"الريّس جمال الحجّار" يَفتتح التكليف: ضوابط على الجميع!
منذ تسلّمه مهامّ النائب العامّ التمييزي بالتكليف في 22 شباط الماضي أصدر القاضي جمال الحجّار سلسلة تعاميم. وعَقَد لقاءات مع قضاة وأمنيّين متوقّعة ضمن سياق تدشين مرحلة التكليف العابقة بملفّات حسّاسة، على رأسها ملفّ استكمال التحقيقات بانفجار المرفأ.
رافق سلسلة اللقاءات التي عقدها القاضي الحجار والتعاميم التي أصدرها مناخٌ من التشويش من أكثر من جهة وبعدّة اتّجاهات. ووصل الأمر إلى إضفاء الكثير من الـ “أكشن” على اللقاء. الذي جَمَع القاضي جمال الحجّار مع المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار في مكتبه بالعدلية. واللقاء بينه وبين المحامية العامّة الاستئنافية القاضية غادة عون.
الحجّار-البيطار
تفيد مصادر مطّلعة على مداولات اللقاء بين الحجار والبيطار بأنّ “الاجتماع مُنتظر وليس خارج المتوقّع. كما أنّه لم يكن اجتماع عمل، خصوصاً أنّه أتى في سياق تهنئة المحقّق العدلي للحجار بقرار تعيينه”. مشيرة إلى أنّ “البيطار لم يُقدِم بعد على أيّ إجراء أو إحالة مرتبطة بملفّ المرفأ، وبالتوازي لم يطلب الحجّار بعد الاطّلاع على الملفّ”.
في السياق نفسه بدت لافتةً التسريبات المقصودة التي تحدّثت عن توجّه البيطار لإصدار قراره الظنّي قبل نهاية العام واستكمال إجراءاته. وهو ما لا يمكن حسمه منذ الآن، وفق مطّلعين، حيث إنّ تحقيقات المرفأ لا تزال مجمّدة منذ كانون الأول 2021. وتخلّلها كباش مباشر بين مدّعي عام التمييز السابق القاضي غسان عوديات والبيطار ودعاوى متبادلة.
لكنّ العقد القانونية التي تحكّمت بالملفّ ستجد تدريجاً طريقها إلى الفكفكة من دون إمكانية تحديد المدى الزمني لذلك. وحتى الآن لم يتمّ الاتفاق على المخرج القانوني لذلك وسط كمّ دعاوى الردّ والمخاصمة وانتحال الصفة بوجه البيطار. وادّعاء الأخير على القاضي عويدات. فيما يلفت معنيون إلى أنّ “الخطوة الأولى ستحصل من خلال وقف تنفيذ مفاعيل أيّ إجراء صادر بحقّ البيطار”.
الحجّار-عون
أمّا لناحية لقاء القاضية عون مع “الريّس جمال” فلم يأتِ مضمونه متناسباً مع التشنّج. الذي طغى على بيانها الصادر اعتراضاً على ما اعتبرته “إعاقة لسير العدالة” بعد التعاميم الصادرة عن مدّعي عام التمييز. كما أنّه أتى ضمن سياق لقاءات الحجّار مع كلّ النواب العامّين والمحامين العامّين في المناطق وقادة أجهزة أمنيّة.
يقول مصدر قضائي لـ “أساس”: “ردّ القاضية عون بالإعلام كان متسرّعاً ولا يتوافق مع مضمون تعميم الحجّار. خصوصاً بعدما تبيّن لها لاحقاً أنّ موقفها بُنيَ على استنتاجات خاطئة”.
يعلّق المصدر قائلاً: “بالنسبة للقاضية عون تحديداً فإنّ الأداء منذ الآن وصاعداً سيحكم مسار العلاقة مع النيابة العامّة التمييزية. بعد مسار شائك من العلاقة “المُكهرَبة” مع مدّعي عام التمييز السابق في شأن ملفّات وضعت عون يدها عليها. كملفّ رياض سلامة والمصارف والشركات المالية. وإصدارها مذكّرات بحث وتحرٍّ ومذكّرات توقيف طالت شخصيات عديدة. وقد وصل الأمر إلى حدّ ادّعاء القاضي عويدات على عون بجرم إثارة النعرات الطائفية والقدح والذمّ والتحقير وإساءة استعمال السلطة. وطلب وقف تحقيقاتها في ملفّ المصارف إلى حين بتّ الدعاوى المرفوعة ضدّها. ثمّ تقدّمت عون بطلب ردّ القاضي عويدات أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز. لينتهي الأمر بإحالتها إلى المجلس التأديبي وصدور قرار عن رئيس المجلس آنذاك القاضي جمال الحجّار صرف القاضية عون وإنهاء خدماتها القضائية واستئنافها لاحقاً للقرار”.
تعاميم الحجّار
لكن ما قصّة التعاميم المثيرة للجدل التي أصدرها القاضي جمال الحجّار؟
في الخامس من الجاري أصدر النائب العام التمييزي تعميماً حمل الرقم 39 إلى النيابات العامّة الاستئنافية في بيروت وكلّ المحافظات والنيابة العامّة المالية ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية. طالباً “إرسال التعاميم الصادرة عنها عبر النيابة العامّة التمييزية على أن يصار إلى تعميمها على المراجع المختصّة بواسطتها. وذلك حرصاً على التعاون ومنعاً لحصول أيّ تعارض بين أيّ تعاميم صادرة عن أيّ نيابة عامّة وبين التعاميم الصادرة عن النيابة العامّة التمييزية”.
توضح مصادر قضائية لـ “أساس”: “هي تعاميم ذات طابع تنظيمي، ولا ترتبط بإلاشارات القضائية في ملفّ معيّن. فهناك مثلاً تعاميم سابقة عن نواب عامّين تمييزيّين سابقين ما زالت معمولاً بها، تطلب من الضابطة العدلية مراجعة النائب العامّ التمييزي بشأن الجرائم المهمّة. وهذه الجرائم محدّدة في تلك التعاميم. في الوقت نفسه يمكن أن يقوم النائب العامّ المالي والاستئنافي أو مفوّض الحكومة بتعميم وجوب مراجعته بشأن أنواع معيّنة من الجرائم. هي أصلاً واردة بتعميم النيابة العامّة التمييزية وتوجب مراجعتها بشأن هذا النوع من الجرائم. بالتالي يصبح هناك تناقض بين تعاميم “التمييزية” وتعاميم باقي النيابات العامّة التي يُفترض أن تعمل تحت إشرافها”.
تعميم البحث والتحرّي
كما أصدر الحجّار في اليوم نفسه التعميم رقم 41 الذي طلب فيه من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي: “التقيّد بمدّة بلاغ البحث والتحرّي وفقاً للمادة 24 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي حدّدتها بعشرة أيام. والذي يسقط البلاغ بعدها حكماً، ما لم تقرّر النيابة العامّة تمديده لمدة ثلاثين يوماً يسقط بعدها حكماً”. عليه، كلّف النائب العامّ مديرية قوى الأمن “وجوب مراجعتنا شخصياً بشأن أيّ إشارة تتضمّن تمديد مدّة بلاغ البحث والتحرّي بما يتجاوز أحكام المادّة 24”.
فيما رأى بعض القضاة أنّ هذا التعميم يجعل من الضابطة العدلية في موقع “الواشي” و”المُراقِب” لعمل قضاة النيابة العامّة أي لرئيسها. فإنّ مصادر قضائية تشير إلى أنّ هذا “التعميم يضبط نفاد بلاغ البحث والتحرّي بحيث لا يتخطّى المدّة القانونية المسموحة. أفلا يجب مساءلة القاضي إذا خالف القانون؟ أوليست المرجعية لمحاسبة القاضي هي النيابة العامّة التمييزية؟”. مشيرة إلى أنّه “لا يجوز إبقاء البلاغ مفتوحاً ومترافقاً مع صرف نفوذ وتهويل”.
“انتفاضة” عون!
المفارقة، فور صدور التعميمين، أنّ القاضية غادة عون أصدرت بياناً توجّهت فيه إلى مدّعي عام التمييز بالتكليف مواربة. مؤكدة أنّه “لا يمكن لأحد مهما علا شأنه أن يجتهد في معرض النصّ ويضيف إلى نصّ قانوني واضح شرطاً لم ينصّ المشترع عليه صراحة. فنصّ المادة 24 واضح في أنّه يعود للنيابة العامّة الاستئنافية إصدار بلاغات البحث والتحرّي ولم يشترط مطلقاً المرور بالنيابة العامّة التمييزية. فالنائب العامّ ليس موظّفاً لدى مدّعي عام التمييز”.
فعليّاً، رأى كثيرون أنّ التعميمين استهدفا تحديداً القاضية غادة عون. لكنّ المحيطين بالقاضي جمال الحجّار نفوا ذلك واضعين التعميمين 39 و41 وغيرهما من التعاميم اللاحقة. التي ستصدر عن رأس النيابات العامّة. ضمن سياق تنظيم العمل والإلزام بالتقيّد بالأحكام القانونية ومنع إساءة استخدام السلطة والطلب من الأجهزة الأمنية الإبلاغ عن المخالفات إذا حصلت.
أمن الدولة
كما وجّه القاضي جمال الحجّار كتاباً إلى المدير العامّ لأمن الدولة اللواء طوني صليبا طلب فيه نقل الموقوفين في النظارات التابعة لأمن الدولة إلى السجون التابعة لقوى الأمن.
وفق المعلومات، حصل تنسيق مسبق في شأن هذا التعميم مع المديرية العامة لأمن الدولة، التي أودعت فوراً لائحة بالموقوفين الـ 68 لديها. وجميعهم، وفق مصدر قضائي، كانوا موقوفين بإشارة قضائية (14 منهم صادرة بحقّهم مذكّرات توقيف ويجب نقلهم إلى سجن رومية. وغالبيّتهم يجب نقلهم إلى نظارات قوى الأمن أو قصر العدل بعد تخطّيهم مدة التوقيف القانونية وهي 48 ساعة يمكن تمديدها بمدّة مماثلة بناءً على موافقة النيابة العامّة، وبعضهم موقوف لصالح قوى الأمن – مكتب مكافحة المخدرات أو السرقات الدولية…). كما كانت هناك مراسلات سابقة من المديرية من أجل نقلهم إلى سجون ونظارات قوى الأمن، لكنّ اكتظاظ السجون كان يؤخّر هذا النقل.
مشكلة أمن الدولة فعليّاً ليست في “وديعة” الموقوفين لديها الموجودين في نظاراتها والذين كان يتعذّر على نظارات قوى الأمن أو السجون في لبنان استيعابهم. وبعضهم يُحقّق معهم من قبل أجهزة أمنيّة ثمّ يتمّ الإبقاء عليهم موقوفين لدى أمن الدولة. بل في “الحالات الشاذّة” التي يحرص المدير العامّ لأمن الدولة اللواء طوني صليبا شخصياً على الإشراف عليها عبر توفير خدمات سبع نجوم لموقوفين محظيّين وخارجين عن القانون يتنعّمون بكلّ أساليب الراحة وتضجّ وسائل الإعلام بـ “خبريّاتهم” المثيرة. إضافة إلى جيوش المرافقين الذين يتمّ فرزهم بقرار من المدير العامّ لخدمة شخصيات ورجال أعمال غير مستحقّين لهذه الخدمة الأمنيّة، ضمن إطار صرف نفوذ والاستفادة من خدمات ومكاسب مُقابِلة.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|