الدوري الانكليزي: ارسنال يحسم الديربي امام تشيلسي وخسارة توتنهام
من قتل المعلّم كمال جنبلاط؟
توقيف قائد المخابرات الجوية الأسدية سابقاً اللواء إبراهيم حويجة بمنطقة جبلة السورية في 6 آذار الجاري لم يكشف جديداَ عن ضلوعه في إغتيال قائد الحركة الوطنية اللبنانية المعلم كمال جنبلاط، فقد كان دوره معروفاً منذ نفذ عناصره تلك الجريمة قبل 48 سنة بأمر من الرئيس حافظ الأسد.
بعد ظهر ذلك الأربعاء المشؤوم في 16 آذار العام 1977 أجبت على إتصال هاتفي بمكتب وكالة أسوشيتدبرس في بيروت فأبلغني صديقي موريس، وهو من إحدى بلدات قضاء الشوف المسيحية، أنه شاهد حادثاً بين سيارتين، إحداهما مرسيدس رصاصية اللون والثانية بونتياك سبور نبيذية اللون وقتيلين على الأرض عند مفترق بلدة دير دوريت بين بعقلين وكفرحيم في قضاء الشوف.
لم يكن في ذلك الزمن هواتف خلوية ولا حتى أجهزة لاسلكي متوفرة للمدنيين، فإتصلت بأحد الزملاء الذي يرصد موجة تواصل قوى الأمن الداخلي في محافظة جبل لبنان التي تغطي المنطقة الممتدة من البربارة شمالاً حتى نهر الأولي جنوباً فقال لي: "في توتر متعلق بكمال جنبلاط يبدو إنو مصاب مع تنين من مرافقينو. ما عم يحكو تفاصيل على الموجه، يبدو عم يعتمدو على التليفون."
وحصلت على الخبر المؤلم من مصدر دبلوماسي في إحدى السفارات الأنغلوفونية، أبلغني أن "4 عناصر من المخابرات السورية قتلوا كمال جنبلاط ومرافقيه الإثنين أحدهما بزي مدني والثاني بزي عسكري وهربوا إلى مكتب مسؤول المخابرات في سن الفيل إبراهيم حويجة."
تبين لاحقا أن من إستشهد مع المعلم هما سائقه حافظ الغصيني بالزي المدني ومرافقة من قوى الأمن الداخلي العريف فوزي شديد بالزي العسكري.
توجهت إلى المختارة يتبعني زميل على دراجة آلية إستعنت به لنقل أفلام تشييع المعلم إلى مكتب الوكالة في بيروت.
كانت السماء تبكي والأرض تختنق، تجمع الصحافيون مع بقية الحشد تحت بحر من المظلات فيما كان شيخ عقل الموحدين الدروز محمد أبو شقرا يُلبس وليد جنبلاط عباءة الزعامة مرفقة بعبارة "عوضنا في الوليد خير خلف لخير سلف". وبايع الحشد وليد البيك زعيماً.
غادرت المختارة والتقيت في إحدى البلدات زميلاً إعلامياً من آل وهبي، سلمني سيدة مسيحية قال إن إسمها أنجيل ترتدي زياً أسود اللون كانت تقوم بواجب عزاء وأبلغني أن "عملاء المخابرات السورية يقتلون المسيحيين الخارجين من البلدات الدرزية، ويتهموننا بقتلهم. أضعها بعهدتك فأخرجها إلى منطقة آمنة."
طلبت منه أن يؤمن لها رداء وغطاء رأس مماثلا لما ترتديه الشيخات، فأعجبته الفكرة. أعطيتها سبحتي وطلبت منها أن لا تتطلع بوجه الجنود السوريين على الحواجز بل تستمر بالتمتمة والتسبيح. وهكذا فعلت.
سلكت طريق الباروك، نبع الصفا، شارون، صوفر، بحمدون ، عاليه واكملت نزولاً حتى وصلت إلى الساتر الترابي الذي يفصل الكحالة عن مناطق الحركة الوطنية.
صرت أنقر بوق السيارة حتى خرج شخص من وراء السائر يرتدي زياً كاكي اللون. سلمته "الشيخة أُنجيل" التي قبلها بعدما أظهرت له بطاقة هويتها المخبأة داخل ثيابها. شكرني وعدت أدراجي إلى عاليه ومنها إلى الدامور عبر جسر القاض-كفرحيم-ملتقى النهرين-خلدة فبيروت.
تابعت موضوع سيارة البونتياك السبور ذات اللوحة الرقمية العراقية، وسألت نفسي: من يرسل مجموعة من أربعة أشخاص لتنفيذ عملية إغتيال في أرض يفترض أنها معادية بسيارة ذات بابين لا أربعة أبواب؟
تابعت بالذاكرة البونتياك إلى حيث كانت لوحتها الرقمية العراقية تلفتني عندما أشاهدها متوقفة على باب مكتب المخابرات السورية قرب كنيسة القديسة ريتا في شارع الحمرا.
سألت أصدقاء لي في حانة قريبة فأفادوني بأنها سيارة تستخدم للعمليات القذرة، خطف، سرقة، قتل، وجمع الخوة من القحاب والفنادق التي يسمح لها بتأجير غرف لغايات الدعارة.
أحد الأصدقاء من رواد الحانة، وكان معقّب معاملات في مرفأ بيروت، قال لي إن السيارة لا سجل لها في دوائر تسجيل السيارات، أساساً كانت سيارة تهريب موضوعة في المرفأ للتسفير وصادرتها المخابرات السورية أواخر العام 1976.
هكذا تبين مسار عمليات المخابرات السورية في لبنان، جميعها كانت تنفذ بآليات مسروقة لا ملفات لها في دوائر تسجيل السيارات، من إغتيال المعلم في آذار 1977 وصولا إلى إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط العام 2005 بالتعاون بين مخابرات بشار الأسد وشريكها الإيراني بواسطة شاحنة صغيرة من نوع ميتسوبيشي سرقت من اليابان في 12 تشرين الأول العام 2004، فخخت خارج بيروت بأكثر من 1،200 كلغ من مادة التي.إن.تي. شديدة الإنفجار، وصبت لها لوحة رقمية مزورة في منطقة الغبيري في ضاحية بيروت الجنوبية. وتم تعطيل الكاميرات في النفق الذي سلكه الفان الذي تم تفجيره في منطقة السان جورج حيث قتل الحريري.
نفذت المخابرات السورية العديد من عمليات الإغتيال بالشراكة مع أذرع إيران قبل إنسحابها من لبنان في 26 نيسان العام 2005 تاركة المهمة لأذرع إيران التي إعتمدت الإغتيال بالتفجيرات أسلوباً للتخلص من نواب حركة 14 آذار المطالبين بحظر شبكة إتصالاتها وولائها لإيران حتى غرقت بصراع مع إسرائيل التي قتلت دفعة واحدة 12 عنصراً وأصابت قرابة 3 آلاف بجروج، بعضها مسبب لإعاقات، بتفجيرأجهزة البيجر بعناصر حزب إيران في أيلول العام 2024.
ورفعت إسرائيل حدة صراعها وصولاً إلى إغتيال معظم قيادات الصف الأول والثاني وبعض قيادات الصف الثالث من حزب إيران بلبنان بالغارات الجوية التدميرية التي إستهدفت الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية كما العاصمة بيروت ما جعل لبنان ضحية صراع بين عدوين على أرضه.
وما زالت إسرائيل مستمرة في حملة غارات جوية تهدف إلى تدمير منشآت حزب إيران وإغتيال ما تبقى له من قيادات وقطع طرق تواصله البرية مع سوريا التي يحاول تهريب أسلحة وذخائر منها إلى لبنان، كما تم تعزيز الإجراءات الأمنية في مطار بيروت لمنع تهريب الأموال النقدية مع مسافرين إلى الحزب بعدما هددت إسرائيل بقصف المطار إذا إستخدم لدعم محور الممانعة الإيراني.
خلاصة سرد ما سلف يبين أن أمر إغتيال المعلم كمال جنبلاط قد صدر عن الرئيس السوري حافظ الأسد، وإعداد خطة الإغتيال وإلإشراف على التنفيذ كان من مسؤولية إبراهيم حويجة، لكن من بقي خارج الضوء ولم تعرف هويته أو مصيره هم العناصر الأربعة الذين نفذوا القتل.
فهل ما زالوا متوارين أم أن من شغّلهم قتلهم ليتخلص من ما يمكن أن يدل إلى علاقته بما فعلوه؟
الوكالة الإتحادية للأنباء - محمد سلام
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|