأنه ليس جزءاً من هذه الهندسة الفرنسية، ليُستنتج بأن لا حظوظ لهذه المعادلة أصلاً في ظل رفض أحد ركنيها لها. قطعاً لا يكفي. فعلى الصديق المحترم نواف سلام أكثر من غيره مسؤولية تبديد هذه الهمروجة بموقف واضح وحاسم وأن يحمي إسمه ورصيده من تبعات ما يُتداول بشأنه. 

لأذكر نفسي أولاً بأنني كتبت لصالح ترشيح فرنجية عام 2016، قبل ذهاب الأمور بإتجاه التسوية الرئاسية التي جاءت بميشال عون رئيساً. بيد أن ما صح يومها، إن كان فعلا صحيح، فهو لا يصح اليوم، منذ ان اعلنت ثورة تشرين الأول 2019 نهاية عقد "الترقيع". ترشيح فرنجية ليس أكثر من "ترقيعة" في ثوب البلاد الممزق، وما عاد لها معنى في ظل حجم التمزق الراهن غير القابل للترقيع. 

ثلاث إلتباسات وأنصاف مواقف
فرنسياً، لا تستطيع باريس أن تغازل الثورة اللبنانية من الباب بمحاسبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأن تسعى من الشباك لفرض فرنجية رئيساً للبلاد. ولا داعي لأن "يطوشنا" الفرنسيون بأن المسار القضائي مسار مستقل وأن فصل السلطات في فرنسا مسألة محسومة. فعلى صحة هذه الحجة الا أن قرار السعي للعدالة في القضايا السياسية هو قرار سياسي أولاً، يترك الأمر فيه للقضاء بعد القرار السياسي.
وللإيضاح فقط، من المفيد أن نتذكر أن القرار السياسي الذي توفر لمتابعة قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يتوفر لقضية بناظير بوتو التي قضت في إغتيال مشابه لإغتيال الحريري..

سعودياً، تشير كل المعطيات المتوافرة أن المملكة أبلغت الفرنسيين، أنها لن تستعمل نفوذها لتسهيل ايصال فرنجية وأنها لن تتعامل معه إن تمكنت باريس من إيصاله بجهودها. لا تريد السعودية أن تكون "زعيمة العالم العربي" عبر قيادة حفنة من الدول الفاشلة أو شبه الفاشلة، عبر رئيس محسوب عليها هنا أو حكومة مقربة منها هناك، بل تريد أن تكون جزء من منظومة "مجموعة العشرين" الكبار، وهي عضوية تشترط أن تواصل المملكة مسار تنويع الاقتصاد وتسريع تطبيقات "رؤية 2030". وعليه فإن المملكة جاهزة لعقد التسويات الضرورية الداعمة لهذا الطموح لا أكثر ولا اقل، لا الدخول في تسويات وإبتزازات تصرف انتباهها عن أولوياتها. أما لماذا لن تعلن المملكة موقفاً واضحاً بمعارضة فرنجية، وهي معارضة نقلها سفيرها لمن التقاهم في لبنان، فلأن الرياض حريصة على عدم كسر الجرة مع باريس، كعاصمة اوروبية مهمة في سلة علاقات الرياض الدولية في ظل تردي علاقاتها مع واشنطن. تساير الرياض باريس عارفة أن ماكرون متحمس لإنتخاب فرنجية لأسباب أبعد ما تكون عن مصالح اللبنانيين واولوياتهم، وأبعد أكثر عن مصالح السعودية المباشرة.
ولأن الثقافة السياسية اللبنانية قابلة للغرق في "شبر تسوية"، جاء الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية، وما تبعه من تطبيع سعودي مع نظام الأسد، ليعطي الانطباع بأن الرياح تنفخ فعلاً في أشرعة سليمان فرنجية وأن مفاتيح بعبدا باتت قريبة من جيبه.

بين بشار وفرنجية
حقيقة الأمر أن من يسقطون التطبيع السعودي (والعربي عامة) السوري على الواقع اللبناني، يتجاهلون فارقاً نوعياً بين وضعية بشار الاسد وسليمان فرنجية. فالاول، شئنا أم أبينا، نجح في ما يتقنه آل الأسد، وهو إمتحان البقاء ولو على حساب أن لا يبقى حجر على حجر، أو بشر على بشر في سوريا! نجح الاسد في أن يظل "عنوان أمر واقع" لا بد من التعاطي معه، بحدود تختلف بين دولة وأخرى، ولأسباب تتعلق بحسابات هذه الدول أكثر من تعلقها ببشار نفسه.
في حين أن إنتخاب فرنجية هو إنتاج لأمر واقع جديد في لبنان لا يمتلك أي من عناصره الموضوعية ولا مصلحة فيه لمن هم مدعون لإنتاجه. فلا فرنجية هو صاحب حضور نيابي يسمح له بالتصرف كمرشح طبيعي، ولا يتمتع بحاضنة مسيحية في أي من المعسكرين المسيحيين، الأكبر أي القوات اللبنانية ثم الحالة العونية.. فرنجية هو مرشح حزب الله قولاً واحداً ومرشح منظومة المافيا والميليشيا بكامل أركانها، والتي قبل أن تتمكن أفصحت عن نوايا اعادة عقارب الفساد والتسلط الى الوراء كما ظهر في التصرف البلطجي مع تلزيمة المطار. ولا السعودية دولة "يؤكل رأسها" بكلام من النوع الذي قاله فرنجية من بكركي عن العروبة والطائف وبقية العدة التي يتلوّن بها منتحلو صفات الوسطية الاضطرارية. لا أحد كأهل نجد يعرف أن المسلمين قبل الفتح هم غير المسلمين بعده.

ثم أن أمام التسوية السعودية الايرانية الكثير من الوقت قبل أن تتأكد الرياض من خلو الجحر الايراني من افاعٍ تتوثب للدغ، بحيث ان الامتحان اليمني سيطول قبل ان تصل مفاعيل التسوية، إن وصلت، الى لبنان.

أصاب وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، حين قال أن لا مشكل سعودي في لبنان بل مشكل لبناني.

ما يحتاجه لبنان اليوم هو إدراك لبناني أولاً بأن عمق الازمة في البلاد يتطلب تفكيراً خارج منطق الترقيع والصناديق القديمة، لا التوهم بإمكانية تسريع العودة الى الوراء عبر قراءات قاصرة للتطورات الاقليمية، واستدعاء تدخلات وأدوار يأنف منها المدعوون اليها ويعبرون عن ذلك مواربة أو مباشرة.

إذا كان سليمان فرنجية هو مرشح التسوية فمن يكون يا ترى مرشح الهزيمة؟

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا