الصحافة

هل يكون العماد جوزف عون غداً الجنرال الخامس في سدة رئاسة لبنان؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

هل يكون قائد الجيش العماد جوزف عون غداً الجنرال الخامس الذي يتولّى رئاسة الجمهورية في لبنان؟ أم أن الدعمَ الخارجي لانتخابه بوصفه «رجُل المرحلة» ومواصفاتها السيادية والإصلاحية لن يكون كافياً لتفكيك «جزئياتٍ» داخلية، بعضها من طبيعة محلية بحت وبعضُها الآخَر ذات امتداد إقليمي، وتكثّفت الاتصالاتُ المتعددة الاتجاه، والتي يتولّاها مباشرة موفدون لأكثر من عاصمة، لتَجاوُزها بهدف عدم تفويت «فرصة ذهبية» أمام «بلاد الأرز» لملاقاة الاهتمام الدولي، المستعاد بأعلى منسوب ومستوى، بالوضع اللبناني بما يَلزم من «أدوات شغل» في الحُكْم تعبّر عن مرحلة جديدة، بدءاً من الكرسي الأولى لتدور بعدها عجلةُ التغيير المنشود؟

«خلية نحل»

سؤالان كانا الشغل الشاغل للبنان وعواصم عربية وغربية، في ضوء تحوُّل بيروت «خلية نحل» من لقاءاتٍ بين أفرقاء محليين و«بلوكات» سياسية وبين مبعوثين دوليين وأطراف لبنانية، في ربع الساعة الأخير الفاصل عن خميس رئاسي ثبّت موعده رئيس البرلمان نبيه بري أمس ومازالت احتمالاتُه متحرّكةً في ضوء عدم اكتمال النصاب العددي والميثاقي لخيار قائد الجيش الذي باتت الساعاتُ الأخيرة في الطريق الى 9 يناير بمثابة اختبار «على حافة الهاوية» لمدى تأثير ديبلوماسية الحضّ الخارجية التي تعمل بأقصى طاقة لجهة فتْح الباب الأخير الذي مازال يعترض دخول العماد عون قصر بعبدا.

كندا: لن ننحني أمام تهديدات ترامب
منذ ساعة

دمشق وعمّان تتعهّدا

ويحمل السؤالان نفسهما في طياتهما سيناريو صارت أوساط عدة ترجّحه ومفاده بأن جلسة الغد، وهي رقم 13 في مسلسل جلسات الانتخاب، إما تنتهي إلى انتخاب قائد الجيش بأكثرية الثلثين وما فوق (86 صوتاً من اصل 128) فيكون للبنان الرئيس 14 منذ الاستقلال، وإما لا رئيسَ بأكثرية النصف زائد واحد وتالياً تكرار نسخة الجلسات العقيمة، في ضوء اقتناعٍ بأن سيناريو رئيس «نصف اللبنانيين» والذي لا يَحظى بمباركة خارجية صريحة لن يوفّر للبنانيين الدفْعَ الضروري لـ «خروجٍ مضمون» من أزماته الأخطبوطية والتي أضافتْ إليها «حرب لبنان الثالثة» بشبَحها الماثل حتى اليوم طَبَقة وجودية.

وعشية الجلسة التي بدأت الاستعداداتُ لها تحت قبّة البرلمان الذي انقطع منذ يونيو 2023 عن الانعقاد لانتخاب رئيسٍ في ضوء استعصاء المَخارج والتي زادتْها تعقيداً الحرب الضارية بين «حزب الله» وإسرائيل، لم يكن ممكناً لأي طرف إعطاء «جواب نهائي» حول مآلات خميسٍ عاشت البلاد مع العدّ التنازلي له مناخات استنفارٍ سياسي غير مسبوق ولم يَطبع أي انتخابات رئاسية، أقلّه في «جمهورية الطائف» (ابتداء من 1989 - 1990) التي من مفارقاتها المزدوجة أنها شهدتْ 3 فراغاتٍ متلاحِقة في آخِر 3 عهود تولّاها 3 جنرالات، العماد اميل لحود، ثم العماد ميشال سليمان، فالعماد ميشال عون (كان قائداً للجيش في الثمانينات)، ومرشّحة لتبقى في كنف «المرقط» بحال انتخاب العماد جوزف عون الذي يكمل الحلقة الخماسية من قادة جيش بـ «نجمة رئاسية» (كان الأول فؤاد شهاب في 1958).

وهذا الحِراك الداخلي المحموم، الذي هو في جانبٍ منه متناغٍم في أهدافه مع «الرسم التشبيهي» وأكثر للاستحقاق الرئاسي الذي وضعه المجتمع الدولي ويحمل توقيع العماد جوزف عون، وفي جانب آخر يتضارب معه إلى أن تكمل الاتصالات دورتها حتى «الدقائق الخمس الأخيرة» من اليوم، يعكس عملياً مفصلية هذه الانتخابات التي تَجْري على «مسرح عمليات» سياسي – أمني – عسكري ركيزتاه المتغيرات الجيو – سياسية في المنطقة والحرب التي علّقها اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، وفي الوقت نفسه أن الدينامية الداخلية لها دور أساسي سواء في تتويج تقاطعات خارجية، ولو بعد تكييفها مع أولويات هذا الطرف الداخلي أو ذاك وهواجسه، أو ربما الإطاحة بها بفعل حساباتٍ ولو ضيّقة وعلى قياس اعتباراتٍ تتصل بتأثيرات هذا الخيار الرئاسي أو ذاك على أوزان حزب وتيار أو آخَر.

هوكشتاين

وفي الإطار وعلى وقع استكمال الموفد الأميركي آموس هوكشتاين أمس إدارة جزء من الاتصالات ذات الصلة بالملف الرئاسي حيث التقى في دارة النائب فؤاد مخزومي على فطور عدداً كبيراً من ممثلي الكتل (بما في ذلك كتلة النائب المُعاقَب أميركياً جبران باسيل) والنواب المستقلّين والتغييريين، قبل أن يتسلّم الموفد الفرنسي جان - إيف لودريان «الدفّة»، بدا واضحاً أن الساعات القليلة المقبلة وحتى ليل اليوم ستكون صعبة وعصيبة ويتوقّف عليها مسار جلسة الخميس ومصيرها، في ضوء الآتي:

- المعلوماتُ عن أن الاتصالاتِ العربيةَ والدولية ستتصاعد وتتكثف في اتجاه بري، لحضّه على السير (ومعه حزب الله) في خيار قائد الجيش والتراجع عن اعتراضه المانع حصوله على غالبية الثلثين (كبديل عن تعديل دستوري يراعي وضعه كقائد للجيش لم يستقل أو ينقطع عن عمله قبل سنتين) وعلى غطاء شيعي، وسط انطباعٍ بأن رئيس البرلمان قد يعمد في اللحظة الأخيرة إلى الالتحاق بالمظلّة الخارجية لخيار عون، وذلك بعد أن يكون حصّل ما أمكن من ضماناتٍ تتصل في جزء منها باتفاق وقف النار وتطبيقه (وهو ما حَقق تقدماً في القطاع الغربي بانسحاب الجيش الاسرائيلي)، وهو ما أشّر إليه تعهُّد هوكشتاين الضمني بأن تل ابيب ستُنجز انسحابها بحلول 27 يناير (موعد انتهاء عدنة الستين يوماً)، وفي جزء آخر بإعادة الإعمار التي تتطلب رافعة من المجتمعين العربي والدولي.

بري...

وراهنتْ أوساط سياسية على أن بري، الذي لا يريد انتخاب رئيس لا يحظى بدعم أميركي وسعودي خصوصاً، يعرف تماماً معنى تَرْك الاستحقاق الرئاسي معلّقاً لِما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض، مع ما قد يعنيه ذلك من أن أي تأخيرٍ قد تملأه تطورات وتراجعاتٍ أكبر تصيب المحور الإيراني ويمكن أن تجعل خيار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع هو الذي يتقدّم خارجياً، ناهيك عن أن «ترامب المجرَّب» من طهران وحلفائها ليس من النوع الذي «يأخذ ويُعْطي»، هو الذي يَعتمد استراتيجية العمل بلا «صندوق بريد»، وأن التحولات الإقليمية لا تتيح للثنائي الشيعي أن يأخذ أصلاً إلا من «كيسه» بمعنى تطبيق وقف النار على صعيد إكمال الانسحاب الاسرائيلي وتمويل الإعمار وليس فرْض أي شروط خارج «هذا الصحن».

وإذ توقّفت هذه الأوساط في معرض عدم إسقاط إمكان سير بري بالعماد عون، عند أن رئيس البرلمان لم يسمّ حتى الساعة مرشّحه، تفهّمتْ في الوقت نفسه مَعاني أن يُضطر الحزب لانتخاب قائد الجيش في مرحلةٍ عنوانها الخارجي استعادة الدولة سيادتها على كامل أراضيها وعدم وجود أي سلاح خارج الشرعية وتطبيق القرار 1701 واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، وما سيعنيه وصول رأس المؤسسة العسكرية إلى الكرسي الأول كـ«رئيس مَهمة»واضحة (بما في ذلك إطلاق مسار الإصلاحات) من زخمٍ للجيش الذي سيحظى بأوسع احتضان شعبي وسياسي.

قوى المعارضة

- اعتماد قوى المعارضة استراتيجية الإحاطة بكل الاحتمالات والسيناريوهات، مبدية استعداداً صريحاً للسير بقائد الجيش والانخراط في انتخابه إذا اكتمل التوافق عليه الضامن لنيله 86 صوتاً وما فوق، وفي الوقت نفسه معربة عن جهوزيةِ لخوض معركة انتخابية بحال لم ينجح خيار التوافق (على قائد الجيش) وبمرشح الـ 65 صوتاً الذي ستعلنه عند التاسعة من مساء اليوم، إفساحاً في المجال أمام الاتصالات العربية والدولية المستمرّة لتوفير النصاب الداخلي لخيار قائد الجيش.

وإذ كان الأبرز أمس في مقلب المعارضة قلْب جعجع اللعبة على الثنائي الشيعي، متحدّياً إياه التراجع عن رفْض قائد الجيش «وإذا بدّل فريق الممانعة في رأيه وبشكل علني وواضح، بإعلانه رسمياً ترشيح العماد عون، فنحن مستعدون للنظر بإمعانٍ في هذا الأمر»، وذلك في مسعى لقطْع الطريق على تحميل «القوات» مسؤولية عرقلة هذا الخيار الذي لم يحمل الخارج سواه الى لبنان وتالياً التداعيات المرتقبة لذلك، فإن مرشح الـ 65 صوتاً الذي يتصدّر لائحة «الخطة ب» للمعارضة لما بعد «دورة قائد الجيش» (الأولى) هو الوزير السابق جهاد أزعور، الأمر الذي ستحسمه اتصالات الساعات القليلة المقبلة.


وتنطلق المعارضة في مقاربتها «الخطة ب» من أكثر من عملية محاكاة متوازية للأسماء وحظوظها، وسط حرصٍ على أن يكون أي اسم لمعركة الـ 65 يحظى بقبولٍ خارجي، رغم أن مثل هذه المعركة تحتاج أيضاً إلى تقاطعاتٍ في البرلمان عابرة لاصطفافاتٍ سياسية، ولو بالحدّ الأدنى، وأن رئيس النصف زائد واحد قد يضع لبنان أمام مرحلة«امتحانٍ»مكلف عربياً ودولياً للأداء ولِما ستكون عليه آليات الحُكْم وشكل الحكومة وبرنامجها الوزاري، على عكس خيار قائد الجيش الذي ينطلق من حاضنة خارجية تَمنحه مع التوافق الداخلي«جناحين»لإطلاق مسيرة النهوض بالبلد وفق معايير المرحلة الجديدة في لبنان والمحيط، وتعبّر في الوقت نفسه عن اهتمامٍ دولي مستعاد بـ«بلاد الأرز»ويعني تلقّفه بـ «فخامة العماد»مصالحة الوطن الصغير مع المجتمعين العربي والدولي.

ولم يكن عابراً أمس ما كُشف عن فحوى لقاء هوكشتاين مع مجموعة النواب في دارة مخزومي لجهة تشديده على ضرورة التزام لبنان وضمناً أي رئيس مقبل باتفاق الطائف والاتفاقات والإصلاحات الضرورية، وأنه قال«نحن أمام فرصة ذهبية»، مسمّياً قائد الجيش كمرشّح مدعوم للرئاسة وإن مضيفاً أنه ليس الوحيد ولكن مع إحالة الآخَرين حين طُلبت منه التسمية على«المواصفات المعروفة للجميع».

ونقل نواب شاركوا في اللقاء عن هوكشتاين قوله «اختاروا الرئيس ونحن سنرى مدى الدعم ونوع الدعم الذي نستطيع تقديمه للبنان مع شخص الرئيس العتيد، وبالتالي رَبَط الدعم والمساعدة بشخص الرئيس وإذا كانوا يعتبرونه محط ثقة أو لا».
 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا