الصحافة

أميركا – إيران: تفاوضٌ تحتَ “هدير” الـB52

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ابراهيم ريحان - اساس ميديا
هل نجحَ الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب في “جلبِ” إيران إلى طاولة المُفاوضات؟ وما هي كواليس وأجواء المفاوضات المُحتملة بين واشنطن وطهران؟ وماذا عن الموقف الإسرائيليّ؟ ومن يُفاوض عن كِلا الجانبَيْن؟

تبادرَت هذه الأسئلة إلى أذهان المُراقبين في الأيّام الـ3 الأخيرة بعدَ ظهور “إرهاصات” تدلّ على إمكان بدء التّفاوض الجدّيّ بين الولايات المُتّحدة وإيران في الفترة القريبة المُقبلة. يقول مصدرٌ أميركيّ مسؤول في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس” إنّ واشنطن تبلّغَت من الوُسطاء العُمانيّين والرّوس أنّ طهران لا تُمانع بدءَ مفاوضات غيْر مباشرة مع واشنطن، على أن تنتقل إلى مفاوضات مباشرة في حال تأكّدَ كلّ طرفٍ من “حُسنِ نيّة” الآخر.

مُفاوضات خلال أسبوعَيْن؟

المُقترحُ، بحسب معلومات “أساس”، يقضي بأن تستضيفَ العاصمة العُمانيّة، مسقط، هذه الجلسات التفاوضيّة خلال الأسبوعَيْن المُقبليْن، على أن يُمثّلَ المبعوث الرّئاسيّ الأميركيّ إلى الشّرق الأوسط ستيفن ويتكوف بلاده، ونائب مُساعد وزير الخارجيّة للشّؤون السّياسيّة مجيد روانتشي عن الجانب الإيرانيّ.

أصرّت إيران على اختيارِ سلطنةِ عُمان مقرّاً للتفاوض وتبادل الرّسائل مع الأميركيين نظراً لخبرة السّلطنةِ بهذه المسألة، ولأنّها لم تنقل يوماً أيّ رسالة تهديدٍ من أميركا لإيران والعكس. لكنّ هذا لا يعني أنّ أطرافاً أخرى لن تكونَ على إحاطة واطّلاعٍ على المُفاوضات في حال قُدِّرَ لها المُضيّ قُدماً نحوَ الصّيغة المُباشرة.

كانَ لافتاً أنّ ويتكوف علّق من حسابهِ الخاصّ على منصّة “إكس” بعبارة “Great” على تغريدةٍ لوزير الخارجيّة الإيرانيّ عبّاس عراقتشي قال فيها إنّ الدّبلوماسيّة هي الخيار الأمثل لحلّ المسائل العالقة بين طهران وواشنطن.

السّعوديّة والإمارات لتحصين الاتّفاق؟

توازياً كانَ الرّئيس الإيرانيّ مسعود بزشكيان يتّصل بكلٍّ من وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات الشّيخ محمّد بن زايد. إذ تُريدُ إيران أن يكونَ للمملكة والإمارات دور أساسيّ في تحصينِ أيّ اتفاقٍ قد يُبرَم مع الولايات المُتّحدة، علاوة على أنّ أيّ اتّفاقٍ مُحتَمل سيشمل مسألة “الأمن والاستقرار في المنطقة”، وهذا يحتاجُ إلى ضلوعِ أطرافٍ فاعلةٍ في المنطقة.

في قراءةٍ للبيان الذي صدَرَ عن الرّئاسةِ الإيرانيّة عقبَ اتّصال بزشكيان بوليّ العهدِ السّعوديّ، تظهر الرّسائل التي أرادَ الجانب الإيرانيّ تمريرها عبر الجانب السّعوديّ، وهي الآتية:

الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لم تسعَ قطّ إلى الحربِ أو الصّراع، والاستخدام غير السّلمي للطّاقة النّوويّة ليسَ له مكان في عقيدتِنا الأمنيّة والدفاعيّة.
إيران مستعدّة للانخراط والتّفاوض لحلّ بعض التوتّرات.
نحن لسنا في حالة حرب مع أيّ دولة.
نقَلَ البيان عن الأمير محمّد بن سلمان قوله: “المملكة العربيّة السّعوديّة مستعدّة للعبِ دورٍ في المُساعدةِ على حلّ أيّ توتّر وانعدام للأمن في المنطقة”، وهو ما قد يشير إلى أنّ الجانبَ الإيرانيّ طلبَ أن يكونَ للمملكة دورٌ في التّفاوض مع واشنطن.

تُريدُ طهران تحصينَ أيّ اتّفاقٍ مع واشنطن إقليميّاً. إذ إنّ التّجربة السّابقة في إبرام الاتّفاق النّوويّ 2015 لم تكُن ناجحة على صعيد الإقليم. ولهذا تطمحُ إيران إلى تجاوزِ هذه المسألة، خصوصاً أنّ الرّئيس الأميركيّ ترامب يولي اهتماماً بالغاً لمُراعاة مصالح شركائهِ الخليجيّين في أيّ اتّفاقٍ يسعى إليه مع إيران.

هُنا يُمكنُ قراءة سبب تزامن ما نشرته صحيفة “التلغراف” البريطانيّة نقلاً عن مسؤولٍ إيرانيٍّ حولَ تخلّي إيران عن دعم الحوثيين، مع الاتّصال الذي جمَع بزشكيان والأمير محمّد بن سلمان.

كان لافتاً أيضاً أنّ كلّاً من موقع الرّئاسة الإيرانيّة ووكالة “سبأ” اليمنيّة نشر بياناً حولَ اتّصالٍ أجراه بزشكيان مع رئيس المجلس السّياسيّ الحوثيّ مهدي المشّاط. لم يأتِ البيانان الإيرانيّ والحوثيّ على ذكرِ تفاصيلِ الاتّصال، واكتفيا بالقول إنّه للتهنئة بعيد الفطر. وهذا يدلّ على أنّ الجانبَيْن تطرّقا إلى مسألة سلوك ميليشيات الحوثيّ في البحرِ الأحمرِ تحت مُسمّى “إسناد غزّة”، من دون أن يكونَ ذلكَ بعيداً عمّا وردَ في “التّلغراف”.

شروط إيران..

وَفقَ معلومات “أساس”، فإنّ الإيرانيين أرسلوا إلى الأميركيين ما اعتبروه شروط التّفاوض، التي يُمكنُ تلخيصها كالآتي:

أن تُجمّدَ الولايات المُتّحدة سياسة الضّغط الأقصى والعقوبات مع بدءِ المفاوضات غير المُباشرة، إذ إنّ إيران لن تتفاوضَ تحتَ الضّغط. وهذا ما لم يلقَ مُعارضةً أميركيّة، خصوصاً أنّ واشنطن كثّفت من العقوبات على الشّخصيّات والكيانات والقطاعات الإيرانيّة في الأسابيع الأخيرة، وباتَ بين يديْها مئات الإجراءات المُتعلّقة بذلك.
أن تنتقِلَ المفاوضات إلى المستوى المُباشر عند التّيقّن من نوايا واشنطن إزاء التفاوض. وهذا أيضاً ما لم تُعارضه واشنطن.
إنّ إيران مُنفتحة على التفاوض في كلّ ما يثيرُ قلق واشنطن من البرنامج النّوويّ وصولاً إلى دورِ وكلائها، لكن من دونِ ربطِ الملفّات ببعضها. وهذا أيضاً لم تُعارضه إدارة ترامب، لكنّها تشترطُ أن يُبحَث كُلّ ملفّ من دون تلكّؤ عند الانتهاء من الملفّ الذي سبقه.
أن تبقى المفاوضات سرّيّة، وأن لا يحدث تسريب لأيّ مناقشات وعروضٍ، خصوصاً أنّ طهران تتربّصُ من موقف إسرائيل التي تُفضّل تفكيك أو ضربَ المفاعلات النّوويّة الإيرانيّة مرّةً وإلى الأبد.
أن يكونَ رفع العقوبات المُرتبطة بالملفّ النوويّ فوريّاً عند الاتّفاق من دونِ ربط رفعها بالملفّات الأخرى.

على طريقة ترامب

وسطَ هذه الشّروط والتّوجّس الإيرانيّ من أيّ تدخّلٍ إسرائيلي قد يطيحُ بالمفاوضات المُحتملة، كانَ وزير الخارجيّة الإسرائيليّ جدعون ساعر يُطلقُ موقفاً يكاد يكون الأوّل من نوعهِ لمسؤول في حكومة اليمين المُتطرّف قال فيه: “نحنُ نريد أن نضمنَ أن لا تحصلَ إيران على سلاحٍ نوويّ، وذلكَ مُمكن عبر الدّبلوماسيّة”.

يشيرُ لجوء إسرائيل إلى هذه النّبرة في هذا التّوقيت إلى أنّها مُتيقّنة من ضعفِ إيران، وأنّ التفاوض على طريقة دونالد ترامب الذي حشدَ مئات القاذفات والطّائرات في المحيط الهنديّ والخليج قد يُثمرُ مع طهران.

يدلّ على ذلكَ مراقبة سلوك وكلاء طهران في المنطقة:

“الحزبُ” في لبنان يستوعبُ الضّربات والاغتيالات من الجنوبِ إلى البقاع مروراً بالضّاحية الجنوبيّة من دون أن يرُدّ عليها، بل ووصلَ الأمر إلى إصدار بيانات للتّنصّل من الصّواريخ التي أطلِقَت مرّةً نحوَ مستوطنة “المطلّة” ومرّة نحوَ “كريات شمونة”.
حركةُ “حماس” في أضعفِ أيّامها عسكريّاً وتفاوضيّاً وحتّى داخل أسوار قطاع غزّة حيث تخرجُ تظاهرات تحتَ القصف الإسرائيليّ تُنادي بإسقاط حُكمها، إضافة إلى الانقسام في صفوف قيادتها بعد اغتيال صالح العاروري وإسماعيل هنيّة ويحيى السّنوار ورَوْحي مُشتهى ومروان عيسى ومحمّد الضّيف.
انكفاء الفصائل العراقيّة منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض عن إطلاق المُسيّرات والصّواريخ نحوَ إسرائيل أو حتّى نحوَ القواعد الأميركيّة في العراق.
وحدَهُ الحوثيّ لم يكُن مطيعاً على ما يبدو للطّلبات الإيرانيّة للانكفاء وعدم استفزاز أميركا، فجاءَت “البراءة” الإيرانيّة منه عبر “التّلغراف”.
يحشدُ ترامب في المياه المُحيطة بإيران أعتى قوّةً جوّيّة منذ الحربِ العالميّة الثّانية. لكنّ هذا لا يعني أنّ ضربَ إيران باتَ أمراً محتوماً. إذ إنّ في بِلاد فارس مثلاً يقول: “إن استطعتَ أن تحلّ العُقدةَ بأنامِلكَ، فلا داعي لأن تلجأ لأسنانكَ”. الخُلاصة أنّ ترامب يُحاول حلّ العقدة الإيرانيّة بأناملهِ، وإلّا فاللجوء إلى أسنان الـB2 والـB52 في لحظة التّيقّن أنّ الاتّفاقَ لم يعُد ممكناً.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا