“الحزب” اليتيم في 23 شباط
بعيداً من لغة الأرقام ولعبة الـ zoom in و الـ zoom out التي أعادت مشهدية 8 و 14 آذار، أثبت الثالث والعشرون من شباط أنّ حزب الله قد يكون قادراً على شد العصب الشيعي حول شخصية كانت بنظر هذا الجمهور تمثل القيادة الاستثنائية والحامية لوجودهم، لكنه أظهر أنه بات اليوم وحيداً في الساحة اللبنانية، ويفتقد الحاضنة الوطنية والرسمية لخياراته وقرارته.
سيقول حزب الله إنّ الشيعة في لبنان جدّدوا البيعة في مشهد تشييع الأمينين العامين لحزب الله السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، وأنه لا يزال إلى جانب حليفه الرئيس بري الممثل الأقوى للطائفة، لكن الأوضح في هذا المشهد، أنّ اللبنانيين قالوا لا لحزب الله في خياراته وقراراته التفردية، ليس فقط بسبب حرب الإسناد التي دفعوا ثمنها، بل في الكثير من ممارساته في الداخل اللبناني على مدى عقود.
في مدينة كميل شمعون الرياضية، غاب الصف الأول عن الحضور الرسمي، فمثّل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي كان يرسل بالتزامن مع التشييع أبلغ رسالة عبر رئيس مجلس الشورى الإيراني، بأنّ لبنان لن يكون بعد الآن ساحة لحروب الاخرين، وأنّ بيروت التي كانت تفاخر طهران أنها كانت يوماً واحدة من العواصم العربية الأربعة التي تسيطر عليها، لم تعد صندوق بريد لتحسين شروطها مع الغرب أو ورقة تفاوضية على طاولتها.
وبلغة الربح والخسارة، خسر حزب الله حليفه الأقوى، فكان الغائب الأكبر رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، اللذين شكّلا الحاضنة لمشروع حزب الله منذ العام 2006 بعد توقيع تفاهم مار مخايل، وحتى الآن، وأمّنا الغطاء المسيحي لسلاحه خارج الشرعية اللبنانية والدولية.
واقتصر حضور التيار على وفد نيابي، ليغرد رئيسه مستعيداً ساعات من الحوار مع نصرالله ومعاهداً بالحفاظ على قضية حماية لبنان بأرضه وشعبه.
وعن وداع نصرالله وصفي الدين، غاب أيضاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور.
فجنبلاط الأب، الذي كان أول من سارع إلى إعلان نصر حزب الله بعد نهاية حرب تموز 2006، وتمايز بموقفه عند فتح معركة الإسناد، غاب عن المراسم، واكتفى جنبلاط بـ repost لتغريدة قديمة كتبها في 28 أيلول قدم فيها التعزية إلى حزب الله وجمهوره.
أما تيار المستقبل، الذي “تحمس” أمينه العام أحمد الحريري ونزل إلى قلب الضاحية الجنوبية، ووقف إلى جانب نواب حزب الله لتقبل التعازي بمقتل القائد في حزب الله فؤاد شكر، أعاد حساباته هذه المرة، وقرر بعدما أعلن سعد الحريري العودة إلى الحياة السياسية بعد 14 شباط، عدم المشاركة.
ظهر حزب الله يتيماً في هذه المناسبة، سمع جواباً واضحاً، في استفتاء شعبي رسمي، بأن لا حاضنة وطنية لخياراته، ولا لسلاحه، ولا لحروبه.
وكان تشييع نصرالله أبلغ رسالة أنّ حزب الله، اليوم مجبر على إعادة حساباته وخياراته، وأنّ مشهدية 23 شباط تفرض عليه التمسك أكثر بخيار الدولة والشرعية والعيش تحت سقف القانون والمؤسسات على قاعدة المساواة والعدالة بين اللبنانيين، ليفهم أنه لو كانت الطائفة معه، لكن الأكثرية في الوطن ضده.
ريمان ضو -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|