ما موقف الجنرال من المقاومة؟
اذا كانت أبواب القصر هي فعلاً على وشك أن تفتح، من يدري اذا كانت أصابع القضاء والقدر تتجه الى سليمان فرنجية أم الى جوزف عون؟
زعيم «تيار المردة» وضع ورقته الرئاسية أمام الجميع. لا أحد الا ويعلم تفاصيل شخصيته، ومواقفه من القضايا المركزية في لبنان وفي المنطقة. ماذا عن الجنرال؟
ألا يفترض به الخروج من صمته، كقائد لـ «الصامت الأكبر»، ويعلن برنامجه لانقاذ الجمهورية؟ لعل النقطة الأساس هنا موقفه من المقاومة التي يوجد (ودون أي شك) من يعمل، ان في شقوق الجدران أو على قرع الطبول، لدفعها نحو «المأزق الوجودي»، دون أي اعتبار لذلك النوع من البرابرة الذي يجثم على حدودنا، وفي دولة لا تمتلك الحد الأدنى من الامكانات للتعامل مع الاحتمالات.
نعلم أن قيادة المؤسسة العسكرية بكل أجهزتها على علاقة مميزة مع حارة حريك، لكن لبنان ملتقى لرياح كثيرة ولتقلبات كثيرة. لا أحد يستطيع التكهن كيف يمكن أن يكون شكل التسويات، ومن جبال مران في اليمن الى ضفاف المتوسط في لبنان و... سوريا!
الأميركيون المنشغلون في صراع القرن، ان في الشرق الأوروبي أم في الشرق الآسيوي، مستعدون للتنازل عن بعض الأدوار في الشرق الأوسط، باستثاء التنازل عن عدائهم لحزب الله كونه، كقوة ضاربة، الهاجس الاستراتيجي وحتى الهاجس الوجودي «لاسرائيل».
لنكن على شيء من الشفافية، وان كانت تجربة العماد جوزف عون في موقعه، قد أثبتت أنه رجل النزاهة والفاعلية، رجل الخطوط المستقيمة. هذه مزايا يحتاج اليها لبنان، وحيث الأوليغارشيا الموغلة في الفساد. ولا نتصور أنه بحاجة الى فيلسوف الاعلان الفرنسي جاك سيغيلا ليضع له شعاره الانتخابي.
هنا لبنان. على أي حصان يصل صاحب الفخامة الى القصر ؟ شعار المرشح شخصه. لسنا في فرنسا، وحيث ابتكر سيغيلا شعار «القوة الهادئة» للحملة الرئاسية لفرنسوا ميتران، لترتفع شعبيته بنسبة 7.4 في المئة.
ولكن هل تكفي ممارسات الجنرال في قيادة المؤسسة العسكرية للانتقال التلقائي من اليرزة الى بعبدا؟ الحديث بات علنياً عن «المنطقة الغامضة» في شخصيته. ثمة ساسة يتوجسون من طبيعة تلك «المنطقة»، خصوصاً مع ربطها بـ «الظلال الأميركية» التي يقال انها تحيط به...
أكثر من مرة، أكد خضوعه للسلطة السياسية. هذه مسألة جوهرية في البنية الفلسفية للدولة الديموقراطية. ولكن أين هي السلطة السياسية؟ وأين هو الدستور؟ الأهم من كل ذلك أين هو لبنان؟ ونحن نرى أن هناك قوى داخلية وخارجية على السواء، تسعى الى احداث تغيير كارثي في الصيغة اللبنانية، وربما في الخارطة اللبنانية، باتجاه دويلات طائفية (مع توطين اللاجئين والنازحين)، كما لو أن الطوائفية ليست الآفة الكبرى التي كانت وراء الاعتلال السياسي، وحتى الاعتلال الأخلاقي للدولة وللمجتمع...
هذا اذا أغفلنا تجاهل ملوك الطوائف المادة 95 من الدستور، لتتأرجح البلاد داخل الأزمات، كما داخل الأعاصير الاقليمية والدولية. الأكثر خطورة تكريس ثقافة المتاريس، ما يعني البقاء على تخوم الحروب الأهلية.
لم يعد خافياً على أحد، وعلى الجنرال بالذات، أن هناك عواصم عربية ودولية ترى فيه رجل المرحلة، وان كانت المرحلة الانتقالية (من منطق المغارة الى منطق الدولة).
من هنا كان عليه، والمنطقة تتجه نحو بناء منظومة جديدة للمعادلات أو للعلاقات، بالرغم من الطرقات الأميركية على الأبواب، أن يجول على القيادات بالعقل المفتوح وبالقلب المفتوح، ليقول لتلك القيادات «هذا أنا»... الأنا البعيدة عن اللوثة الفرويدية التي لمسناها لدى أكثر من رئيس سابق.
من الضروري أن نعرف من هو كسياسي، بعدما تعرفنا اليه كعسكري. في القصر، مهمة المايسترو معقدة جداً، ومرهقة جداً. الخيارات الصعبة والاختبارات الصعبة.
قد يكون السؤال الأكثر حساسية هنا: ما هو موقف الجنرال من المقاومة اذا بقيت واشنطن (وهي باقية) على سياساتها الهيستيرية؟ لا نتصور أن الاجابة ستكون مستحيلة. أيضاً، لا نتصور أنها ستكون ملتبسة...
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|