ترامب اللبناني!
كان اللبنانيون على مختلف توجهاتهم السياسية، الأكثر لهفة ومتابعة للانتخابات الأميركية التي أفضت إلى عودة دونالد ترامب على صهوة حصان أبيض إلى البيت الأبيض. تعود هذه المتابعة الحثيثة إلى أربع سنوات من عمر الولاية الأولى، التي كان فيها الرئيس الأميركي العائد، معنياً بالمنطقة بأدق تفاصيلها.
إدارة ترامب خططت لخريطة الطريق، الهادفة لإحلال تسوية تاريخية بين إسرائيل والفلسطينيين، وصحيح أنّ تلك الخريطة لم يتسنّ لها الولادة الحقيقية، لكنها كانت محاولة أميركية من خارج الصندوق، لفرض تسوية تقفل الصراع، ومن هنا يمكن فهم وعد المرشح ترامب، قبل أن تطأ قدماه البيت الأبيض، بطيّ صفحة الحروب والنزاعات، وبالتحضير لعالم يتم فيه معاقبة مثيري الفوضى، والمستثمرين فيها.
إدارة ترامب بدلت أولوياتها في التعامل مع المنطقة، فاستهلت مهمتها في نسف الاتفاق النووي مع إيران، الذي كرس هيمنة طهران على معظم دول المنطقة، وأدى إلى تغوّلها في توسيع نفوذها انطلاقاً من العلاقات الدافئة التي كرسها الرئيس الأسبق باراك أوباما، ما أدى إلى إعطاء حرية الحركة لطهران في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وأطلقت يد المحور، الذي تجرأ على هز استقرار الخليج، انطلاقاً من اليمن والعراق، وكل ذلك استمر إلى أن اتّخذ ترامب القرار باغتيال قاسم سليماني، لتنكفئ طهران، إلى حالة ردع ذاتية، استمرت حتى خروجه من البيت الأبيض.
ستكون استراتيجية ترامب اللبناني، على هذه الدرجة من الوضوح، فكل تغيير أميركي في التعاطي مع إيران، سوف يترجم في لبنان، إلى سياسات ردع وتحضير لمرحلة مقبلة تؤسس لوقف انفلاش المحور، وحصر تداعيات نشر الفوضى واستثمار الأذرع الميليشياوية، لتعزيز النفوذ الإقليمي.
ستكون استراتيجية ترامب اللبناني، العمل على ضمان تحييد لبنان عن الصراع، ومنع استعمال حدوده لتهريب السلاح، والتأسيس للصراع الدائم.
سيكون لدى إدارة ترامب فريق عمل فيه الكثير من اللبنانيين، المعنيين بمطابقة مصلحة الولايات المتحدة الاميركية، مع المصلحة اللبنانية ومن هؤلاء وليس حصراً بولس مسعد والد صهره، المعني بإعطاء رأي مطلع على وضع المنطقة ولبنان.
سيكون لدى إدارة ترامب مصلحة في اعتماد لبنان والسفارة الأميركية الأكبر في العالم، كمركز لإدارة استراتيجية تطال المنطقة، وهذا بحد ذاته تطور لا سابق له، منذ تفجير المارينز، والانكفاء الأميركي عن لبنان في مطلع الثمانينات.
أربع سنوات منتظرة في ولاية رئاسية لن تعتمد سياسات كلاسيكية، ولن تهرب من معادلة حل الصراعات إلى معادلة إدارة الصراعات، وفي هذا المنحى يمكن وصف حركة الإدارة المقبلة، بتسريع الزمن.
أسماء من الصقور يمكن أن يوليهم ترامب وزارات الخارجية (داريل عيسى) والدفاع، وباقي المفاصل الأساسية في الإدارة.
المطلوب الآن لبنانياً شد الأحزمة.
أسعد بشارة -”هنا لبنان”
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|