الصحافة

نعيم قاسم يعترف: هُزمنا عسكرياً وانهزمنا إيمانياً

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كان الشيخ نعيم قاسم في كلمته يوم الإثنين الماضي، متماهياً مع نفسه للمرة الأولى منذ تقلّد منصب الأمين العام لـ "حزب الله".

اعترف بكل هدوء وشجاعة وجرأة أن حزبه هُزم في الحرب، فالناس من البيئة الشيعية التي أوهمت بالخطب الرنانة والكلمات الأخّاذة، "ظنّت" و"اعتبرت" بأن "مقاومتها تستطيع أن تقضي على إسرائيل بالضربة القاضية"، أو كما قال قاسم.

و"ظن" و"اعتبار" هؤلاء مردّه إلى الذنب الذي اقترفوه يوم صدّقوا قيادتهم وأعلنوا لها الولاء، وساروا خلفها ومنحوها فلذات أكبادهم، متأثّرين بشعارات تاريخية تارةً، وبفائض من القوة والاستعلاء تارةً أخرى. وفي الحالتين تسيّرهم أيديولوجية عمياء ليس في قاموسها إلا السيف والدم.

لكن تبيّن للشيخ نعيم بأن هؤلاء كانوا على خطأ: "فالمقاومة لا يمكن أن تكون أقوى عسكرياً، والعدو يتفوّق علينا، ولا يمكن الاعتماد على غلبة المقاومة كغلبة عسكرية، إنما غلبتها على إسرائيل إيمانياً".

فـ "الغلبة بالإيمان لا بالعسكر، بالأخلاق لا بالقوة"، وهو بذلك يقرّ بهزيمة ثانية، فمن أدبيات الإيمان، أن يسلَمَ الآخر منك، لا أن تنفّذ بحقّه الاغتيالات وتُغير عليه في أيار، ومن ثم تتّهمه بالعمالة. ومن أخلاق المقاومين حفظ المجتمعات من الداخل وتحصينها بالعلم، فلا أخلاق لفاسد ومُفسد، امتهن صناعة "الكابتاغون" ليستقوي بتجارتها، ويغسل أموالها فتصبح رصاصة شرعية بوجه شريك في الوطن، حوّله الاستكبار والاستعلاء وفائض القوة إلى مُتّهم بالخيانة.

فماذا يمكن أن تقول هذه البيئة لأمينها العام؟ وهي حتى اليوم لا تزال في العراء، والشيخ نعيم يناشد الدولة بالتدخل لإعادة الإعمار، ويدعو الدول العربية التي شتمها حتى الفجر بأن تطّلع بمسؤولياتها تُجاه لبنان، وتسارع في إرسال الأموال لبناء ما هدّمته آلة التدمير الإسرائيلية، وهو هنا يمارس سياسة الهروب من الهزيمة الفادحة إلى الوقاحة الفاضحة.

لكن الشيخ نعيم صاحب قلب كبير، ومن "جابري الخواطر"، لذا لم يتغافل في كلمته وهو يفصّل ويشرّح أسباب الهزيمة، بالقول للبيئة التي كان يخاطب: "سجّلوا لديكم ... هذا نصر". نصر لم يأتِ، أضاعته فيروز مع شادي منذ قرون، ولن يأتي في السنوات القليلة القادمة، لأن ترامب أدخل إيران ومن معها عصر الهزائم بعد طول "انتصارات".

وكم حريّ بـ "الحزب" وبيئته، أن يعيشا الهزيمة التي تحدث عنها قاسم، لأنها دواؤهما نحو الشفاء من الأمراض الكبرى، نفسية كانت أم سياسية، والصفعة التي من شأنها أن تُوقظ "الحزب" من غيبوبته الوطنية، وتنزله عن عرش "الأسطورة"، وتعيده إلى الساحة كمكوّن أساسي متساوٍ مع غيره من المكوّنات، لا متقدماً عليها ولا متسلّطاً على دولتها، مصادراً لقرارها وخاطفاً لعاصمتها. عندها ينتصر "الحزب" بكلّ ما للكلمة من معنى، وهذا النوع من الانتصارات لا يعرف الهزيمة على الإطلاق.

الدولة تنتظر والطريق واضح والظروف مؤاتية، فهل يكون "انتصار الحزب في هزيمته"، فرصة أخيرة لـ "لبننته"؟ أم سيُمعن "المهزوم بانتصاره" بعزف أناشيد النصر؟

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا