الصحافة

هل سينخفض سعر صرف الدولار في لبنان عام 2025 إلى 50 ألف ليرة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عززت التطورات السياسية والقرب المتوقع لانتخاب رئيسٍ للجمهوية، مع ما يرافق ذلك من تشكيل حكومة جديدة، آمال اللبنانيين ببدء الخروج من النفق السياسي الاقتصادي والاجتماعي وعودة انتظام عمل آلة الحكم والمؤسسات، والتخلص من التداعيات الكارثية التي خلّفها انهيار النقد الوطني، واحتجاز الودائع في المصارف، وتوقف التسليف، وضمور الثقة بالمصارف والليرة على حدّ سواء. 

وتماهياً مع تلك الآمال، سرت توقعات لدى بعض اللبنانيين بانحسار سعر صرف الدولار إلى 70 أو 50 ألف ليرة. فما صحّة ذلك؟ وكيف للتعافي المتوقع أن يعيد بعض القوة لليرة، وللقدرة الشرائية لمداخيل اللبنانيين؟

ثمة الكثير من العوامل المحلية والدولية التي تتحكم بسعر الصرف عالمياً، ولعل أبرزها العرض والطلب على العملة، وأسعار الفائدة والتضخم، ونموّ الاقتصاد المحلي، وعجز الميزان التجاري، والسياسات المالية والنقدية، فيما تبقى الثقة بالعملة الوطنية والقطاع المصرفي، والاستقرار السياسي والأمني، من العوامل الجوهرية المؤثرة على سعر الصرف. 

لبنانياً، ولأسباب عدة، أبرزها التوقف عن دفع سندات اليوروبوندز، والسياسات المالية، والعجز في الموازنة والكهرباء، والفساد المقونن، وانهيار القطاع المصرفي، وفقدان الثقة بالليرة اللبنانية، انخفضت قيمة الليرة كثيراً في فترة قياسية، لتستقر بعد التأرجح صعوداً وهبوطاً على سعر 89500 ليرة لكل دولار، بزيادة 60 ضعفاً على سعر الصرف قبل الانهيار. هذه العوامل أدت إلى انخفاض حاد في الدخل الوطني، وارتفاع كبير في الأسعار، ترافق مع انخفاض للقدرة الشرائية للمواطنين، خصوصاً لدى الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة، وفي مقدمهم موظفو القطاع العام والعسكريون.

حالياً، وبعد ثبات استقرار سعر صرف الدولار، ونجاح مصرف لبنان في السيطرة على المضاربات، ومع بروز عوامل إيجابية عدة، منها ارتفاع الطلب على السيولة بالليرة اللبنانية، ثمة سؤال يتردّد على ألسنة اللبنانيين: هل سينخفض سعر الصرف؟ وكيف سيكون سعر الدولار في 2025؟

مصادر في مصرف لبنان تؤكد "أن الإجابة عن هذا السؤال علمياً وموضوعياً، يقودنا إلى القول إن سعر صرف الدولار بالنسبة إلى الليرة اللبنانية في 2025 قد ينخفض من 90 ألف ليرة للدولار إلى نحو 75 ألف ليرة للدولار، بيد أن ذلك ليس تلقائياً، وغير ممكن، ما لم تتحقق عوامل محلية عدة مضمونة، تأتي بالتوازي مع استعادة الثقة بالاقتصاد الوطني، وحصول استقرار سياسي وأمني مستدام". 

وفي جردة للعوامل المؤثرة على إعادة ارتفاع قيمة الليرة اللبنانية تعدّد مصادر "المركزي" بعضها كالآتي:

– التوقف التام للعدوان الإسرائيلي على لبنان، وإتمام الانسحاب خلال مهلة الـ60 يوماً، وتثبيت الهدنة الحاسم من دون تسجيل خروق. 

– انتخاب رئيس جمهورية وفاقي وإصلاحي يتفق عليه غالبية اللبنانيين، إذا تعذّر الإجماع، وتشكيل حكومة تقدر على إجراء إصلاحات جدية وعاجلة. 

– إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف، ووضع خطة واضحة وقابلة للتطبيق، لمعالجة معضلة أموال المودعين، للبدء بإعادتها إلى أصحابها، على دفعات تزيد عمّا يحصلون عليه من خلال التعاميم. 

– عودة المصارف للإقراض والتسليف، بفوائد مدروسة لتحريك عجلة الاقتصاد، بعد إجراء التعديلات اللازمة على قانون النقد والتسليف.

– حصول لبنان على دعم عربي ودولي لمساعدة الدولة اللبنانية في إعادة الإعمار، خصوصاً أن تدخلها في الإنفاق الواسع قد يؤدي حتماً إلى ارتفاع سعر الصرف لا انخفاضه. فالمبالغ المطلوبة ضخمة جداً، ولا يمكن للخزينة اللبنانية تحمّلها منفردة.

وبناءً على ذلك، لا تستبعد المصادر انخفاضاً ممكناً في سعر صرف الدولار "فالعوامل الآنفة الذكر في حال حصولها، إذا تزامنت معطياتها بعضها مع بعض، وخصوصاً إذا ارتفعت مداخيل الدولة مقارنة مع الأعباء، وكبر حجم الاقتصاد إلى 30 مليار دولار، فإن الأوضاع قد تنقلب رأساً على عقب، يمكن معها رؤية تحسّن جدي في سعر الصرف عام 2025".

أمام ذلك تضيف المصادر، "يمكن لـ"المركزي" عندها، بالتنسيق المسبق مع الحكومة، وضمن آليات علمية، أن يبادر لخفض سعر الصرف. لكن مصرف لبنان لن يقدم بمفرده على خطوة الخفض، إلى 80 ألفاً مثلاً، أو أكثر أو أقلّ، لأن الانفاق على الرواتب بالدولار سيزيد، فيما مداخيل الدولة ستنخفض، وتالياً يكون "المركزي" قد أسهم في عجز خزينة الدولة".

وتجزم بأن "انخفاضاً سريعاً لسعر الصرف، دون حصول أي تقدم في العوامل المذكورة أعلاه، لن يحصل، وإذا حصل فهو حتماً مؤقت وغير مستدام".

 من هنا يحتاج سعر الصرف إلى الوضوح في السياسة التي ستُعتمد: هل ستكون اعتماد سياسة سعر صرف ثابت أم عائم؟ علماً بأن صندوق النقد الدولي يدعم سعر الصرف العائم، لاعتقاده أنه يعزز مرونة الاقتصاد، ويسهّل إمكان تطبيق سياسات نقدية فعالة. ولكن حصول ذلك في لبنان، يستدعي بالضرورة، أن يكون تدريجياً وعلى مراحل، لعدم اضطراب الاستقرار الاجتماعي، وأن يترافق مع الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية، التي طالب ببعضها صندوق النقد الدولي أو غيره. 

المصادر تؤكد أن ثمة فريقاً من "المركزي" يعكف على دراسة قيمة الليرة بدقة توازياً مع حجم الكتلة النقدية في السوق، ومع استقرار الأوضاع والبدء بتحسن الوضع الاقتصادي، ينوي مصرف لبنان ضخ الليرة لإعادة التوازن ما بين حجم الناتج المحلي والكتلة النقدية بالتداول.

إذا انخفض سعر الصرف من 89500 ليرة إلى 75 ألف ليرة لكل دولار خلال عام 2025، فسترتفع القيمة الفعلية لرواتب وأجور القطاع العام. مثال على ذلك، من يتقاضى 75 مليون ليرة شهرياً، يعادل راتبه حالياً 838 دولاراً، وفي حال انخفاض سعر الصرف إلى 75 ألف ليرة فسيعادل راتبه 1000 دولار، أي إن القيمة الشرائية لرواتب القطاع العام سترتفع، فيما ستزيد بالدولار بمعدل 16%، بما سيلزم مصرف لبنان تأمين 175 مليون دولار شهرياً لرواتب القطاع العام، بدلاً من 150 مليون دولار التي يؤمنها حالياً، وهذا ممكن جداً، شريطة حصول استقرار سياسي وأمني. 

سلوى بعلبكي -النهار
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا