احتجاجات في تل أبيب ومعلومات عن أنّ الصفقة اقتربت.. إليكم آخر التطورات
بو حبيب يروي التفاصيل: أوقفنا الإندفاعة نحو قرار أسوأ من قرار العام الماضي
قبل عام من اليوم وافق مجلس الأمن على طلب لبنان التمديد سنة لقوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، لكنه كان تمديداً ملغوماً بمنح جنود اليونيفيل حرية الحركة من دون التنسيق مع الجيش. صار القرار قيد التنفيذ ولم تعرف حيثيات صياغته، خصوصاً وأنّه صدر بصورة «مخالفة لروحية التنسيق التي تمّ اعتمادها منذ صدور قرار مجلس الأمن 1701»، ما دفع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب إلى وصفه بأنه «فصل سابع مقنع، لأنه لم يحترم أسس العلاقة القائمة على التعاون والتنسيق بدلاً من الإملاء والتصادم».
«تفادياً للصدام»، استدعى الوزير قائد قوات اليونيفيل في أيلول 2022 واتّفقا على «إبقاء التنسيق كما كان يتمّ سابقاً على الأرض. هذا التحرّك استكمله رئيس الحكومة خلال لقائه، بحضور وزير الخارجية، أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2022 أيضاً، حيث اتّفق الطرفان «على حرية الحركة مع إبقاء التنسيق».
وتحضيراً لقرار التمديد للعام 2023، بدأ لبنان حملة دبلوماسية استباقية هذا العام انطلقت منذ أكثر من ثلاثة أشهر من خلال لقاءات ثنائية جمعت وزير الخارجية بسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن ودول مشاركة في قوات حفظ السلام. واستكملت الحركة الدبلوماسية، بطلب دعم مطالب لبنان بالعودة إلى ما كان الوضع عليه من تنسيق، أي قبل تعديلات العام 2022، خلال وعلى هامش أعمال اجتماعات شارك فيها الوزير في جدة، عمان، روما، بروكسل والقاهرة».
وبرسالته طلب التمديد مجدّداً لقوّات الطوارئ هذا العام، حاول لبنان تطويق مفاعيل هذا القرار بإضفاء تعديل يعيد القديم إلى قدمه ويصبح التنسيق مع الجيش جزءاً من القرار.
صدرت مواقف وتعليقات صنّفت المحاولة اللبنانية بالفشل الجزئي، وصارت الخارجية ووزيرها في مرمى الاتّهام بالإخفاق والتماهي مع الرغبة الأميركية تحت عنوان أنّ وزير الخارجية قدّم اعتباراته كمواطن يحمل جنسية أميركية على ما عداها، ومثله فعل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وأنّ الوفد اللبناني لم يثبت على موقف ما أربك ممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وضيّع على لبنان فرصة تعديل القرار بالشكل المرجوّ.
ظهر الإرباك جلياً بين نيويورك وبيروت وضمناً الضاحية الجنوبية التي تدخّلت بشكل مباشر، ولم يعد سرّاً أنّ «حزب الله» دفع باتجاه التهديد بسحب اليونيفيل. رئيس الحكومة أعطى تعليمات بذلك إلى بو حبيب «الذي تصرّف بالتنسيق معه وتنفيذاً لتعليماته» على حدّ تأكيد بو حبيب لافتاً «إلى أنّ لبنان لم يقصّر في اتّصالاته». ويقول «مش فاتح دكانة على حسابي وأعمل دائماً بالتشاور مع رئيس الجمهورية (قبل شغور سدّة الرئاسة) ومع رئيس الحكومة كما تقتضي الأصول».
يتحدّث بو حبيب عن إرباك في صياغة النسخة الثانية مرّتين وعن أنّ «دولة عظمى» تصدّت لأي تعديل بينما أكّدت دول أخرى موقف لبنان وساندته.
يسرد بالتفصيل ما شهدته أروقة مجلس الأمن ومواقف الدول وتعاطيها مع لبنان ويقول «منذ انطلقت في مشاوراتي مع مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأعضاء الدول العشر الأخرى المؤقتة كنت على علم مسبق بأنّ تعديل القرار مهمة صعبة ومعقّدة ومحفوفة بالتحديات، وأننا بمواجهة قاسية مع الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى فاعلة».
انطلقت اتّصالاته على هذا الأساس. توجّه إلى مندوبي الدول الأعضاء بالتوضيح أنّ «الهدف من التعديل تأمين الهدوء والاستقرار في الجنوب وعدم الاحتكاك بين عناصر اليونيفيل والأهالي، وهذا يضمنه وجود الجيش في عداد دوريات اليونيفيل. وطالما أنّ لا عديد للجيش اللبناني يكفي لمرافقة اليونيفيل في كل جولاتها فيمكن اقتصار المرافقة على الجولات المهمة وحيث يمكن أن يتسبّب وجود عناصرها في حساسية للأهالي ويثير ردة فعل سلبية من قبلهم. ثم إنّ التوتّر على الحدود سببه خروقات إسرائيل حيال لبنان بينما تقتصر تحرّكات لبنان على وجود راعٍ على تماس مع نقاط الحدود تحتجزه إسرائيل ثم تعيد إطلاق سراحه».
إعتبر بو حبيب أيضاً أن العنصر الثاني لتأمين الاستقرار هو إظهار الحدود البرية المرسّمة منذ العام 1923. فحلّ المشاكل العالقة في ما يعرف بالتحفّظات على الخروقات الإسرائيلية الـ13 يعزّز الهدوء في الجنوب، ويثبت الأمن الإقليمي. «إنّ هذه الخروقات تضعف موقف الدولة وقد أبدى لبنان استعداده لتثبيت الحدود والاتفاق بشأن النقاط المختلف عليها وأبدت إسرائيل عدم جهوزيتها فلم لا يصار إلى البحث معها بهذا الشأن؟».
يقول وزير الخارجية «إنّ المباحثات في بدايتها كانت إيجابية نسبياً لكن ذلك لم ينعكس تعديلاً على نصّ القرار بحيث لم نلمس تقدّماً ملموساً ودخلت فرنسا على الخط لتظهر النسخة الثانية من دون التعديل المرجوّ والإبقاء على حرية الحركة لليونيفيل التي نؤيّدها من دون إدخال شرط التنسيق مع الجيش الذي نتحفّظ عليه». وقد تبلّغ بو حبيب في بعض اجتماعاته بأنّ بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن ترى «أنّ القرار الإشكالي الصادر العام الماضي لم يكن متشدّداً بما يكفي، حيث تسعى هذه الدول إلى قرار أكثر تشدّداً هذا العام». في رأي بو حبيب «لقد حقّقت الحملة الدبلوماسية خرقاً مهمّاً بوقف الاندفاعة نحو قرار أقسى وأسوأ من العام الماضي».
وإزاء طرح مشابه في مضمونه لنسخة العام الماضي أعلن لبنان في بيان رسمي عدم موافقته على الصيغة المقترحة لأنّ صيغة كهذه ستتسبّب في توتر في المناطق حيث نطاق عمل اليونيفيل. أبلغ بو حبيب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «بصيغة سيئة مطروحة على الطاولة مشابهة للعام الماضي فكان جوابه «هدّد بسحب رسالة لبنان طلب التجديد». هكذا أبلغ بو حبيب من التقاهم برفض الصيغة المطروحة وعقد اجتماعات مع المندوبين الفرنسي والأميركي.
وفي اليوم الثاني تسلّم لبنان نسخة جديدة بناء على المطالبة بالتنسيق مع الجيش، وأضافت فرنسا بوصفها «حاملة القلم» التعديل المطلوب على القرار السابق بالحبر الأزرق (أي النسخة النهائية التي سيتمّ التصويت عليها) بإدخال عبارة التنسيق مع الحكومة اللبنانية وحرية الحركة مع حذف تصنيف الدوريات بين معلنة وغير معلنة. عاد بو حبيب إلى بيروت مطمئناً لنتيجة الاتّصالات ليفاجأ وهو على أرض المطار بأنّ «حامل القلم» عدّل في صياغة النسخة الزرقاء بصورة طفيفة بسبب معارضة بعض الدول والتهديد بمعارضة القرار في الجلسة، من خلال الإبقاء على حق لبنان وإصراره على التنسيق، مع إعطاء اليونيفيل الحقّ بالقيام بدوريات معلن عنها وغير معلن عنها، إرضاء لبعض الدول التي عارضت بشدة الالتزام بالتنسيق مع لبنان».
وبذلك استطاع لبنان على حدّ قول وزير الخارجية «النجاة من الفصل السابع المقنّع» وعاد مجدّداً إلى الفصل السادس حيث «أعاد حفظ حقه بأهمية التنسيق بين الطرفين». كما «تمكّن من وقف الاندفاعة التي تبلّغها باتجاه قرار جديد أكثر إشكالية وتشدّداً، وثبت محورية اتفاقية وضع القوات المعروفة بالـSOFA المصادق عليها في مجلس النواب اللبناني، التي تشدّد على حرية الحركة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية والمذكورة في نص القرار الجديد»، وهذا «تقدّم جوهري عن نسخة القرار الصادرة العام الماضي، على أن تستكمل مستقبلاً وعلى الأرض بما يثبت التزامن بين حرية الحركة والتنسيق بصورة قاطعة، بما فيها كافة الدوريات المعلن عنها وغير المعلن منها».
مفاوضات باريس - الضاحية الجنوبية
استكمالاً لما شهدته الكواليس، تحدثت مصادر دبلوماسية غربية عن مفاوضات مباشرة تمت بين فرنسا والضاحية الجنوبية، وقالت إنّ المباحثات كانت توقفت في نيويورك في أعقاب الصيغة المشدّدة التي دوّنتها فرنسا وفشلت النقاشات في تعديلها، ليتبيّن أنّ البحث انتقل إلى فرنسا لاتخاذ القرار النهائي. خيضت النقاشات على خط باريس حارة حريك ليخرج بعدها التعديل الطفيف الذي أضيف على الصيغة النهائية.
وقد اعتبر «حزب الله» أنّ القرار بصيغته الحالية تضمّن تصحيحاً جزئياً لصيغة العام الماضي، واعتبرت مصادر مواكبة أنّ «حزب الله» لم يخض مفاوضات مباشرة وإنّما كان مواكباً لتفاصيلها بينما قالت مصادر أخرى إنّه دخل مباشرة على خط التفاوض مع الفرنسيين وإنّ موقفه وإصراره على التهديد بسحب اليونيفيل شكّلا عاملاً مساعداً.
وإزاء إصرار أميركا وعدد من الدول الأخرى على تمرير القرار بصيغة أكثر تشدّداً من العام الماضي، جرت اتّصالات موسّعة بين «حزب الله» والحكومة اللبنانية وعقدت اجتماعات عدة في السراي الحكومي أفضت إلى الاتفاق على تلويح لبنان بسحب رسالته وتدخل الفرنسيون بقوة للموازنة بين التهديد الأميركي بالتصويت ضد القرار في حال خضع للتعديل. ساعات عصيبة خرجت بعدها الصيغة المتوافق عليها على الورق وشكلت حلاً وسطاً تبعها اتفاق لم يدوّن بالأزرق بل بالاتصالات بين اليونيفيل والحكومة اللبنانية وضمناً «حزب الله»، ويقضي بأن يبقى الاتفاق الماضي ساري المفعول بحيث لا تتحرّك دوريات اليونيفيل من دون إعلام مسبق للجيش ومواكبته لا سيما في المناطق التي تشهد حساسية بين جنود اليونيفيل والأهالي.
غادة حلاوي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|