لو دريان... يدري
بعد أسبوعين من تعيينه مبعوثاً رئاسياً خاصاً إلى لبنان، يحط جان- إيف لودريان غداً في بيروت لبدء مهمته مع زعماء الأحزاب والطوائف الذين حمّلهم قبل ثلاث سنوات مسؤولية قيادة البلد إلى «الانتحار الجماعي».
أواخر أب 2020، وبعد تفجير مرفأ بيروت بأسابيع قليلة، أطل لودريان عبر الراديو الفرنسي «أر تي أل» ليقول إنّ «المجتمع الدولي لن يوقع شيكاً على بياض، اذا لم تطبق السلطات اللبنانية الإصلاحات. يجب أن يفعلوا ذلك بسرعة، لأنّ الخطر اليوم هو اختفاء لبنان».
كان لودريان كوزير للخارجية مواكباً لرئيسه ايمانويل ماكرون في رحلتيْه إلى بيروت، بعد التفجير مباشرة ثم في الشهر اللاحق. ومنذ تلك الساعات انخرط في مشروع إعادة إيقاف لبنان على رجليه، حاول الاتكاء على هول انفجار بيروت لاطلاق إعادة الإعمار عبر تشكيل حكومة اصلاح يقودها اختصاصيون لا تلحقهم شبهة الفساد ويحظون بدعم المانحين الأجانب.
قال لودريان يومها إنّ الإصلاح لا يمكن أن تنفّذه الطبقة السياسية الحالية، وأوضح «على السلطات اللبنانية أن تتحمل مسؤولياتها، لكن (المسؤولين) أجمعوا في ما بينهم على التقاعس وهذا لم يعد ممكناً».
في العام التالي (أيار 2021) عاد الوزير الفرنسي إلى بيروت ليلتقي الرؤساء والزعماء إيّاهم وليخرج بما عادت إليه حليمة: «حتى اليوم لم يرتق اللاعبون السياسيون إلى مستوى مسؤولياتهم ولم يبدأوا العمل جدياً لتعافي البلاد بسرعة»، ثم ليطلق تحذيره: «ما لم يتحركوا الآن بمسؤولية... فعليهم أن يتحملوا عواقب هذا الفشل. إنّهم يقودون البلاد إلى الموت، وأنا هنا تحديداً لمنع هذا النوع من الانتحار الجماعي».
يعود لودريان غداً، وهو لم يعد وزيراً لخارجية بلاده ليقابل الأشخاص إيّاهم في مواقعهم المكرّسة، والعقليات نفسها والخطابات المتخشبة إيّاها.
أضيفت على العناوين التي كان يبحثها منذ زيارتَيْ ماكرون، عناوين جديدة. لن يجد ميشال عون في بعبدا لمقابلته، فالمهمة الجديدة التي أضيفت إلى مهامه التي لم تتحقق، البحث عن رئيس. وهو في المناسبة لن يجد محققاً عدلياً يتابع التحقيق في انفجار المرفأ، ذلك التحقيق الذي صار مطلباً عالمياً، والذي كان فاتحة الفصل الجديد من الاهتمام الفرنسي بلبنان، فالتحقيق دفنه من جاء لودريان، وهو يدري، لمحاورتهم في شأن مستقبل بلادهم .
فرنسا هي أكثر العارفين بطبيعة لبنان واللبنانيين وقياداتهم. لن نقول إنّ هذه المعرفة تعود إلى زمن لويس التاسع، بل نكتفي بالقول أنها تعود إلى أزمنة شارل ديغول وفرنسوا ميتران، وأخيراً جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وايمانويل ماكرون. كل هؤلاء كانوا حاضرين في لحظات لبنان الحرجة: ساركوزي حضر بعد أيار «المجيد»، وشيراك سبقه معزياً برفيق الحريري، وماكرون حمل همّ المرفأ على كتفيه، ولودريان كان حاضراً، سمع وناقش واستخلص النتائج.
هل سيعود الأربعاء لسماع المعزوفات المملة نفسها؟ أم أنّه جاء لإبلاغ قادة الهلاك أنّ مهمتهم انتهت، وأنّ صورة أخرى للبنان آخر يجرى الاتفاق عليها في الخارج المستقوي بانقسامات وتبعية «مسائيله»؟ طوني فرنسيس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|