الصحافة

قطاع الاتصالات في لبنان أغلى فاتورة ... "فشة خلقنا" الافتراضيّة أصبحت غالية الثمن

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


ربى ابو فاضل -"الديار"

قطاع الاتصالات يلقب بـ "نفط لبنان"، حيث يعد أهم مورد لإيرادات الخزينة بعد الضرائب، عبر رفده الدولة بنحو 1.5 مليار دولار سنويا، وكان يعدّ ثالث أكثر قطاع ربحية في البلاد. وفي هذا السياق، اعتبر وزير الاتصالات شارل الحاج أن التعامل مع قطاع الاتصالات باعتباره "منجماً لجباية الضرائب" يجب أن ينتهي، مضيفاً: "علينا التركيز على تحسين الخدمة، وليس فقط تحقيق الإيرادات".

قطاع الاتصالات في الاعوام الماضية، وتحديدا منذ العام 2010 مرورا بالأزمة الاقتصادية التي عصفت وتعصف بالبلاد منذ عام 2019 ، وانفجار مرفأ بيروت الكارثة الكبرى، وصولاً إلى الحرب "الإسرائيلية" المدمرة على لبنان، والتي لم تنته فصولها رغم تمديد اتفاق وقف النار، وبفعل الصراعات والتدخلات السياسية فيه، أصبح من القطاعات الفاشلة التي أصابها الترهل، أسوة ببقية القطاعات في البلاد، ما أثر سلباً في خدمات الشبكة والإنترنت والبنية التحتية وخرق المعلومات.


تجدر الإشارة إلى أن ديوان المحاسبة نشر تقريراً موسعاً يفصّل كيف أهدرت الحكومات المتعاقبة ووزارات الاتصالات 6 مليار دولار أميركي بين عامي 2010 و2020. وكشف التقرير كيف أنّه وبالرغّم من تحقيق القطاع إيراداتٍ بقيمة 17 مليار دولار، لم يحوّل سوى 11 مليار دولار منها إلى خزينة الدولة، ويرجَح أن المبلغ المفقود، أي 6 مليارات دولار، أُهدِر نتيجة الفساد والمنافع السياسية والتوظيف العشوائي، لتحقيق المكاسب السياسية.

قطاع الاتصالات في لبنان هو من الأغلى عالمياً، حيث يتضمن أغلى فاتورة اتصالات بالعالم، لأفقر ناس في العالم، قياسا بمعدل الدخل الفردي والحد الأدنى للأجور"مما يجعل الوصول إلى خدمات الإنترنت الأساسية عبئاً على المواطنين، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة. فالانترنت أصبح من أساسيات الحياة، وتوقفها يعني توقفا للكثير من الأمور، من بداية التواصل بين الأفراد، وتوقف بعض الأعمال للافراد وكذلك الشركات، وصولاً إلى توقف مؤسسات الدولة والمستشفيات عن العمل، هذا ما أكد عليه الوزير الحاج حيث قال ان"قطاع الاتّصالات هو العمود الفقري للاقتصاد"، مضيفأ "اليوم كل فرد في المجتمع، من الطفل بعمر السنتين إلى كبار السن، مرتبط بشكل مباشر بخدمات الاتصالات، التي تؤثر في مختلف جوانب الحياة، من التعليم إلى الاقتصاد والسياسة".


وزارة الاتصالات رفعت التعرفة لتحسين جودة الخدمة، ولكن مع الأسف تحولت خدمة الانترنت نحو الأسوأ، و "بتطير" بسرعة، بهذه الكلمات عبرت رشا عن الحالة التي وصلت إليها الاتصالات، فهي اعتادت الاشتراك في خدمة الـ20 جيغا، وكانت تدوم معها طوال الشهر، وهي اليوم لا تكفي سوى 10 أيام فقط، وتضيف " بدأت اعتماد نظام التقنين في الخدمة السيئة، فراتبي لا يكفي كما كان سابقا، الفاتورة غالية والمعاش قليل القيمة".

تجدر الإشارة إلى أنه في لبنان، هناك فقط شركتان للاتصالات الخليوية، هي "الفا" و "تاتش".

بدوره، قنن عماد التواصل مع أصدقائه، وحصر استخدام الانترنت بأمور محددة، لاغيا حضور الفيديوهات والظهور Live ، لأنه "ما بقى قادرين نحمل فواتير إنترنت فوق الخيال، إضافة إلى الاشتراك الشهري"، ويضيف "وصلنا الى مرحلة تقنين الانترنت والخدمة سيئة، فحتى فشة خلقنا الافتراضية أصبحت غالية الثمن، والتقنين أمر واقع، ناهيك بأن الهاتف الأرضي لا قيمة له " متل قلتو" بيشتغل يوم وبأضرب ايام ".


يذكر أن وزارة البريد والبرق والهاتف (وزارة الاتصالات اليوم) تأسست في عام 1959، ونظم قطاع الاتصالات بموجب القانون 127 لسنة 1959، عبر إطلاق العمليات المالية والإدارية للشبكة الثابتة (الخط الأرضي)، وسرعان ما تبنى لبنان التقنيات المتوافرة آنذاك، وأنشأ سوقا جديدة وجذابة للمستثمرين من القطاع الخاص، سواء المحليين أو الدوليين، حيث كانت شركة "إريكسون" أول من استثمر في لبنان بحلول عام 1972.

مع الأسف، تخطت فواتير الانترنت قدرة الناس، "ففي كل دول العالم الإنترنت مفتوح ورخيص، إلا في لبنان أسوأ خدمة وأغلى فاتورة"، يعلق زياد الذي يعمل في مجال التسويق online محتاراً في أمره ، هل يوقف خدمة الانترنت ام يبقي عليها، فهو يحتاج الى الإنترنت في العمل، و "منذ رفع التعرفة والانترنت في هاتفه لا يدوم سوى 11 يوماً لخدمة الـ20 جيغا، التي باتت تكلفتها تقصم ظهر الناس"، مضيفاً "لا عجب إن تبخر الانترنت كما تبخرت أموالنا في المصارف، ولا عجب أيضاً إن تحول لبنان أغلى تعرفة انترنت في العالم، فنحن في بلد الانهيارات، والكل فاتح "ع حسابو" في ظل غياب الرقابة والمساءلة والمحاسبة".


يذكر أن الإنترنت دخل إلى لبنان للمرة الأولى في عام 1994، وقد بلغ عدد مستخدميه عام 2006 حوالى 700 الف مستخدم، وفي العام 2012 ارتفع الرقم ليصل إلى 2,535,918 شخصا، أما في نهاية العام 2015 فإن المؤشرات تدل على أن 80% من اللبنانيين يستعملون الأنترنت، ويعد الوصول إلى الإنترنت حق أساسي من حقوق الإنسان، كما أعلنه في الأول من تموز عام 2016، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما أن قطع الخدمة عن المشتركين، يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويجب على الدول والحكومات التقليل بقدر الإمكان من قيود الوصول إلى الإنترنت، وتدفق المعلومات.

ما شهده قطاع الاتصالات كان أجيال من الإدارات السيئة، التي تتقاذف المسؤوليات وتتنصل من المهام، وفي هذا الإطار، يطرح مانيفستو منظمة "سمكس" للحقوق الرقمية حلولاً جذرية لمعالجة أزمة الاتصالات في البلاد، حيث يدعو إلى تفعيل دور الهيئة المنظمة للاتصالات لضمان الشفافية والمساءلة، وتحديث قانون الاتصالات ليواكب التطورات السريعة في القطاع، وتعزيز الشركة مع القطاع الخاص لتحسين الجودة وخفض الأسعار.

تجدر الإشارة إلى أن "سمكس" هي منظمة غير ربحية، تسعى إلى النهوض والدفاع عن حقوق الإنسان في العالم الرقمي في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا.

قطاع الاتصالات كان " كبقرة حلوب تدر الأموال على جيوب المنتفعين"، واليوم نأمل أن يصبح قطاعاً خدمياً ومساهماً رئيسياً في تنمية الاقتصاد وحرية التعبير، فهو يحتاج إلى الكثير من الجهود، من أجل إعادة دور لبنان كمركز رقمي في المنطقة، وإعادة ربطه بالشرق والغرب. الوزير الحاج أكد أن تطبيق القوانين واستكمال إنشاء شركة "ليبان تيليكوم" والهيئة النّاظمة للاتصالات،  يسهم في إصلاح قطاع الاتصالات، مضيفاً أن "المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على محورين أساسيين: الأول تطبيق القانون 431، باعتباره المدخل لتنظيم القطاع وتحسين خدماته، والثاني هو الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات، نظراً لأهميتها في دعم أي عملية نمو اقتصادي" مشدداً على أن "الشركات تفضل الاستثمار في الدول التي تتمتع باستقرار وبنية تحتية واتصالات قوية".

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا