…حين خرج بري من الباب الخلفي
مجرد أن غادر الرئيس نبيه بري القصر الجمهوري من الباب الخلفي، فإن ذلك كان مؤشراً بمنتهى السلبية يعبّر بوضوح عن إدارة ظهره للرسم “التشبيهي” للتشكيلة التي حملها الرئيس المكلف نواف سلام الى رئيس الجمهورية جوزاف عون، بعدما كانت قد علقت آمال على التوصل إلى حلول نهائية تُفضي إلى إعلان ولادة الحكومة الجديدة، لكن طريقة خروج بري بددت الإنطباع بأن الاجتماع الثلاثي سيفضي إلى ولادة حكومة العهد الأولى، ليخرج الرئيس المكلف من دون الادلاء بأي تصريح، خلافاً لعادته، ما قطع الشك باليقين وعكس حالة من التوتر وعدم الوضوح بشأن التقدم في المباحثات حول عملية تشكيل الحكومة.
وأكدت المصادر المواكبة لمسار التأليف أنه “على الرغم من الجهود المبذولة والوعود التي أُطلقت قبيل الاجتماع الثلاثي عن إمكان التوصل إلى اتفاق حول الحكومة، فإن الاجتماع لم يفضِ إلى أي نتيجة إيجابية تذكر، بحيث تبين أن المشكلة هي في المقعد الشيعي الخامس الذي بحاجة إلى مزيد من التشاور، وبذلك لا تزال الأمور تراوح مكانها، في ظل استمرار الخلافات حول تشكيل الحكومة”. وقبل أيام كشفت مصادر أميركية أن واشنطن تضغط على كبار المسؤولين اللبنانيين لمنع “حزب الله” أو حلفائه من ترشيح وزير المالية في الحكومة المقبلة، في محاولة للحد من نفوذ الحزب داخل الدولة. وقالت المصادر إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تضر بفرص لبنان في الحصول على أموال أجنبية للمساعدة في تلبية فاتورة إعادة الإعمار الضخمة الناجمة عن الحرب، وقد أدت الغارات الجوية الاسرائيلية خلالها إلى تدمير مساحات شاسعة من البلاد.
كما أن جهات خليجية ترى في تمكين “الثنائي الشيعي” من حقيبة المالية مؤشراً غير مشجع على ضخ الأموال في الاقتصاد اللبناني أو تقديم دعم مباشر للحكومة، ويُظهر أن لبنان لا يزال يحافظ على التوازنات الطائفية التي تسببت سابقاً في انسحاب المستثمرين والسياح الخليجيين من لبنان. كما تبرز عقبة ثانية مع “الثنائي” بشأن التأليف، تتمثل في رفضه أن يسمّي رئيسا الجمهورية والحكومة الوزير الشيعي الخامس، في حين يتمسك الرئيسان بهذا المطلب “الحيوي” في حال أنيطت حقيبة المالية بالنائب السابق ياسين جابر، بما يمنع “التعطيل الميثاقي” في حال اختار وزراء “الثنائي” الاستقالة من الحكومة.
وعرقلة التأليف لم تتوقف عند “الثنائي الشيعي” (متضامناً)، بل شملت “الثنائي المسيحي” (متفرقاً)، بحيث لكل منهما حساباته المتعارضة عن الآخر. “القوات اللبنانية” تبدي تحفظاً عن حجم تمثيلها في الحكومة والحقائب المقترحة لها، وسط معارضتها لعملية التشكيل لجهة طبيعة الوزراء وطريقة اختيارهم على أساس المحاصصة الفاقعة من خلال إسقاط مطلق من القوى والأحزاب لها. إلا أنه وتبعاً للمعلومات، فإن الاتجاه الى حل عقدة “القوات” بمنحها وزارة الخارجية، لكن باسم يكون موافقاً عليه من سلام، وكذلك من عون، إلى جانب الطاقة والاتصالات، مع اتجاه إلى منحها أيضاً السياحة أو حقيبة رابعة أخرى.
أما بالنسبة الى “التيار الوطني الحر” فإن التشكيلة التي حملها سلام الى رئيس الجمهورية كانت خالية من أي تمثيل للتيار، وكشفت مصادر أن أحداً من المرجعيات الرسمية المعنية بتأليف الحكومة، وتحديداً الرئيس المكلف لم يتواصل مع التيار، ما يؤكد أن التمثيل المسيحي سيكون لـ “القوات” و”المردة” و”الطاشناق”، إضافة إلى حصة رئيس الجمهورية.
في ضوء ذلك، أعيد خلط الأوراق من جديدة، وسط مخاوف من أن تعود الأمور الى المربع الأول، ما سيضع الرئيس المكلف أمام إما تقديم “تشكيلة أمر واقع”، أو الاقدام على الاعتذار، أو أن يقع أسير المراوحة العقيمة غير المنتجة، بحيث أن أياً من هذه الخيارات سينتج عنه “ندوب” سياسية، ستشكل “نكسة” للعهد قبل إنطلاق محركات سلطته التنفيذية.
لبنان الكبير
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|