الصحافة

التحديات والضمانات التي دفعت “الحزب” للسير بخيار عون

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يعد خافياً على أحد أن وصول العماد جوزاف عون إلى سدة الرئاسة، جاء بتوافق دولي وإقليمي حاسم، لم يكن لينعكس لبنانياً لولا بناء التوافق بين المعارضة اللبنانية على اسمه، ثم التحاق “الثنائي الشيعي” بهذا التوافق، الأمر الذي أدى إلى انتخابه من الجولة الثانية وليس الأولى، ليظهر بذلك الثنائي بمظهر من سمح بتنصيب الرئيس وليس بمظهر من انصاع الى الضغط الدولي والاقليمي، وذلك بفضل “المناورة” (بمعناها الإيجابي) الذي لعبها ببراعته المعهودة رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

ومع إقتراب انعقاد جلسة الانتخاب قدمت إلى لبنان مجموعة من الوفود الديبلوماسية من السعودية وقطر وأميركا وفرنسا في محاولة للتشديد على أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده في جلسة واحدة من دون تسويف أو إبطاء، بحيث لم تكن الاتجاهات العامة للتصويت على المرشحين محسومة آنذاك على الرغم من إكمال الفراغ الرئاسي عامه الثاني بالتزامن مع وقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل. فقبل الحرب الاسرائيلية على لبنان وأثناءها، حاول الفرنسيون عبر المبعوث الرئاسي جان إيف لودريان التوسط لتسهيل الانتخابات الرئاسية من دون الاشارة إلى اسم المرشح المطلوب، وكان حينها الفريق المقرب لـ “حزب الله” يفضل سليمان فرنجية، بينما تدفع المعارضة باسم جهاد أزعور، ولكن مع تطور مسار الحرب، قرر الحزب التخلي عن ترشيحه لفرنجية وفتح المجال لمساندة مرشح توافقي، ما أعطى الأولوية مرة أخرى لقائد الجيش العماد جوزاف عون، الأمر الذي دفع فرنجية (المعروف أنه يتمتع بـ”البراغماتية” السياسية) الى إعلان سحب ترشيحه، وبالتالي دعمه للتوافق على عون. وأمام الحسم “المسبق” لاسم قائد الجيش، طرحت تساؤلات عدة حول كيف “مشى” الحزب بالعماد عون رئيساً؟

تؤكد المصادر التي واكبت الاتصالات قبل انعقاد جلسة الانتخاب، أن الحزب إستند إلى جملة وقائع يجب أخذها في الحسبان عند تقييم حصيلة الانتخابات، لم يكن بمقدوره تجاهلها، أبرزها:

-المتغيرات الاقليمية المتمثلة بسقوط نظام الأسد في سوريا بعد فترة وجيزة من التوصل الى الهدنة بين العدو الاسرائيلي و”حزب الله” (الذي خرج منها منهكاً)، ما شكل تراجعاً كبيراً للنفوذ الايراني في المنطقة، أفقده القدرة على التحكم بشخص الرئيس.

-تمسك الولايات المتحدة بموقفها بأن الانتخابات الرئاسية تعتبر إمتداداً لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، بحيث أن الأميركيين وسائر أعضاء المجموعة الخماسية يرون أن الجيش اللبناني هو الوحيد الذي يستطيع تنفيذ القرار، ما يجعل من عون قادراً على ممارسة نفوذ مستمرّ على القوات المسلحة لضمان تنفيذ الجيش القرار 1701. وفي هذا السياق، يتخوف “حزب الله” من أن يقوم الاسرائيليون في عهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتفسير اتفاق الهدنة بصورة فضفاضة أكثر ممّا يفعلون راهناً.

-الحاجة إلى ضمان تجدد الاهتمام الخليجي بلبنان، إذ في ظل غياب هذا الدعم، لا وجود لمن سيموّل تكاليف إعادة الإعمار، أو جزء منها، بعد الدمار الذي طال الأحياء والقرى والبلدات الشيعية خلال الصراع الأخير مع إسرائيل، خصوصاً أن ما من مؤشرات تدل على أن إيران (باقتصادها المأزوم)، ستكون قادرة على تأمين مليارات الدولارات اللازمة لإعادة إعمار ما تهدم، ولا سيما أن هذه الخطوة لا تحظى بالشعبية إلى حد كبير في الجمهورية الاسلامية. فعدم تمويل عملية إعادة الإعمار سيضع “حزب الله” في مأزق، لأنه يدرك أنه ما لم يتمكن من تعويض أنصاره عمّا فقدوه، فسيشهد تآكل قبضته على بيئته

-إكتمال “النصاب” العربي – الدولي بدعم خيار إنتخاب العماد عون، لا سيما دول اللجنة الخماسية، إذ لم يعد بمقدور الحزب القفز فوق “الرافعة” التي قادتها كل من الرياض وواشنطن بالدرجة الأولى، ثم باريس، ومعها القاهرة والدوحة، لوصول الجنرال جوزاف عون الى قصر بعبدا، بحيث تحول ممسكو تلك الدول بالملف اللبناني إلى “خبراء ألغام” عملوا في اليوم الأخير ما قبل الجلسة على تفكيك ما تبقى من ألغام كانت مزروعة على الطريق التي تفصل بين اليرزة وبعبدا.

-اللقاء الذي جمع قائد الجيش مع ممثلين عن حركة “أمل” و”حزب الله”، خلص الى ضمانات وتفاهمات تتعلق بشخص رئيس الحكومة وحقيبة المالية وإعادة اعمار ما هدمه العدو الاسرائيلي، فضلاً عن الزام إسرائيل بالهدنة على قاعدة القرار 1701 بحرفيته ونصوصه، من دون أي إجتهادات ولا إضافات.

هذه الوقائع، إضافة الى التغييرات الهائلة التي شهدها الاقليم، وفرضت واقعاً جديداً، فضلاً عن إعتزام الدول الغربية والعربية على إحتضان لبنان، دفعت بـ “حزب الله”، الذي ضاقت خياراته، الى ملاقاة التحالف العربي والدولي وشبه الاجماع المحلي بإنتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، ليكون “الممر” الآمن والإلزامي نحو لبنان “الجديد” المنسجم مع التحولات في المنطقة، مع حرص “عرابي” إستيلاد رئاسة الجمهورية على أن لا يكون الحل مشوباً بعيب الغلبة، خصوصاً أن قائد الجيش كان الأوفر حظاً قبل المتغيرات، وخلالها وبعدها.

وحرصاً على ذلك، كانت مهلة الساعتين التي فصلت بين الجلستين، بمثابة مناورة سياسية من “الثنائي الشيعي” لإثبات أن انتخاب الرئيس الجديد تم بمباركته، ولم يكن ليكتمل من دون تصويت كتلتيه، ليبدو وكأنه لا يزال مسيطراً على المشهد السياسي، إذ تعمد الرئيس نبيه بري (ومن خلفه “حزب الله”) إخراج الانتخاب بسيناريو الدورتين الذي حفظ له دوراً في تظهير الشراكة بإيصال خيار “الإجماع الوطني”. وهذا ما أكده رئيس كتلة نواب “حزب الله” النائب محمد رعد بقوله بعد الجلسة: “أردنا من خلال تأخير تصويتنا لفخامة الرئيس أن نوجّه الرسالة بأننا حماة الوفاق الوطني في البلد”.

لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا