هل يُنفّذ منصوري ما عجز عنه المجلس والحكومة؟
تزدحم أجندة المواعيد الديبلوماسية الأسبوع المقبل بين توقعات لزيارتين: واحدة للموفد الرئاسي الفرنسي جان - ايف #لودريان استكمالاً لمبادرته الرئاسية، والأخرى لموفد قطري رفيع يُعتقد انه ممثل قطر في اللجنة الخماسية، وذلك بعد وصول السفير فوق العادة الجديد الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني، ومباشرته جولته الديبلوماسية التعارفية.
والمفارقة ان الزيارتين لا تكملان بعضهما البعض وإنْ كانتا تصبّان تحت العنوان الرئاسي، الا انهما تتميزان في شكل واضح لجهة التباين حيال مواصفات المرشح، حيث بات معروفاً ان الدوحة تدفع في اتجاه تبنّي ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون في حين ان باريس لا تزال رمادية حيال اسقاط مبادرتها السابقة الداعمة لمرشح الثنائي الشيعي رئيس "تيار المردة" #سليمان فرنجية، ولم يُظهر لودريان حتى الآن ما يخالف هذه الضبابية.
ويترافق الضغط الخارجي لانجاز الاستحقاق الرئاسي مع ضغط مماثل وانما من الباب الاقتصادي هذه المرة، مع توقع وصول بعثة لصندوق النقد الدولي بمهمتين محددتين، تكمن الأولى في التأكيد على استمرار التزام الصندوق مساعدة لبنان ودعمه، وعدم التخلي او التراجع عن البرنامج المقترح معه لإخراجه من ازمته، ووضعه على سكة التعافي، فيما يتمثل الهدف الثاني بدعوة السلطات السياسية الى انجاز المشاريع الإصلاحية التي التزمتها ولا سيما منها الإجراءات المسبقة الواردة في الاتفاق الاولي مع الصندوق، والتي لم ينجز منها الكثير، بل ان الإجراءات الأساسية فيها لا تزال عالقة بين المجلس النيابي والحكومة.
ومع دعوة رئيس المجلس نبيه بري الى جلسات حوار تمتد لسبعة أيام، تليها جلسات مفتوحة للمجلس لانتخاب رئيس، بدا واضحا تعذر انعقاد أي جلسة تشريعية في المدى القريب، سيما وان بري المدرك لحجم الاستياء الدولي من تخلّف لبنان عن التزاماته السياسية كما الاقتصادية الإصلاحية، لم يحدد موعداً ثابتاً للحوار، وما بعده جلسات الانتخاب، وما اذا كان يقصد بالجلسات المفتوحة البقاء في المجلس حتى انجاز الانتخاب او العودة الى تجربة الجلسات الـ12 السابقة، والتي امتدت على اكثر من عشرة اشهر، ما يمكن ان ينسحب اليوم ايضاً على الجلسات الانتخابية المقترحة، ما لم يصدر توضيح عن رئيس المجلس لما عناه بالجلسات المفتوحة.
هذا المشهد لا يشي بأن لبنان بسلطته التشريعية المعطلة بحكم ان المجلس تحوّل الى هيئة ناخبة وبسلطته التنفيذية المستقيلة اساساً من صلاحياتها التنفيذية، بسبب واقع تصريف الاعمال، سيكون قادراً على السير بالإجراءات التي تتيح له إعادة تحريك اتفاقه مع الصندوق. عند هذا الحد، يبدو ان حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري قد دخل على خط الضغط من اجل إقرار مشاريع القوانين التي يطلبها الصندوق، وهو ما عكسته الخطة التي تقدم بها نواب الحاكم قبل انتهاء ولاية رياض سلامة، وتلحظ كل تلك الإجراءات.
حتى الآن، لم تنجز الحكومة الا إقرار مشروع موازنة 2023 وقد بدأت درس مشروع 2024، وهو احد مطالب الصندوق، كما هو مطلب منصوري بناء على طلب الصندوق.
لكن المطلب المهم الذي نجح منصوري في تحقيقه الى جانب وقف تمويل الدولة تمهيداً لدفعها نحو عصر نفقاتها والاتكال على مواردها الخاصة عبر الجباية، تمثل في إقرار انشاء منصة تبادل الكترونية عبر التعاقد مع منصة "بلومبرغ"، والتي من شأنها ان تدفع في اتجاه تحرير سعر الصرف، تماماً كما كان يشترط الصندوق، وكان لبنان يتجاهل المطلب خوفاً من انعكاساته على الاستقرار النقدي. اما وقد انهارت العملة الوطنية، وتعددت أسعار الصرف، وتحوّل الاقتصاد الى اقتصاد نقدي يعمل من خارج النظام المصرفي، فقد بات طبيعياً بل ملحّاً تعويم العملة بعد توحيد السعر. وكان مجلس الوزراء قد تبنى اقتراح منصوري المرفوع عبر وزير المال واقر في جلسته امس التعامل مع "بلومبرغ"، الامر المتوقع خلال مهلة أقصاها شهران، لانجاز الترتيبات والإجراءات اللوجستية لبدء المنصة عملها عبر المصارف. صحيح ان هذا الامر لن يوقف المضاربات وعمل الصرافين غير الشرعيين، ولكنه حتماً سيحدّ من حركة الدولار النقدي في السوق.
في الخلاصة، يستعيد المصرف المركزي زمام الضغط، رغم ان أعضاء الحاكمية قد حيّدوا المؤسسة عن اللعبة السياسية من خلال الامتناع عن تمويل الدولة وانفاق ما تبقى من أموال المودعين. لكن هذا الحياد الإيجابي لن يستمر طويلاً عندما يحين اجل الاستحقاقات المالية التي تتطلب الورقة الخضراء وهي لن تكون بالوفرة عينها بعد حين عقب انتهاء الموسم السياحي وتوقف التدفقات الخارجية.
"النهار"- سابين عويس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|