الصحافة

أبو مازن يزور بيروت: جاء دور نزع السلاح الفلسطيني؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ ستينيات القرن الماضي وتحديداً بعد اتفاق القاهرة العام 1969، أخلَّ العمل الفلسطيني المسلح وانتشار السلاح بيد اللاجئين داخل المخيمات وخارجها، بالسيادة اللبنانية وشكل خطراً وجودياً على الكيان. فدخل لبنان في دوامة من المواجهات وتحول إلى ساحة للصراعات الاقليمية وكان هذا السلاح الأجنبي غير الشرعي عاملاً رئيسياً في تفجير الحرب اللبنانية.

السلاح الفلسطيني خارج الطائف
بعد الطائف انتزع السلاح من يد الميليشيات اللبنانية كافة، باستثناء سلاح حزب الله تحت عنوان "سلاح مقاومة إسرائيل". كما بقي السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها في المعسكرات. سلاح استخدم بعضه في العديد من المحطات في الاعتداء على اللبنانيين والدولة اللبنانية. كما استخدم في الحسابات الإقليمية والصراعات التي اتخذت من لبنان ساحة لها. وهو سلاح استخدم في اقتتال الفلسطينيين بين بعضهم البعض.
في العام 1990، حاولت الدولة نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، كخطوة أولى نحو تعزيز سيادتها. فسُلم بعض السلاح الثقيل والمتوسط وانسحبت مجموعات إلى داخل المخيمات. لكن المعسكرات والمجموعات الموالية للنظام السوري السابق بقيت مكانها. كما مُنعت الدولة اللبنانية من إنهاء حالة تفلت السلاح وظهور مجموعات متطرفة وإرهابية داخل المخيمات.

في العام 2006 التأمت طاولة الحوار الوطني، التي نظمت بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقاربت موضوع هذا السلاح، فاتُفق على نزعه خارج المخيمات وتنظيمه داخلها. لكن من العام 2006 إلى اليوم لم يطبق القرار.

سلاح المخيمات خط أحمر
في زمن العودة إلى حضن الشرعية السياسية والأمنية اليوم، تحرص السلطة على التذكير بموقفها لجهة حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، تنفيذاً لآلية وقف إطلاق النار بموجب القرار 1701، نزع سلاح حزب الله من جنوب الليطاني، وربما في مرحلة لاحقة شمال الليطاني.

نزع السلاح عملية -إذا تمت بشكل كامل- بالغة الأهمية على مستوى بناء دولة الأمن والشرعية، ولكن ماذا عن السلاح الفلسطيني داخل المخيمات؟ هل يعقل أن يصبح سلاح اللبنانيين ولاسيما سلاح حزب الله بيد الجيش، فيما يبقى السلاح الوحيد غير الشرعي بيد الفلسطينيين؟ سؤال يطرح في الصالونات السياسية والاجتماعية مؤخراً.

كما أن ما تشهده سوريا انطلاقاً من أحداث الساحل، فتح الباب على التساؤل عن وجود السلاح في المخيمات السورية وحجمه، خصوصاً وأن الجيش اللبناني كان صادر كميات من الأسلحة المتوسطة والخفيفة في بعض المخيمات السورية في مراحل سابقة. وبالتالي، تخشى بعض الأوساط من أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وتعود المواجهة بين السلطة الشرعية اللبنانية وبين بعض حملة السلاح من الفلسطينيين؟

إسرائيل تهدد المخيمات
إن وجود السلاح الفلسطيني داخل المخيمات قضية معقدة ومتشابكة، تحمل في طياتها تحديات أمنية وسياسية، لا يمكن البت فيه بشكل منفصل عن أي توافق مع السلطة الفلسطينية، وبالتوازي، في إطار غطاء عربي.

في ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات، وفيما تستمر عمليات تسلم سلاح حزب الله جنوباً، دخلت إسرائيل على خط تهديد لبنان إذا لم ينزع السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات. ففي المخيمات، وعلى الرغم من أن الفصائل كافة بما فيها "فتح" تمتلك السلاح، إلا أن الغلبة على الأرض داخل المخيمات بالسلاح وبحجمه هي لحركة حماس والجهاد الاسلامي، وفصائل أخرى ومجموعات متطرفة إرهابية، خصوصاً في مخيمي عين الحلوة والرشيدية في جنوب لبنان، حيث الانتشار الأكبر للفصائل الفلسطينية، لاسيما حماس.

نزع السلاح بـ"الحوار"
من خلال لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، تعمل الدولة اللبنانية على استراتيجية لحل مسألة السلاح منذ العام 2022.

في كانون الثاني الماضي، أكد رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني الدكتور باسل الحسن أنه بعد إقفال ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، هناك خطة بالشراكة مع منظمة التحرير الفلسطينية لضبط السلاح داخله وتفكيك بنية السلاح الثقيل بشكل كلي.
هذه الاستراتيجية نوقشت بين بيروت ورام الله من خلال وفد فني من الاستخبارات العامة الفلسطينية زار لبنان قبل أيام، وأجرى سلسلة لقاءات من ضمنها مع رئيس اللجنة.
زيارة أتت استكمالاً لما سمعه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هامش قمة القاهرة الاستثنائية، حول حرص السلطة الفلسطينية على أمن واستقرار لبنان وسيادة الدولة.

زيارة الوفد الاستخباري لم تحمل تصوراً مفصلا للحل. كما لم تبحث بشكل مباشر مسألة تسليم السلاح. إنما اطلع الوفد على الاستراتيجية اللبنانية، وتم البحث في كيفية إيجاد آلية مشتركة لبنانية فلسطينية تساهم في بسط سلطة الدولة اللبنانية داخل المخيمات.

الجيش في المخيمات؟
لا تقتصر الاستراتيجية اللبنانية على بسط سلطة الدولة داخل المخيمات، إنما تلحظ البت بوضع المطلوبين للدولة، بين مخلين بالأمن وهاربين من وجه العدالة، وارهابيين اعتدوا على الجيش وعلى أمن اللبنانيين. كما تنص الاستراتيجية على تشكيل لجان شعبية تنظم علاقتها بالأجهزة الامنية اللبنانية وعملها تحت سلطة أجهزة الدولة اللبنانية. الاستراتيجية لم تغفل البعد الخدماتي والحقوقي لللاجئين، مع الالتزام برفض التوطين الذي تنص عليه مقدمة الدستور اللبناني.
هذه الخطة إذا ما تحققت مع كل تعقيداتها، تسمح باعتقاد الجانب اللبناني بإعلان المخيمات خالية من السلاح.

لا يقل ملف السلاح الفلسطيني داخل المخيمات خطورة عن مسألة نزع سلاح حزب الله، من وجهة النظر الأمنية والسياسية، لأنّ لتعثر أي من المسارين تداعيات كبيرة على الاستقرار في لبنان والمخاطر التي يواجهها جراء التهديدات الاسرائيلية المستمرة. موضوع حصر السلاح بيد الشرعية كان في صلب خطاب القسم، ونجح الجيش ولا يزال في تنفيذ المهمة، أكان من خلال تسلم سلاح حزب الله في الجنوب أو بتسلمه معسكرات السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، كما تمكن الجيش حين كان بقيادة الرئيس جوزاف عون، من سحب السلاح الثقيل من مخيمات رئيسية كمخيم البداوي وبرج البراجنة. رغم كل هذا، هناك من لا يضع نصب عينيه سوى سلاح حزب الله بالدرجة الاولى، ويطالب بخطة تحدد سقفاً زمنياً ليسلم في خلالها حزب الله سلاحه وبناه التحتية العسكرية للجيش، وبدرجة أقلّ تتم الدعوة إلى تسليم سلاح تنظيمات عسكرية لبنانية كانت أو غير لبنانية، من دون أن يسميها.

ليست المرة الأولى التي يحاول فيها لبنان إيجاد أرضية لنزع سلاح المخيمات، لكنه يراهن هذه المرة على المتغيرات في الداخل وفي المنطقة. كما أن عودة الحديث عنه إلى الواجهة، يأتي وسط معلومات عن زيارة مرتقبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، لاسيما وأن أي اتفاق حول سلاح المخيمات والجهة التي ستؤمن أمنها بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، لا يمكن أن يمر إلا باتفاق مع الجهة الفلسطينية الرسمية، والتي بالشراكة معها يبنى السلم الأهلي في لبنان وتستعاد السيادة.

ندى أندراوس - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا