النفط يرتفع وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أميركية على إيران
هل تنقذ الدولة الجمارك من الفوضى؟
تتقدّم الحكومة اليوم إلى المجلس النيابي لنيل ثقته والشروع في تنفيذ مروحة من الوعود الإصلاحية التي لم تفارق يوماً أيّاً من بيانات الحكومات السابقة؛ وليس أقلّها، تحقيق مشاركة فعليّة لكافة المكوّنات الوطنية في السلطة، والرهان على استعادة مداخيل الدولة، وتعزيزها، وإقفال منابع الهدر والفساد الناجم عن استباحة المعابر الحدودية أمام شتّى أنواع التهريب والتهرّب الضريبي.
قبل أيام، دُفن المشروع الذي تسبّب في استباحة الحدود أمام شتى أنواع التهريب بحجة المقاومة. وعمدت الإدارة السورية الجديدة، بعد إسرائيل، إلى ضبط الحدود البريّة وقطع غالبية سبل التهريب؛ ما يضع الحكومة اللبنانية اليوم أمام امتحان قدراتها وإرادتها على ضبط حدود لبنان البحرية، ومراقبة المعابر الجمركية بطريقة فاعلة بعد تبيان قدرتها على فعل ذلك في المطار.
الخلل في الهيكليّة الجمركية
تظهر الأزمة جلية في مرفأ بيروت، حيث يكشف مطّلعون لـ "نداء الوطن" عدم وجود قدرة لوجستية بعد القرار السياسي على مراقبة الحاويات وما تتضمّنه؛ إذ إن "جهاز الفحص الأمني للحاويات" (سكانر) لا يعمل. كما أن السلطة السياسية تمعن في تغييب، بل عدم تفعيل عمل "وحدة إدارة المخاطر". هذا ما ينطبق أيضاً على مرفأ طرابلس، حيث يعمل السكانر بشكل متقطع ويتعطل لأيام وأشهر.
لا يقتصر الإصلاح الجمركي الحقيقي على تغيير الأسماء والمناصب، بل يتطلّب إصلاحاً هيكلياً يحدّ من البيروقراطية، وإرهاق المديرين في توقيع ملفات يومية تتطلّب أشهراً لقراءتها قبل التصديق عليها. بعض الإجراءات الممكنة، كتفعيل "وحدة إدارة المخاطر"، وتحفيز الكادر البشري، وتأمين سكانر وعقود مستدامة لصيانتها، تُعدّ خطوات أولى لمحاربة التهرّب الجمركي وتعزيز الإيرادات بعيداً من إرهاق المواطنين بضرائب تفوق قدرتهم على التحمّل.
معضلة التوازن الطائفي في الجمارك
تعاني الجمارك نقصاً في الكادر البشري، إذ يعمل حالياً 1950 موظفاً (290 مدنياً و1660 عسكرياً) من أصل 3050 في الملاك الرسمي. ويتخبط الجهاز منذ العام 2011 في تطويع خفراء متمرنين لصالح الضابطة الجمركية. وفي عام 2017، عدّل مجلس الوزراء القرار 32/2011 ليُصبح عدد الخفراء المطلوبين 853 خفيراً، ثم في عام 2020، قرر استكمال "تعيين الخفراء الناجحين مع مراعاة مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك".
لكن، ومع تبيان انعدام التمثيل المسيحي تقريباً في لائحة المستدعين، وافق مجلس الوزراء على تعيين جميع الناجحين وفق جدول وزارة المالية، بالتوازي مع فتح دورة جديدة لتعيين 300 خفير متمرّن.
في مداولات حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة، تبيّن أن الهدف من الدورة الجديدة هو الحدّ من الخلل الطائفي، بعد تراجع الحضور المسيحي إلى 30% فقط، وظهور 3 مسيحيين فقط من بين 228 شخصاً في اللائحة.
قرارات مؤجلة وامتحان سياسي مستمرّ
رَحَلت حكومة ميقاتي ومعها مداولات مجلسها، لكن في 24 شباط 2025، دخل قرار تطويع 228 خفيراً متمرناً حيّز التنفيذ مع دعوة مديرية الجمارك العامة المرشحين لتعبئة إضبارات التعيين (استمارة) وتوقيع طلبات التطوّع خلال مهلة 15 يوماً. ولم يُحسم مصير طلبات استرحام 30 خفيراً تعذّر التحاقهم بالدورة السابقة، كما لم تُحسم وجهة الحكومة بشأن تعزيز التمثيل المسيحي في الإدارة عند توافر الفرصة، ووضع ضوابط استثنائيّة تضمن مشاركة المسيحيين في الدورة المرتقبة لتطويع 300 خفير جمركي.
وأمام هذا الواقع، تساءل المتابعون ما إذا كانت مصلحة الدولة العليا تقتضي اتخاذ قرار استثنائي من رئيس الجمهورية والوزراء المعنيين، لتعزيز التمثيل المسيحي في المديرية العامة للجمارك طالما أن مشروع إلغاء الطائفية السياسية لا يزال معلقاً؟ وذلك في إطار ترقّب موقف رئيس الحكومة نواف سلام، وما إذا كان سيحكم "قاضي لاهاي" بمقتضيات القوانين المجمدة أم بروحية الوفاق الوطني بعد أن سُجِّل عليه التسليم بتكريس أعراف وزاريّة في الماليّة.
في المحصلة، نجاح الحكومة في ضبط الحدود وتعزيز الإيرادات يرتبط بإرادة سياسية صلبة لتفعيل الأجهزة، وتأمين الموارد البشرية واللوجستية، إلى جانب قرارات شجاعة تُوازن بين الكفاءة المهنية ومتطلبات "التركيبة اللبنانيّة". فهل نشهد إصلاحاً فعلياً وقراراً صارماً من رئاسة الجمهورية في ضبط التهريب وتأمين الحوافز التي تجنّب المفتشين رعاية التهريب، وتفعيل السكانر ومكافحة شركات الاستيراد التي تختفي بمجرد تسطير محاضر بحقها، أم يبقى الجمود هو العنوان الأبرز؟
طوني كرم-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|