ديوان المحاسبة يقطع الطريق على فساد محتمل في المرفأ
حسم ديوان المحاسبة الجدل الذي دار قبل أشهر حول خضوع اللجنة المؤقتة لإدارة وإستثمار مرفأ بيروت لأحكام قانون الشراء العام، فلم يوافق على قرار الإدارة بالخروج من تحت مظلة هذا القانون الذي يرعى علنيّة المناقصات والمنافسة المشروعة والمساءلة، وأمهلها أسبوعين فقط لتقديم "بيان مفصل" عن جميع الصفقات التي أجرتها منذ تاريخ دخول قانون الشراء العام حيز التنفيذ، تحت طائلة المحاسبة.
الديوان يواجه المرفأ
جاءت مذكرة الديوان التي صدرت بتاريخ 21 كانون الثاني الجاري عن الغرفة التي يرأسها القاضي عبد الرضى ناصر بعضوية المستشارين جوزف الكسرواني ومحمد الحاج، كإجراء وقائي لتنبيه الإدارة إلى خضوعها لعملية الشراء تحت طائلة الملاحقة، "حتى لا تقع في الخطأ" وفقا لما يوضحه مصدر مسؤول. وقد استندت المذكرة إلى كتاب موجه للديوان من رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية بعد ثمانية أيام فقط على القرار الذي اتخذته إدارة المرفأ وأرسلت نسخة عنه إلى وزير الأشغال بتاريخ 21 آب 2024. حيث عكس القرار صداماً بين إدارة المرفأ من جهة، وهيئة الشراء العام ووزارة الأشغال من جهة ثانية، حول مسألة خضوع المرفأ ومشترياته للقانون. إلا أن النصوص وفقاً للمصدر واضحة، وطالما أن العمل بالأموال العامة، فإن كل صفقات المرفأ تخضع للقانون، خصوصاً أن النص لم يستثن أحد من ذلك.
وكانت خطوة إدارة المرفأ التي سعت لإستقلاليتها المالية عن القانون، قد بدت مستغربة بتوقيتها، خصوصاً أنها جاءت بعد نحو عامين على بدء سريان قانون الشراء العام في شهر تموز من العام 2022. فيما جاء قرارها بتخطي هذا القانون بعد أشهر من وضع دفتر شروط تلزيم بيع مخلفات إنفجار مرفأ بيروت، والذي أطلق في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الهيئة جان العلية حينها. وهذا ما طرح السؤال عن الأسباب التي تدفع بإدارة المرفأ ولجنتها المؤقتة التي تدير عملياتها المالية من "خارج أي أطر تشريعية" وفقا لتقرير صادر عن المديرية العامة للدراسات والمعلومات في مجلس النواب في العام 2019، إلى محاولة تخطي قانون ينسجم مع متطلبات الإصلاح المطلوبة على صعيد الهيئات الدولية المانحة.
تبريرات المرفأ
أما عن الاسباب التي دفعت إدارة المرفأ لإتخاذ مثل هذا القرار، يجيب مدير عام ورئيس مجلس إدارة المرفأ عمر عيتاني على هذا السؤال لـ"المدن" مبرراً قرار المرفأ بقرار قضائي صدر عن محكمة بيروت، قضى بالحجز على أموال المرفأ منذ انفجاره، بينما يعتبر عيتاني أن المال لو كان مالاً عاماً فممنوع أن يحجز. ومن هنا يقول "إذا كان القضاء لا يعتبر مالنا مالاً عاماً، إلا حين يحول إلى خزينة الدولة، هذا يعني أنه من حقنا الاستثمار فيه طالما لم يحول إلى الخزينة".
ويعود عيتاني إلى تعميم صادر عن رئاسة الحكومة منذ العام 2022 يلزم كل المؤسسات بالخضوع إلى قانون الشراء العام، ليكشف عن حوار دار حينها مع رئيس الحكومة، "سجلنا خلاله اعتراضنا على إخضاعنا للقانون، خلافا للواقع القائم في مؤسسات شبيهة لنا كالريجي والميدل ايست وكازينو لبنان التي لا تخضع للقانون" هذا الأمر لا يعتبره مصدر قضائي مبرراً، لأن الهدف هو إخضاع الكل للقانون، ويوضح في المقابل أن كازينو لبنان شركة خاصة تأخذ منها الدولة أرباحاً، بينما المرفأ بنته الدولة، وتديره لجنة يعينها مجلس الوزراء، ويجمع رسوم لمصلحة الخزينة العامة.
إلا أن عيتاني يؤكد أن ليس لدى إدارة المرفأ نية بالتهرب من الرقابة، إنما القرار المتخذ كان لحفظ الحق. ويشير "إلى أن إدارة المرفأ تطبق روحية القانون حفاظاً على الشفافية، وبالتالي نحن فعلياً نطبق القانون، ونقوم بإرسال كل صفقاتنا إلى هيئة الشراء العام، وننشرها عبر موقعها، ولكن في بعض الأمور هناك صعوبة لذلك، لأن شكل الإدارة عندنا ليس كالمؤسسات العامة، كما أن موازنتنا لا تحددها وزارة المالية، ونحن لا نأخذ مالاً من الوزارة إنما نرسله لها". ومن هنا يقول: "سنتجاوب مع الديوان لأن ليس لدينا ما نخفيه".
ضغوطات على المرفأ!
ويتحدث عيتاني عن ضغوطات تمارس لدفع المناقصات باتجاه آلية معينة تفرض مرورها عبر وزارة الأشغال، مشدداً على أن "المرافئ عالمياً لا تدار بهذه الطريقة، كونها تحتاج إلى سرعة في اتخاذ القرارات والتنفيذ".
ويلفت عيتاني في المقابل إلى قرار صادر عن رئاسة الحكومة منذ العام 2002 يقضي بعدم خضوع المرفأ لديوان المحاسبة. إلا أن المذكرة الصادرة عن الديوان تبين أن قانون الشراء العام أخضع المرفأ لرقابة الديوان اللاحقة، من خلال ما أناطه به من مسؤوليات ملاحقة أصحاب القرار والموظفين والعاملين لدى كل الجهات الشارية وغيرها من الهيئات المختصة بالشراء العام".
وانطلاقاً من هذه المسؤوليات طلب الديوان في مذكرته إلى إدارة المرفأ أن تبيّن في بيانها موضوع كل صفقة أجرتها، تاريخ إبرامها، وطريقة عقدها بالتراضي أو عن طريق مزايدة أو مناقصة، قيمتها، وإسم الشركة التي جرى التعاقد معها وسائر المستندات الثبوتية وقيمة كتاب الضمان لكل منها. كما طلب الديوان أن يتضمن البيان الصفقات التي تم من خلالها تلزيم الإيرادات، ومنها "على سبيل المثال" مزايدة بيع مخلفات انفجار المرفأ من معادن وخردة. وحرص الديوان في كتابه على مراعاة القانون في كل الصفقات المعقودة من قبل إدارة المرفأ، وفي حال لم يحصل تبيان الأسباب لذلك.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|