الحرب مستمرة في 2025.. هذه رؤية إسرائيل لجبهة الحزب في العام الجديد
تفاصيل مثيرة.. هكذا لاحق حافظ الأسد ياسر عرفات في لبنان!
نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً تحت عنوان: "حافظ الأسد والعداء لعرفات.. تاريخ موجز لمجزرة طرابلس"، وجاء فيه:
شكّل انقلاب آذار 1963 نقطة تحول في مسيرة الرئيس السوري حافظ الأسد الذي كان آنذاك يشغل منصب قائد القوات الجوية ويتمتع بنفوذ واسع داخل جهاز المخابرات العسكرية.
وكان حزب البعث، الذي ارتقى الأسد على أكتافه، يتبنى مبدأ حق الفلسطينيين في مقاومة إسرائيل، وقد سعى الحزب إلى احتضان حركات المقاومة الفلسطينية التي بدأت بالتشكل في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، وعلى رأسها حركة فتح بقيادة ياسر عرفات، وكان صلاح جديد، أحد قادة انقلاب البعث، من أشد المؤيدين لتدريب الفلسطينيين وتسليحهم.
غير أن اللافت للنظر هو موقف حافظ الأسد تحديدًا الذي اتسم بالعداء الشديد تجاه حركة فتح الناشئة وزعيمها عرفات منذ ظهوره في الساحة السياسية في ستينيات القرن الماضي.
ودأب الأسد على استهداف المقاومة الفلسطينية ومن ثم منظمة التحرير، في الوقت الذي كانت فيه هذه الحركة تسعى لإيجاد منطقة لانطلاق عملياتها الفدائية والعسكرية ضد إسرائيل والأراضي المحتلة آنذاك.
عداء الأسد لعرفات
وفي عام 1964، وأثناء استعدادات حركة "فتح" للمعركة، نجح عرفات في نقل شحنة متفجرات من لبنان إلى الأردن. وخلال عبوره الأراضي السورية، ألقي القبض عليه وسجنته المخابرات العسكرية السورية بذريعة القيام بأعمال تخريبية في سوريا.
وعند الاستفسار عن سبب اعتقاله، خاصة أن ما يجري كان يتم من خلال التنسيق مع قيادة حزب البعث في سوريا وعلى رأسها صلاح جديد، اتضح أن المخابرات العسكرية التي ألقت القبض عليه قد جاءتها الأوامر من قائد القوات الجوية وقتئذ اللواء حافظ الأسد.
يشير حنا بطاطو في كتابه "فلاحو سوريا" إلى أنه بعد ساعات أُطلق سراح عرفات الذي أدرك هو وباقي قادة التشكيلات الفلسطينية أن أي تحرك داخل سوريا واتخاذها منطقة عبور صوب الأردن ومنها إلى الأراضي المحتلة لن يتم إلا من خلال موافقة حافظ الأسد صاحب النفوذ العسكري الأقوى آنذاك.
وقد شكلت هذه الحادثة شرارة الخلاف والعداء بين الرجلين، خاصة مع محاولة اغتيال عرفات بعد عامين فقط -في عام 1966- خلال اجتماع كان من المزمع عقده مع أحمد جبريل زعيم الحركة الشعبية لتحرير فلسطين وذلك في العاصمة دمشق.
ووفقا للصحفي آلان هارت في كتابه "عرفات.. السيرة السياسية" فإن اللافت في الأمر أن عرفات علم بما كان يُحاك له من خلال أحد المتآمرين الذين رجعوا في اللحظة الأخيرة، فغاب عن الاجتماع وهو ما جعل عملية اغتياله تبوء بالفشل.
وفي العام نفسه، سعت الهيئة العليا لحزب البعث -خاصة بعد نجاح انقلاب صلاح جديد وحافظ الأسد وسليم حاطوم- إلى السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية لاستخدامها كورقة لتثبيت سلطة المجموعة الحاكمة الجديدة في المنطقة، وهو الأمر الذي رفضه قادة المنظمة وعلى رأسهم عرفات، مما أشعل العداوة بين الجانبين.
وبحسب الصحفي الأميركي سيمور هيرش في كتابه "ثمن القوة"، فقد جاءت الضربة التالية لعرفات في أثناء أحداث أيلول الأسود عام 1970 حين رفض حافظ الأسد أن ينطلق سلاح الجو السوري لدعم الفلسطينيين في هذه المعركة، وهو ما أدى إلى هزيمة ثقيلة لرفيقه صلاح جديد بالإضافة إلى ياسر عرفات والفصائل الفلسطينية، واضطر عرفات إلى الهرب متخفيًا صوب القاهرة.
وعقب هزيمة الفصائل الفلسطينية في الأردن، اضطرت هذه الفصائل للجوء إلى لبنان، ومن اللافت أن حافظ الأسد كان عازمًا على إزاحة عرفات والتخلص منه بأي وسيلة؛ بهدف السيطرة الكاملة على الفصائل الفلسطينية وإخضاعها لسلطته.
الحرب الأهلية اللبنانية واستمرار نهج الأسد
في عام 1971، فرض حافظ الأسد حظرا على انضمام السوريين إلى حركة فتح، وقيّد نشاط الفدائيين المنتمين إليها أو لأي فصيل فلسطيني آخر داخل الأراضي الفلسطينية، كما منع المقاتلين الفلسطينيين من تقديم الدعم لرفاقهم الذين كانوا يتعرضون لهجوم عسكري شرس بالمدفعية والدبابات من قبل الجيش الأردني في آخر معاقلهم بالأردن.
وفي عام 1974، حظيت منظمة التحرير الفلسطينية باعتراف عربي كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ففتح ذلك الباب أمامها لتلقي مساعدات مالية كبيرة من دول الخليج، بالإضافة إلى الحصول على أسلحة مباشرة من الاتحاد السوفياتي، فأهّلها ذلك لإقامة تحالف مع الأحزاب والجماعات اليسارية والقومية التي توحدت ضمن الكتلة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط.
ومع اندلاع شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في نيسان 1975، تدخل الجيش السوري لدعم الجبهة اللبنانية ضد المقاومة اللبنانية الفلسطينية التي كانت تتمتع بتفوق عسكري في تلك الفترة.
وفي ذلك الوقت، مارس حافظ الأسد ضغوطا كبيرة على الإمام موسى الصدر لدفعه إلى الانسحاب من الكتلة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط، وذلك بعد فشله في إخضاع جنبلاط نفسه لسيطرته. وبحسب بطاطو في كتابه السابق، فإن انحياز الأسد للموارنة جاء نتيجة تلقيه رسالة من الجانب الأميركي تدعوه لإيجاد "حل متوازن في لبنان"، مقابل موافقة إسرائيل على التدخل السوري.
وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وزيارة الرئيس المصري أنور السادات لتل أبيب عام 1978، شهدت العلاقة بين ياسر عرفات وحافظ الأسد تقاربا، إذ شكّلا معا جبهة أطلقوا عليها اسم "جبهة الصمود والتصدي"، بمشاركة ليبيا والجزائر واليمن الجنوبي.
ورغم هذا التقارب لم تقم سوريا بأي تدخل عسكري خلال الحملة الإسرائيلية على المواقع الفلسطينية في جنوب لبنان عام 1978، واكتفت بالدفاع عن المخيمات الفلسطينية ضد الغارات الجوية باستخدام صواريخ سام.
حافظ الأسد وتفخيخ المقاومة الفلسطينية
قبيل الاجتياح الإسرائيلي الشهير للبنان عام 1982، قدم حافظ الأسد وعودا بتقديم دعم جوي وقوات مشاة للمقاومة الفلسطينية، إلا أنه سرعان ما تنصل من تلك التعهدات، بل كان من اللافت سحبه صواريخ سام من المخيمات الفلسطينية قبل 15 يوما فقط من قيام إسرائيل بتدمير سلاح الجو السوري في لبنان، مما أدى إلى خسارة سوريا 90 طائرة.
ورغم فداحة الخسائر، لم يردّ الأسد على الهجوم، وصرّح قائلا إنه لن يخوض حربا إلا في الوقت الذي يختاره هو، بل إنه أبلغ المبعوث الجزائري قائلا "هذه الحرب ليست حربي".
وخلال الحصار الإسرائيلي لبيروت، اكتفى الأسد بمراقبة ما يجري من قصف وحصار على الفلسطينيين، مما دفع ياسر عرفات لوصف الأسد بأنه "مثل الأصفار العربية الاثنين وعشرين"، في إشارة إلى العجز العربي آنذاك.
وأشار عدد من المؤرخين من بينهم حازم صاغية في كتابه "البعث السوري.. تاريخ موجز" إلى أن حافظ الأسد كان يتبع نهجا مزدوجا في تعامله مع منظمة التحرير الفلسطينية بهدف تفخيخها وإدخالها في حروب لا شأن لها بها لإضعافها وتقويض قيمتها وقوتها، وقد اتبع حافظ مسارين متوازيين:
الأول علني، كان يتمثل في إرسال رسائل تدعو للوحدة بين الأطراف الفلسطينية وتقدير الظروف الصعبة التي تواجهها سوريا ومنظمة التحرير.
والثاني سري، حيث كان يدعم أطرافا داخل حركة فتح للتحريض على الانشقاق.
وقد نجحت خطته هذه في أوائل عام 1983، إذ انشق عدد من قيادات حركة فتح، بقيادة نمر صالح (أبو صالح)، وسعيد مراغة (أبو موسى)، وموسى العملة (أبو خالد)، وسميح أبو كويك (قدري)، وأسسوا تنظيما جديدا تحت اسم "فتح الانتفاضة"، حظي بدعم ورعاية قوية من حافظ لعداوته الواضحة لياسر عرفات.
وعندما عاد عرفات سرا إلى طرابلس في أيلول 1983، سارعت سوريا إلى توجيه تشكيلات فتح الانتفاضة، إلى جانب الجبهة الشعبية-القيادة العامة وقوات الصاعقة، لشن هجمات مكثفة على الثكنات والمخيمات الموالية لعرفات في طرابلس، بهدف القضاء على ما تبقى من قوات الثورة الفلسطينية في المدينة بعد خروج قيادتها. وبحسب ما وورد في النشرة السياسية الأسبوعية للجيش والقوات المسلحة السورية، فإن الهدف كان القضاء على ياسر عرفات والتخلص منه للأبد.
وفي قلب مدينة طرابلس اللبنانية، وجد عرفات والقوات الفلسطينية الموالية له أنفسهم في مواجهة تفوق عددي وعسكري هائل للجيش السوري، إلى جانب القوات المنشقة عن فتح مثل "فتح الانتفاضة" بقيادة سعيد مراغة الموالي للأسد.
مجزرة طرابلس لبنان
وأمام هذا الهجوم الكاسح من قبل قوات حافظ الأسد والقوات الفلسطينية الموالية له، لم يجد ياسر عرفات بدًّا من التحالف مع حركة التوحيد الإسلامي في طرابلس، بقيادة الشيخ سعيد شعبان والشيخ خليل عكاوي.
وكان الشيخان شعبان وعكاوي يكنّان عداء شديدًا لحافظ الأسد بسبب جرائمه في سوريا، وخاصة مجزرة حماة، فضلًا عن دوره في الحرب الأهلية اللبنانية وإضعافه لفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية المواجهة للاحتلال الإسرائيلي.
وفي أوائل تشرين الثاني 1983، تشكلت القوات المناهضة لعرفات من مجموعات مختلفة، شملت أتباع سعيد مراغة (أبو موسى)، والجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية-القيادة العامة، وقوات الصاعقة، وجيش التحرير الفلسطيني، بلغ إجمالي قوات الحصار حوالي 10 آلاف جندي سوري و6 آلاف مقاتل فلسطيني من هذه الفصائل، بالإضافة إلى 100 دبابة وراجمة صواريخ.
وعلى الفور أصدر حافظ الأسد أوامره بقصف طرابلس بالمدفعية وإلقاء الحمم عليها، الأمر الذي كان يؤدي إلى زيادة عدد الضحايا. وبحسب جريدة اللواء اللبنانية في ذلك الوقت، فقد سقط في الساعات الأولى من المعركة عشرات القتلى من المقاتلين الموالين لعرفات في مخيمي نهر البارد والبداوي في طرابلس.
ولم يقتصر الأمر على ضرب هذين المخيمين بالمدفعية والدبابات والقنص، بل أطبقت قوات الأسد والقوات الفلسطينية الموالية لها الحصار على المدينة حتى بلغ الجوع بالناس مبلغه.
وطوال 20 يومًا كان القصف لا يهدأ، وأعداد الضحايا في ارتفاع، وأمام هذه الخسائر الفادحة وحمم النيران القوية سقط مخيم نهر البارد ثم مخيم البداوي الذي كان يضم قوات وأفراد من الموالين لعرفات، وقدّرتهم المصادر بحوالي أكثر من 5 آلاف مقاتل، سقط منهم حوالي ألف قتيل.
وتحت وطأة الهجمات المتكررة من القوات السورية والفصائل الفلسطينية المتحالفة معها، ومع غياب الدعم الفعلي من الدول الأخرى، اضطر ياسر عرفات في النهاية إلى قبول وقف إطلاق النار واتفاق إجلاء من طرابلس ولبنان كافة في أواخر تشرين الثاني. وبعد تلقيه وعودا من الولايات المتحدة والدول العربية بعدم التعرض لقواته أثناء انسحابها، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة طرابلس.
ورغم ذلك تأجل تنفيذ الإجلاء بسبب قصف البحرية الإسرائيلية لطرابلس، وفي إطار الاتفاق وافقت قوات عرفات على ترك أسلحتها الثقيلة، بما في ذلك راجمات صواريخ الكاتيوشا، والبنادق العديمة الارتداد، والمدافع المضادة للطائرات، التي تم تسليمها للجيش اللبناني.
وفي 20 كانون الأول 1983، أجلي نحو 4,700 من مقاتلي منظمة التحرير الموالين لعرفات، بينهم عشرات الجرحى، بواسطة 5 سفن يونانية تحت حماية البحرية الفرنسية، بما في ذلك حاملة الطائرات "كليمنصو".
وعند صعود عرفات إلى السفينة، لوّح للحشود المودّعة له في الميناء، واستُقبل بتحية من أتباعه ومقاتلي حركة التوحيد الإسلامي المتحالفين معه.
وتم توزيع المقاتلين الموالين لمنظمة التحرير على دول عدة، منها الجزائر، واليمن الشمالي، وتونس، والسودان، بينما نُقل حوالي 500 شخص إلى قبرص ومن ثم جوًّا إلى العراق، وبهذا نجحت سوريا والفصائل الفلسطينية المعارضة لعرفات في طرد أتباعه من كامل الأراضي اللبنانية. (الجزيرة نت)
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|