... طريق الجديدة حزينة أيضاً
يزيد الهدير الآتي من المدينة الرياضيّة الهدوء داخل طريق الجديدة، الذي تقطعه أصوات التلفزيونات التي تنقل مراسم تشييع الشهيدين السيّدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدّين، التي تنبعث من المنازل والمقاهي، إضافةً إلى حركة غير عاديّة للجيش عند مداخل المنطقة وفي شوارعها، ما يصعّب دخولها من دون تدقيق في هويّة الدّاخل. غالبية المحالّ التجاريّة مقفلة كأي يوم أحد، ومع ذلك هو ليس يوم أحد عادياً، إذ كلّ العيون شاخصة إلى الحدث القريب، فيما الحزن يلفّ الشوارع.
البعض رفض البقاء في المنزل وقرّر المُشاركة في التشييع، بما يشبه مبادرات فرديّة ما لبثت أن بدأت تكبر، على حد قول أحد المنسّقين الحزبيين. ويضيف أحد العائدين من المدينة الرياضيّة: «إن اتفقنا مع نصرالله أو اختلفنا معه في السياسة، إلّا أن هذا لا يُغيّر أنّه قاتل إسرائيل فيما الأمّة لم تفعل شيئاً للقضيّة الفلسطينيّة». يؤكد الأربعيني أنه «من جمهور تيار المستقبل، ومرجعيتي الرئيس سعد الحريري. ورغم ذلك لم أتمكّن إلا من التوجّه إلى المدينة الرياضيّة، علماً أن لا توجيه سياسياً بالأمر من التيّار».
يؤكد جالسون في أحد المقاهي أن كثيرين من مناطق بيروتيّة شاركوا في التشييع. يمسح «أبو أحمد» دمعة سالت على خده لدى إدخال نعشَي السيّدين إلى ملعب المدينة الرياضية، مستذكراً أقوال نصرالله بشأن القضيّة الفلسطينيّة التي استُشهد لأجلها. يؤكّد «أننا نختلف مع حزب الله في كثير من القضايا الدّاخلية والإقليميّة، وخصوصاً تدخّله العسكري في سوريا وهجومه على السعوديّة، لكنّ اليوم يوم حداد، وما يجمعنا مع الحزب وطنياً وحتّى في القضيّة الفلسطينيّة أكبر بكثير ممّا يفرّقنا».
يشعر كثر من رواد المقهى، بالتضامن مع المشيّعين، فـ«مظلومية» الاستشهاد باتت تجمع الفريقين باستشهاد الرئيس رفيق الحريري قبل 20 عاماً، والسيّد حسن نصرالله اليوم. «بتنا في الخندق نفسه»، يقول «أبو عمر»، مشيراً إلى أن «جمهور حزب الله يشعر بمرّ ما ذقناه سابقاً، على أمل ألّا تنعكس هذه المظلومية في السياسة، خصوصاً أنّ مشروعنا هو الشراكة معهم. ليس بمقدورنا الحكم من دونهم، ولا هم قادرون على فعلها أيضاً».
سؤال «أبو عمر» بأنّ مشهد التضامن لا ينطبق على كل أبناء الطريق الجديدة يستفزّه ورفاقه من رواد المقهى، فـ«نحن لا نشمت بالموت، فكيف إذا كان الرّجل قُتل على يد العدو الإسرائيلي؟». ويقول أحد الشبّان إنّ «البلد مقسوم نعم، وهؤلاء مختلفون عن جمهور الحزب، إلا أنّ كل أبناء بيروت متأثّرون بهذا الحدث الجلل، ولا يمكن أحداً إلا أن يُعبّر عن مشاعره الإنسانيّة التي سبق لنا أن عبّرنا عنها خلال الحرب واحتضان النّازحين».
الأمن أوّلاً
أحد الحزبيين من أبناء المنطقة التي ترفع منذ أسابيع صور الرئيس سعد الحريري يؤكد أن «الأمن كان أولويتنا. وعملنا مع المعنيين في المنطقة ومع الأجهزة الأمنيّة، لمنع أي حادثة استفزاز تؤدي إلى إشكال. لذلك لم نترك الشوارع خلال الساعات الماضية لحفظ الأمن في المنطقة، وما ساعدنا هو عدم حدوث أي إطلاق نار، والتشدّد في تنظيم مراسم التشييع».
ويقول آخر ينتمي إلى تيّار المستقبل إنّ أعمال «الطّابور الخامس سهلة، خصوصاً أنّ العدو الإسرائيلي يُريد الفتنة السنيّة – الشيعيّة، ولكن درجة الوعي لدى أبناء طريق الجديدة منعت أي فتنة أو استفزاز».
وإلى الوعي والحيطة اللذين تمسّك بهما أهالي المنطقة، يعيد هؤلاء الهدوء إلى «خطّة الجيش التي طبّقها بحزمٍ وبالتنسيق معنا، بعدما بدأ الجيش إجراءاته منذ السبت وانتشاره في المنطقة بآلياته وعناصره الذين عمدوا إلى تسيير آليات وحواجز طيّارة. ورغم انتهاء مراسم التشييع في المدينة وانتقال المشيّعين إلى مكان الدّفن في طريق المطار، أبقى الجيش على تعزيزاته المستمرة حتى فجر اليوم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|