لبنانيون تحت وطأة قاموس "حزب الله"
بعد سقوط كل معادلاته وسردياته العسكرية والأمنية والسياسية، بشكل علنيّ وموثّق، ما زال "حزب الله" يُجاهد في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء عبر قلب الوقائع واسقاط النّصوص، أملاً بتعويم وضعيته، وها هو ينجح نسبياً في زرع سلسلة من الأخاديع في الأجواء العامّة وكأنّها حقائق، حيث تقوم سلطات إجرائية وتنفيذية وسياسية وإعلامية ومجتمعية بتبنّيها، عن معرفة أو عدم دراية. إليكم سرد مقتضب لبعض هذه الأضاليل وحقيقتها!
أوّلاً، يروّج "حزب الله" أنّ اتفاق وقف إطلاق النار لم يتناول منطقة شمال الليطاني واقتصرت بنوده على جنوبه، في حين أنّ الاتفاق يتحدث بشكل صريح على بسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها وتفكيك البنى العسكرية على كامل الأراضي اللبنانية مع ذكره عبارة "بدءاً من جنوب الليطاني"، عدا عن تأكيده في مقدمته على "الاقرار بأنّ القرار 1701 يدعو إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة، بما في ذلك نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان".
ثانياً، يُصوّب "حزب الله" على الدبلوماسية اللبنانية للقول بأنّها فشلت في انهاء الاحتلال الاسرائيلي أو في ردع الاعتداءات المتكررة، وهنا يُطرح السؤال البديهي: هل ساعد "الحزب" الدولة اللبنانية على بسط سلطتها كما ينصّ اتفاق وقف إطلاق النار، كي تتمكّن الدبلوماسية من كسب ذريعة مثبّتة لاتهام اسرائيل بخرق الاتفاق من دون أن تلقى ردًّا بالتهمة نفسها؟ وهل استطاع بالأصل "حزب الله" عبر وسائله العسكرية من إرساء معادلات الردع ووقف النار؟ وحدها الدبلوماسية مَن أوقفت النار وحقّقت انسحاباً من أكثرية الأراضي الجنوبية، ووحدها دون أي سلاح تمكّنت من تحرير عدد من الأسرى اللبنانيين.
ثالثاً، يُسوّق "حزب الله" عبر شبكاته الاعلامية أنّ اتفاق وقف إطلاق النار قد فشل، فما هو الذي نجح بالتحديد، معادلة "توازن الرعب" أو "قوّة الردع" أو "احتلال الجليل" أو "المدني بالمدني" أو "أوهن من بيت العنكبوت"؟ لا يمكن رجم الاتفاق قبل تطبيقه بالكامل، ولا يمكن لِمَن يمتنع عن تطبيقه أن يرجمه.
رابعاً، يتعمّد "حزب الله" شيطنة كلّ مَن يُشير إلى عدم تطبيقه القرار 1701 واستطراداً الترتيبات المرفقة التي أقرّتها حكومة ميقاتي أواخر العام الماضي، واتّهامه بتقديم الذرائع لإسرائيل كي تواصل عملياتها العسكرية والأمنية في لبنان، في حين أنّ عدم تطبيقه للقرار هو ما يمنح اسرائيل الذريعة لمواصلة ما ترتكبه. وبعد، إنّ "حزب الله" بفتحه جبهة إسناد غزة وإصراره، على مدى أشهر، على عدم التراجع عنها، رغم كل الاعتراضات الداخلية، هو ما منح اسرائيل الذريعة أمام المجتمع الدولي لتوسّع عملياتها وتشنّ حربها.
خامساً، يستسهل "حزب الله" الكلام عن تماهي شرائح واسعة من اللبنانيّين مع الخطاب الاسرائيلي، فهل بات الدفع نحو إرساء سيادة الدولة والتزامها بالشرعية المحلية والدولية واحترامها لما وقّعت عليه من اتفاق واحتكارها للسلاح ولقرار الحرب هو التماهي مع الخطاب الاسرائيلي؟ إسرائيل تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار و"حزب الله" يتماهى معها عبر عدم تخلّيه عن دوره العسكري.
سادساً، يُخوّن "حزب الله" كل مَن يقول أنَّ التمويل الخارجي وإعادة الاعمار لن يتحقّقان قبل تنفيذ لبنان التزاماته بما يرتبط بملف السلاح، وينجرّ كُثُر مع تهويل "الحزب" فيتمنّعون عن إعلان الموقف الفعلي للمجتمع الدولي الذي أُبلغ به لبنان، وبالتالي يتراجعون عن مسؤوليتهم في وجوب مصارحة اللبنانيّين، وبالتالي مَن يتحمّل مسؤولية عدم إعادة الاعمار وعدم عودة الاستقرار والازدهار هو "حزب الله" بسبب رفضه تنفيذ التزاماته.
إنّ التلطّي العام خلف قاموس "حزب الله" في تفسير المسلّمات الدستورية والقانونية والدولتية، لا يمنع الأسوأ ولا يمنح لبنان فرصة للتنفّس، بل على العكس تماماً، فهو يقوده إلى إجهاض الفرصة المتاحة لاستعادة دور الدولة ومستقبل اللبنانيّين بحياة آمنة ومزدهرة، فهل يخرج البعض من تحت هيمنة "قاموس "حزب الله"" ويصوّب قراءته وأفعاله وفقًا للقاموس اللبناني؟
ماريو ملكون
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|